عثمانلي :
كلما ازداد العروبيون عصرا للعروبة وبحثا في جوفها عن مرجعية فكرية او عن انقاذ , ازدادوا غوصا في وحولها , لاتليق بأي وضع يجب حله , ولا يليق بها أي وضع , لم يبق من العروبة أكثر من التمظهر في الخطب الحماسية وفي مؤتمرات التدجيل والتهجين العربية, يغير العالم جلده ووجهه بفترات قصيرة , كل شيئ يتغير ويتطور باستثناء العروبة , الباقية على عهد الفتوحات وأمجاد الكذب الغابرة ,
المعركة التي يواجهها بعض العرب بسلاح العروبة , هي معركة فكرية , فكيف سينجح العرب بمعركة الفكر بعروبة لافكر لها , انما بعروبة تمارس اجترار الأكاذيب والأوهام , عروبة فارغة من النجاحات ومليئة بالفشل , وكم دعا مهاتير محمد العروبيون الى ملئ العروبة على الأقل بمواد المعرفة العصرية , وبالاستفادة من خبرات الآخرين , التي يمكن الحصول عليها دون مقابل …. دون جدوى !!
التردي عام وشامل كامل, وهناك المئات من مسبباته , سأقتصر على ذكر بعض المسببات , أولهما غياب الفكر أو مايسميه البعض المرجعية الفكرية , غياب يمثل أزمة حقيقية تاريخية وحضارية , بتجليات متعددة , منها أزمة الهوية, ينتمون الى شيئ لاوجود ولا معنى أو مضمون له , وبذلك خلقوا بما يخص الهوية فراغا , تم ملئه بقمامة البدوية والفردية والعشائرية ثم الطائفية ومفاهيم الفرقة الناجية ثم الولاء والبراء, عدم المقدرة والارادة على صنع الجديد , التي أرغمت العروبيين على البحث في صنوق العتائق ليبعثوا في الصدئالصدأ الصدأ حياة لايمكن لها أن تكون حياة بحيوية , ماتوا بالصدأ والعفن وبالغيب والايمان … قاتل العقل ,لاينتج العقل المقتول سوى المزيد من التردي , لا انقاذ للعقل الجريح المغدور سوى باحياء الشك والنقد والابتعاد عن المطلق والمقدس .
المسبب الثاني كان الغياب الكامل وشبه المطلق للتنفيذ , واستبدال التنفيذ بالحديث عن التنفيذ ,انه حديث فقط لا أكثر , طفرة كطفرات مكافحة الفساد …فالحرب على الفساد اقتصرت على الطفرات … قبل فترة ليست بالبعيدة تم القبض على موظف ارتشى بخمسين ليرة … تصدر وزير الداخلية المشهد وتم تصويره , ونقل صورته المحببة على قلب السوريين على كافة وسائل الاعلام المحلية …. افرح ياسوري ! لقد انفرجت ! وتمت ملاحقة المرتشي البغيض , وبدأ العد التنازلي لمؤسسات الفساد , انتهى التصوير وانتهت الثرثرة وانتهت العراضة , وازداد الفساد تجذرا وعمقا …. هكذا تتم محاربة الفساد يا أخ العرب !!!نستششيط في الثرثرة عن الخطط والمشاريع العملاقة , التي سيحققها قزم التنفبذ , قال أحدهم اننا امة صوتية …ومعه حق !!
نعيش في حالة حلمية انفصامية اجترارية لماض مضى وانقرض , ماض تعيس واجرامي فتوحي … اننا نمارس الزعيق والاستنكار للمؤامرة والاستعمار , وفي نفس الوقت نتبختر وننتفخ بفتوحات بلغت خساستها درجة ارغمت عصبة الأمم قبل قرن من الزمن على منع تداول مفهوم الفتوحات , وبالرغم من هذه الشرشحة الفتوحية لانزال على العهد ياخالد ابن الوليد ويا سلطاننا سليم الأول , اهلا بسليم الأول , وأهلا وسهلا بجيش محمد الاردوغاني , الذي اعاد الأمور ولو جزئيا الى نصابها الطبيعي , الخلافة ولو كانت عثمانية هي الطبيعي دينيا , والطبيعي دينيا هو الطبيعي دنيويا !دنيانا وهم كجنان سمواتنا