جدلية التوحيد والانغلاق والتأخر ….
التوحيد هي المنطلق الأساسي للعقل الديني ,,,هنا أاتحدث عن منطقتنا وبالتالي عن الاسلام , لا وجود للعقل الديني بدون التوحيد ,الذي يمثل مسلمة عقيدية فطرية مستولية على العقل والهدف والفهم والقيم ,وأساس هذه العقيدية البديهية هو الايمان المطلق بالله .
– في سياق البحث عن اشكاليات الثقافة العربية وانسدادها وتقلص مقدرتها الابداعية واستهلاكها لذاتها وغربتها عن الآخر وعدم مقدرتها على التواصل, نجد لذلك العديد من الأسباب الافتراضية , أحد هذه الأسباب كان التوحيد الذي بشر به الوحي الديني , التوحيد يمثل الرؤية الواحدة لكل شيئ, والذي قضى على التعددية الوثنية في نمرحلة معينة , وتحول الى هيمنة ديكتاتورية استلبت من الانسان حريته ,وحولته الى عبدا يتعبد ويعبدها , توحيد حاصر الانسان ومنع عنه ماعداه من روافد فكرية أو ثقافية , توحيد مستعبد رافض للفكر الآخر , انه شمولية مؤسسة على المطلق ,مكفرة!! ,وما عداها زندقة وهرطقة, يجب لوي رقبتها بسيف الرسول وساطور الله .
-اليس من المنطقي والحال كذلك اخضاع الشموليات والأصوليات والوحدانيات لعملية التفكيك بحثا عن مصادر العبث بالعقل والرأي الآخر والتعددية الفكرية الضرورية لكي يبقى المخلوق البشري انسانا معتوقا من العبودية ومن السلاسل التي تقيده والحجاب الذي يعميه والنمطية الواحدة التي تحوله الى نوع من المعلبات .
– لقد انتصر التوحيد على التعددية في مرحلة معينة , الا أنه لم ينجح الا في التأسيس لأنظمة الواحد الأرضي كنظير للواحد السماوي , ثم ماهي انجازات هذا الواحد السماوي لحد الآن ؟, كثر الحديث عن الحروب والديكتاتوريات والقتل وابادة البشر والعنصريات التي كان محركها المطلقية والنظرة الواحدة للحياة وقوانينها ,كل ذلك قاد الى التعارك بدون نهاية في سبيل الله, أي في سبيل التوحيد , الذي لايسمح بالتسالم مع الآخر بدون التأسلم , أي الاخضاع وتعميم الشمولية التي سحقت الانسان وقمعت الرأي المختلف والمخالف.
-باسم التوحيد ومن أجله تم اخصاء الثقافة وتدمير المعرفة في هذه البلاد , ومن منا لايعرف شيئا عن الرازي أوالخوارزمي أو الكندي أو الفارابي والبيروني وابن سينا وابن الهيثم ثم ابن رشد وابن باجة وابن طفيل والطبري وابن المقفع وعمر الخيام والحلاج والجاحظ وابن بطوطة وابن خلدون والمعري ..الخ ,لقد تمت تصفيتهم جميعا بطرق مختلفة ,والسبب كان خروجهم عن التوحيد وممارستهم للنقد أو تبنيهم لفكر آخر .
-لابد في هذه المناسبة ,وبعد انتقال الفكر البشري من مرحلة الوثنية الى مرحلة التوحيدية من طرح السؤال التالي :هل كانت الوثنية وتعدد الآلهة قاحلة حضاريا ؟ وهل بدأ الفكر التعددي الناقد الخلاق بالتلاشي مع بداية التوحيدية ؟ وهل يمكن على سبيل المثال مقارنة الحضارات التي نشأت في ظل الوثنية مع الحضارات التي نشأت في ظل التوحيدية … مقارنة وضع المرأة وثنيا مع وضعها في ظل التوحيد ؟ -أين هي عشتار وأفروديت وزنوبيا ونفرتيتي , وماذا عن حمورابي وعن الألعاب الأولومبية وعن سقراط وأفلاطون والفلسفة الاغيريقية واليونانية وحضارة مابين اللرافدين والحضارة الفينيقية والفرعونية , وهل انجبت حقبة التوحيد شبيها لكل ماذكر ؟ هل كانت سوريا التعددية الوثنية متأخرة مقارنة مع سوريا التوحيدية, اليس كل او حتى معظم مانراه اليوم من شواهد على قيام حضارات رائعة تم في ظل التعددية الالهية الوثنية ؟
– لقد انطلقت في الحديث عن التوحيد من حيث كونه واقع افتراضي لحاضر هذه البلاد …لا اله الا الله الواحد الأحد , ولكن هل التوحيد واقع ؟ وهل لاوجود الا لله الواحد الأحد لاشريك له؟؟؟ وهل التوحيد بالشكل المعلن عنه والمروج له خرافة ؟الله على مايبدو ليس واحدا لاشريك له , ولا يمكن ان يكون الله الواحد مصدر للتناقضات الكبيرة , تارة ينصح هذا الله الوديع الواحد الأحد من ضربك على خدك الأيمن فحول له الأيسر , احب غيرك كنفسك , تارة أخرى ينصح الشخص او الاله بوذا اتباعه بالسلمية ويمنع الحروب , ثم يأتينا اله آخر ناصحا ” وأعدوا لهم مااستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونكم لاتعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيئ في سبيل الله يوف اليكم وأنتم لاتظلمون …. اله يقتل ويحرق ويذبح ويشوي الناس في النار , اله يمنع تعدد الزوجات واله يسمح بتعدد الزوجات بالعشرات لنفسه وبالأربع لعبيده .
– من كل ذلك يمكن القول ان التوحيد كذبة وخدعة كبيرة , ساهمت في انتاج الديكتاتوريات وفي تكريس الجهل والفردية والانانية,والانغلاق وبالتالي التأخر , خاصة بالشكل الذي تمارس به في هذه البقعة من العالم .
Post Views: 162