البجم والسياسة البجمية ..

ميرا   البيطار ,    سمير   صادق   : 

6 شخصيات تفتقد مؤلفها | المصري اليوم لانعرف مصدر كلمة “البجم” , الا اننا  نعرف مايقصد بها , ومن خلال ذلك  نستطيع القول  على أنه  بين العرب  الكثير الكثير من البجم ,   الذين لايفهمون ولا يستوعبون  حقائق الدهر  والعصر , حتى انهم  لايعرفون انهم متأخرون بكل المعايير , ان كانت علمية او انسانية أو سياسية ,  التأخر لم يكن  خاص بالسلاطين  حصرا ,انما كانت وما زالت الشعوب  أيضا متأخرة في فهم   العديد من  جوانب   واقع   الحياة .

– بين بجم العرب    وبين العالم  كانت هناك  وما زالت جدران وأسوار فاصلة , والسلاطين  كانوا  أكثر ادراكا  لمخاطرالانفتاح  وهدم الأسوار وازالة الجدران من غيرهم , الى أن أتت العولمة,  التي هدمت الأسوار والجدران وألغت العزلة  , تواصلت          الشعوب  مع بعضها   البعض  ,   تنورت  وعرفت الكثير عن الحضيض   الذي وضعها  في   المكان   الذي   وضعت به ,  استوعب  البعض   هول  الحالة  وعمق المشكلة , لذا   كانت   هناك   ثورات  ,  نجحت  في ما يجب أن تنجح به مبدئيا  بشكل   متواضع   جدا  , 

–  لم يدرك   السلاطين وجود اسباب للثورة واندلاعها   , و لم   يتعرف   السلاطين   وأذنابهم على الثقافة الجديدة , التي أتت     بطرق    لم يحسبوا لها حساب ,  مثل الفيسبوك وثقافة حرية  الرأي  ,لم   يتمكن   السلاطين  من  ثقافة  سوى من ثقافة  الفساد والاستعباد  , ولو  تمكن   السلاطين   من   تصور  غير الفساد والاستعباد, لكان لهم   فعلة مخالفة,  لقد   فقدوا الحساسية     للطبيعي في كيان الانسان ,    لقد   الغي   فكر   الانسان   ومنع   التفكير   أي  الغي   الانسان   الذي   يفكر   ,   مثلا  عندما    اعلن   عن   نتائج   الانتخاب    الرئاسي   الأخير   في   سوريا  ,     لمسنا   شكلا مرعبا  من   الغاء   الانسان    وفقدان     الحس  الطبيعي  مثل   حس   الخجل  ,   النتائج  قالت   ان   حوالي   98٪  من   السوريين    صوتوا     لصالح   الفشل    الأسدي   ,   لقد  كان   ذلك   والكثير   غيره  مشهدا   من  مشاهد    الدجل   والكذب   والتزوير والغدر     بالانسان  وبالحقيقة  وبالعقل ,اذ  لا ضرورة   لكي   يفهم  المواطن  أي  شيئ ,المواطن ..ماهو المواطن ؟..انه  سلعة    بخسة    يبتلعها    السلطان   بلحمها  ودمها  , أما السلاطين  فقد  بقوا في قصورهم وأوكارهم , وأصبحو سجناء أنفسهم  ,لم يكن بامكانهم فهم الحقيقة التي تقول, على أن السطوة غير السيطرة  , بالسطوة وحدها لايمكن منع الفكر  ,  وبالسطوة والكرباج لايمكن السيطرة على الشعوب  وتوجهاتها  , من يريد أن  يقود ويؤثر على  وجهة المسيرة عليه أن يكون قدوة , وأن يكون خادما  للوطن , لا  أن يحول الوطن الى مزرعة      يتملكها  .

   صعقت المعارف الجديدة   بخصوص  الحرية والديموقراطية  الشعوب العربية  خاصة   الأجيال   الجديدة , ودفعت  هذه   الأجيال  للقيام  بما لم يكن متوقعا,فالخوف خاف    من   الانسان  وهرب    ,   بدأ   الانسان    في  استعادة  ملكيته   لنفسه ,        ثار  وأصر  على اسقاط السلاطين   وهدم قلاعهم   , بدأ بالرؤوس  ولا يزال الاسقاط على قدم وساق , وما حققته الثورات لحد الآن , في أكثر من خمس دول عربية ,  كان   بالرغم   من   تواضعه   الشديد صعب التصور , لقد كان من الصعب تصور ثورة في سوريا  ضد سلطة  لاتتورع   عن   أي   اجرام   , تقتل الأطفال  وتهدم المنازل فوق رؤوس ساكنبيها  وتعرض البلاد الى   الاندثار  وتسمح لنفسها بالقيام بأعمال تدينها أمام  المؤسسات الدولية  والمحاكم , ومنها محكمة الجنايات الدولية  ومفوضية حقوق الانسان  ومنظمة العفوالدولية  والصليب الأحر الدولي  ومنظمة اطباء بدون حدود  ثم الجمعية العامة للأمم المتحدة   الخ , وحتى الجامعة العربية   رأت  أن اعمال السلطة موجبة  لمثولها  أمام محكمة الجنايات الدولية , كل ذلك كان جزءا يسيرا  من  شرور    االسلطة  على مدى    نصف   قرن  , وبالرغم من ذلك  ترى السلطة في نفسها  لحد  الآن   التأهيل الكافي لقيادة البلاد, وهل   هناك  بجمية  أكبر من هذه البجمية ؟
 بالرغم من كل ذلك  , لم يكن بامكان بجم السلطة السورية فهم واستيهاب ماهو مفيد من الواقع , لقد  فهم   البجم  ان الوضع لم يعد ملائما لهم , وما كان منهم  الا أن أشهروا اسلحتمهم ..عليهم ..عليهم…. قتلا وسحلا وتنكيلا , ثم اطلقوا العنان   للشتائم  والتخوين  , ممارستهم الوحيدة , الى جانب التقتيل,   التخوين   قال  , انها  ليست   ثورة  , انما  مؤامرة  صهيونية   عالمية , وكأنهم  يتعجبون .. كيف يتحرك  شعب   قتلوه  , كيف يعلو   صوت  كتموه  , كيف يتمرد  مخلوق   استعبدوه  ,   ظنوا   بأن الشعب ميت لاينهض   ,    لكن   الميت كان  بجم  السلطة    ,   التي   لاتستوعب , ولا   تفهم.
   ظنت   السلطة   بأنه   من  مصلحتها الحفاظ على استمراريتها ,  وجني المكاسب من هذه  الاستمرارية ,  ولم   تدرك   على   أن   هذه   الممارسات   بالذات   ستقضي   عليها, فشخصنة وتطييف  وعسكرة السسياسة ,  قضى   على    الجميع   وعلى   السلطة   ايضا ,  قتل   العقل   واغتيال    الحريات مهلكة    للجميع  ,   لم  تكن هناك   فائدة   من  التمويه  والتجاهل  والوحشية   والقتل والسجون,    وكما   نرى   الآن لم  تكن   هناك  فائدة   من   تهجين     العروبية  القومية ومحاولة    اغتيال    السورية  الاقليمية   القطرية, ثم  ماذا  استفاد   الوطن    من  سرقة   المليارات   ,  التي   تمثل  القاسم المشترك بين الجميع  ملوك ورؤساء  وجملوكيين , واين  كانت    الفائدة  من محاولة التوريث   ومن   التوريث  ,   التوريث   الذي    تم   هنا  وفشل   هناك ,من أجل كل ذلك حللوا اغتصاب الشعوب , وساهموا في فرزها   قبليا وعشائريا وطائفيا , واستبدلوا   تلبية حاجات المواطن الحقيقية  بممارسة  صراعات وهمية  مع  عدو  وهمي  ,ماذا    جنوا   من   قلب   القيم  وتزوير      دلالات   المفاهيم  ,    لقد    حولوا   كل   هزيمة  واقعية     الى  نصر   لفظي   ,     عكسوا   الخسارة   الى  مكسب   كلامي  , الصدق   أصبح        كذب ,  والمواطنية عمالة  ,  والأمانة سرقة , والقتل  فضيلة, كل  ذلك  وأكثر.. كان  من أجل الدفاع عن  سلطة   وتسلط     حولهم   الى  وحوش  كاسرة    بنظر     الداخل  والخارج ,  تتمثل بجمية السلط  بكونها لم تشعر بتغير المناخ, ماكان حتى يوم   أأمس  مفيدا , أصبح اليوم ضارا , لقد غاب عن نباهة  السلطة عامل الزمن كليا ..
 في النهاية   نريد  القول , على أنه من الممكن  فهم  مسلكية وموقف السلطة جزئيا  من التطورات , فالتطورات كانت مفاجأة   للسلطة  لم تفعل في عشرات السنين الماضية  سوى   ما   يمكنها  من    تجنب تطورا كالتطور الأخير (عام  ٢٠١١-٢٠١٢), ظنت  السلطة  على أن مناعتها تامة , كاملة وشاملة , اضافة الى ذلك  كان   هناك  ايمان السلطة العميق بمقدرتها القمعية  (وصفة   حماه ) , كل  ذلك وقف   عائقا  أمام حركة شبابية عفوية تلقائية وبريئة ,   ولمن يستطيع الفهم   والتصور (ليس البجم طبعا) كانت  الثورة مناسبة جيدة , لكي تستطيع السلطة انقاذ نفسها ,  ولو  جزئيا, ماذا   لو تمكنت     السلطة من   احتضان    الثورة ؟؟؟؟
 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *