تأليه ادارة التوحش …

 سمير صادق:

الأمر  وما فيه وماعليه كان  عبارة عن انقلاب قامت به أصولية دينية , صبغت الحالة السورية بصيغتها ومضمونها الرئيسي, الذي هو ممارسة العنف المسلح لأسباب مبدئية أولا , حتى وان لم يكن  للعنف  ضرورة موضوعية , العنف بحد ذاته  كان   الهدف ,لأن العنف بتجلياته القتالية الحربية هو الطريق الأمثل والأسرع الى الشهادة , وبالتالي الى اكتمال حالة مايسمى المسلم الأعلى     الموعود   بالجنة   وحورياتها . 

 أسهل الطرق الى افتعال حالة العنف والحرب هو خلق حالة الخلاف , وما اسهل من خلق  الخلاف , هنا يكفي التمسك بعصمة وقداسة   النص الديني وتفاسيراته المطلقة الجامدة ومطلقيته, لكي يصطدم كل هذا بعصمة نص ديني آخر, أو حتى بمبدأ   النسبية , وما   أسهل من خلق حرب بين مشيئة البشر ومشيئة الله , فمشيئة البشر مختلفة ومتنوعة ومتعاكسة ومتوافقة, أما مشيئة الله فهي واحدة,    الصدام   بين   الممشيآت   المختلفة     امر   شبه    حتمي ,

“تألهت” الحالة السورية بعد الانقلاب  الأصولي  , ولبست ثوب الدين , وبذلك  ابتعدت   أهداف   الثورة   عن  مسبباتها  ,  مثل  حالة الفقر والتأخر والاستبداد واغتيال الحريات وتعمق الديكتاتورية , لم تعد للصراعات  العسكرية   الدامية   اي   علاقة مع كل هذه الأمور , مثل   أمر   الحرية  والعدالة   الاجتماعية  , الصراع تحول الى  حرب    بين الكفر والايمان بين علوي وسني , بين   شيعة واسلاميون , بين نص ونص وبين عقيدة وعقيدة , لذلك   لفظ   التأليه  البعض   من ما   سمي  رماديين,  الذين   تحولوا   الى   غرباء  عن الوضع    الصراعي   الديني,  ليس    للرماديين مصلحة بحرب مذهبية, وليس   لهم  التحزب   لأي   طرف   محارب  ,

  يتمركز   اهتمام  العلماني  الرمادي  حول الأرض وما  عليها  أي حول” ثورة ” لأنه  للثورة  مسببات وأهداف أرضية , أما مارأيناه بعد الانقلاب فله علاقة بالسنة والشيعة  والمذهب  والطائفة , الدليل على أنه لاعلاقة للأرض والبشر “كاهتمام” بماحدث   كان    ذلك الاستسهال والانفلات في تحطيم كل شيئ كالطوفان   أو   الزلزال , الانقلابيون   قتلوا  الانسان من أجل احيائه , وهدموا   البيوت   برسم   بنائها  ,  القتل والتخريب   وسيطرته   على   الحدث كان  دلالة على “ثانوية” مسألة الانسان  , وأولية مسألة عميان الاديان , مع هذه الحالة الجديدة تلاشى التطابق النسبي بين كينونة الحركة وأهدافها وبين كينونة وأهداف وطموحات العديد من أفراد الشعب السوري, الذين سقطوا في الغربة   عن    الوضع       .

 لم  يمثل  الوضع الانقلابي استمرارا لثورة آذار ٢٠١١ , لا من ناحية فلسفة هذه الثورة المبنية على فلسفة الربيع العربي , ولا من حيث تكامل شعبيتها في التعاكس مع الأسدية , ولا من حيث أدواتها العنفية وخلفيتها الغيبية الايمانية , ولا من حيث بعدها عن النسبية العلمانية , فالضدية للعلوية الشيعية لاتصنع ثورة , أنها  ضدية  مبنية  على  أسس  أقدم  من  الأسدية  بالعديد من   القرون .

  تحول      الأمر     بعد   الانقلاب  الى  حرب طائفية   لم   تأخذ  بعين الاعتبار الانسان والأرض , و أحد   الأدلة   على   ذلك  كان   ادعاء حزب الله وايران, من أن هدفهم الحربي المبدئي  هو  حماية المراقد وممارسة التشييع وبناء الحسينيات   لكي    لاتسبى   زينب   مرتين  , الجهة الأخرى  بوهابيتها  لاتقل بعدا عن ثورة الأشهر الستة  الأولى عن خمينية الجهة الاولى , في هذه الحالة   لايمكن    للعلماني    سوى  الابتعاد    عن    الشر   , مهمته   كانت   أصلا   مواجهة   كل    أطراف    الأديان   والحرب,  وهذا   الأمر   صعب   الى  مستحيل   بدون   المدفع  والساطور   ,   العلمانيون   لايقصفون   بالمدافع   ولا   يستعملون   السواطير   .

  لم   يشارك   العلمانيون   أو   الرماديون  في قتل البشر وتهديم البلاد , ولم يكن الشركاء في هذه الحرب القذرة يوما ما علمانيون , وقذارة هذه الحرب  لن تحولهم الى علمانيين , حرب  العقد   الأخير  أوقفت مؤقتا استمرارية ثورة,لم تموت ولن تموت , معظم ثورات العالم عرفت عقبات  مشابهة  , الحرب فرزت بشكل واضح بين البشر والحيوانات, حرب تمارس  التوحش ليست ثورة  ,  وسلطة    تمارس   التوحش   ليست   شرعية   …انه  توحش  حيواني  !!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *