العلويون بين نمو طائفية الوعي وضمور الوعي الطائفي!

نيسرين  عبود  ,ربا   منصور   :

     لاشك بوجود مرحلة متقدمة من طائفية الوعي عند العلويين , معظمهم    متحدون   داخليا ويعتقدون   بأن حماية مصالحهم    لايتم الا عن طريق تفاقم علويتهم , يؤمنون أيضا  عمليا وبشكل خفي وكامن  على  أن سورية  غير مقبولة, الا أذا أمنت   الهوية السورية لهم  عنصر  الهيمنة , أي أن وجودهم السوري  يفترض  نوعا من الهيمنة على الآخرين  , ويبررون كل ذلك  بخبرات مؤلمة سابقة , اذ تم استعمارهم   واستعبادهم  من قبل السنة  أيام الاستعمار العثماني ,كل ذلك قاد  سابقا الى المطالبة بدولة علوية  في العشرينات من القرن الماضي, وقد تم انشاء هذه الدولة التي كان لها من العمر  عشر سنوات تقريبا  , بعدها  عادت  المنطقة الساحلية الى سوريتها .

لم ينقطع الأخذ والرد حول الدولة العلوية لحظة, ولم تنقطع  ضمنيا الرغبة العلوية في قيامها لحظة , كما انه لم ينقطع  الرفض العلوي ظاهريا لها لحظة ,  المتمرس  في الداخليات العلوية يعرف على ان ٩٥٪ من العلويين يريدونها خفيا  , وبالمقابل  يرفضها ظاهريا ٩٥٪ من العلويين , وسبب التباين بين الظاهر والخفي  يعود الى   عدة أسباب   , منها  الباطنية العلوية , ومنها أيضا عدم تمكن الطائفة من  تكوين  وعي طائفي يسمح  بالمجاهرة والمصارحة  , ويسمح لها  بالتخلص من نفاق  العروبية  …الخ , لم يتكون عند العلويين وعي طائفي  كالوعي الطائفي اللبناني مثلا , فاللبناني  مريض طائفيا , بالمقابل ابتكر اللبناني  وعيا طائفيا علاجيا , اللبناني يصارح  بطائفيته  ويعمل صراحة من أجل طائفته  ,  يحاصص  ويماحص  ويقوم بتكوين الاحلاف  الطائفية , بالنتيجة يمكن القول على أن الوضع اللبناني سيئ  ,الا أنه   أفضل من الوضع السوري بألف مرة .

لقد اخترع اللبنانيون علاجا مهدئا ومسكننا  للمرض الطائفي ,أما في سوريا  فقد اخترع السوريون  الدجل  والسكين  والبندقية كعلاج  لطائفية سورية لانظير لها ,لقد توغلت الطائفية  في  نفوس كل  من  يهيمن  ويحارب  , العلوية  السياسية كممثل  للسلطة مارست    الى  جانب   الفصائل المسلحة  كممثل  عن  السنية  السياسية ,  كل  مايمكنه  تدمير  البلاد  من  حجب للحريات  واجهاض لكل  تطور  باتجاه الديموقراطية , توحشوا  وسمموا بالغاز  وذبحوا  وأحرقوا  وقتلوا الأطفال وأسسوا  لعصابات  امتهنت كرامة المواطن  والوطن  وأسسوا لعداء  دموي تاريخي  بين   فئات  الشعب   بحيث  انقسم  المجتمع    جغرافيا  وديموغرافيا  وهرب  من  الوطن  من  يستطيع  الهروب  واللجوء  بحثا  عن   حياة   أفضل.

أحد مواطن   الخلل   في المجتمع السوري يكمن في عدم تمكن الأسدية العلوية من تطوير  وعي طائفي   يضمن  توازنا بين الطوائف ومحاصصة مقبولة من الجميع  كما كان  الحال اللبناني  أو  حتى   الحال   العراقي  , الا انه من الصعب على الطائفة العلوية  انتهاج المسلكية اللبنانية , فالمسلكية اللبنانية  التحاصصية  قامت على واقع  كتل ثلاثة  متقاربة في حجمها,  وهي الكتلة المسيحية والكتلة السنية ثم الكتلة  الشيعية ..هناك رئيس الجمهورية  وهناك رئيس المجلس النيابي ثم رئيس مجلس الوزراء  كرموز للكتل الثلاثة , أما في سوريا فالمحاصصة تعني  أمرا آخر ,حصة العلويين سياسيا واداريا  قد لاتتجاوز ١٢٪ , ويصعب على الطائفة التي هيمنت لعشرات السنين على مقدرات البلاد بنسبة ٩٥٪ أن تكتفي بنسبة ١٢٪ ,وحصة الأكراد ستكون  بالنسبة لعددهم  أكبر من حصة العلويين  , أما حصة السنة  فستكون عملاقة  بالنظر الى نسبتهم   التي تقدر بحوالي 60٪ من الشعب السوري , لقد اعتادت   الأسدية  على وضع  يضمن لها كل شيئ , والتراجع  يبدوا  بالنسبة للأسدية  أمرا صعبا أو بالأحرى مستحيلا , وبذلك وضعت الطائفة نفسها في  مطب عدمي  , اما الطغيان  أو الانقراض ..اما قاتل أو مقتول  ..اما الأسد أونحرق البلد .

ان ماوصل اليه المجتمع السوري من تفسخ  ليس قدرا , لقد  كان بالامكان  الوقاية  من التفسخ   المجتمعي   بعدة   طرق   , فتطوير  وعي طائفي  باتجاه محاصصة طائفية كان  من أضعف الايمان , أنه قادر على تلطيف الوضع بعض الشيئ, والأفضل بكثير كان  تطوير وعي سياسي  باتجاه انتماء سياسي   مدني  يضمن حقوق كل مواطن  مهما كان انتمائه المذهبي , والأسدية التي الغت السياسة بحد السيف , هي التي  أوقعت المجتمع في براثن طائفية  نشطة (صحوة  طائفية  كانت   ضعيفة   نسبيا  وكامنة ) ,   طائفية لاتضمن الحق لأي سوري  مهما كان  ومن كان , الطائفية تهدر دم  الأكثرية والأقلية ,   كيف  ستتطور   الحالة  السورية  ؟؟؟نثمن      آلائكم  !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *