فاتح بيطار , ميرا بيطار :
النفسية والعقلية العربية -الاسلامية متورطة الى حد اللامعقول بغرابة كل مايحدث على يد بعض المسلمين في البلاد وخارج البلاد , نقف الآن مجددا أمام مشهدية بتر الرؤوس , وبذلك يمكن القول بأن هؤلاء يمارسون اصرارا مفجعا على البقاء في الجهل والاجرام وعدم التعلم وانقراض المقدرة على الترقي والتمدن والتأنسن , المشكلة لاتنحصر بارهابي واحد ذبح شخصا آخر في باريس , ولأي سبب كان … ! لقد ذبح !! , وهنا تكمن الاشكالية المعيارية القيمية , فالذبح لايزال كعقوبة حاضرا في قواميس ونواميس العديد من المسلمين , والدليل على ذلك ليس تذبيحهم للغير , انما طرق تبريرهم للذبح…. نظرة عابرة الى التعليقات كافية(العربية) , كل ذلك يرغم الجلد على الاقشعرار خوفا وخجلا من الفعلة , ومن المتوقع من أفعال مشابهة , التي تتطلب تقييما جديدا لحالة يمكن القول بأنها ممثلة لصنف من المخلوقات , التي تقترب بخواصها من خواص الوحوش الكاسرة .
يبررون التذبيح ويستحسونه ويستلطفونه , لأن البادئ أظلم! , أي أن مادة عقوبة الذبح متواجدة في قوانين العقوبات تراثيا وعرفا , حدوث ذلك في القرن الحادي والعشرين وفي ظل استحباب الديموقراطية وتطبيقاتها , يرغم على التفكير بشكل آخر , لم تعد الأجوبة المعتادة كافية , يجب الاجابة بشكل آخر وبفكر وطريقة أخرى , فهل هذه الديموقراطية قادرة على مواجهة الارهاب , الذي لاينحصر في السلاح الأبيض لذباح باريس , انما يتمدد الى الرؤوس والأخلاق والمعايير والقيم والممارسات , ذباح باريس ليس المشكلة , انما المشكلة كانت ولا تزال في كثرة الذباحين النيام وكثرة الخلايا المسلخية النائمة , التي تتعيش من المال الديموقراطي, وتأكل من هذا المال , وتنعم بالمساواة في ظل هذا المال , هؤلاء مجموعات تحولت الى لاجئة بلا وطن , وكان لها الوطن في الغربة , وبدون رب يحميها ويطعهما , وكان لها هذا الرب في الغرب , وبدون رغيف خبز في أوطانها القديمة , وكان لها رغيف الخبز في الأوطان الجديدة …. كان لها بحكم القانون والعرف كل ماتصبوا اليه نظريا , اضافة الى ذلك, كان اللجوء أمرا طوعيا , ولم يرغم الأوروبيون ذباح باريس على تشريفهم بقدومه , لقد جاء بالرغم من عدم الود في استتقباله …. جاء مستنجدا وطوعا , وبقي جاحدا , جاء وجلب معه الرسول وقرآنه , …جئتكم بالسيف !!, جاء وأراد بقدومه تحويل الشعوب التي استقبلته الى شعوب لاجئة جائعة تعسفية فاقدة الضمير والوجدان , جاء مبشرا بارهاب السيف والسكين , كأداة لاحقاق مايراه حقا , وينظم حياة الآخرين كما يراه صحيحا , يريد في الملجئ ان يتحول الى المسلم الأعلى , الذي لاينال الحورية الا بذبح استاذ التاريخ على قارعة الطريق .
هل بامكان الديموقراطية الغربية أن تتعامل مع وضع من هذا النوع ؟؟؟ يبدو وكأنها لاتتمكن من النجاح بتعامل من هذا النوع , قال فتحي المسكيني ان وجود الارهاب هو علامة على خلل جذري في ماهية الحداثة نفسها , اي في الديموقراطية الممثلة للحداثة , وما هو هذا الخلل , الذي من خلاله استمر تصدير الارهاب وممارسته بالشكل الذي تم قبل ايام …وقبل ايام من هذه الأيام وهكذا ….تكشر الوحشية عن انيابها تطعن وتقتل وتفجر , ثم يبدأ الشجب ويعلن عن المناحة وتبدأ البكائية , التي تستمر بعض الأيام , وتعود الدارة المعيبة الى الدوران …. والدوران …الى متى وكيف ؟؟
ليس من المستصاع تفنيد كل الجوانب الخاصة بالارهاب وتصديره , الا أنه من الممكن ذكر بعضها , ومن بعض الأسباب يمكن التنويه الى العولمة , التي تعتبر احد أهم تمظهرات الحداثة وحتى الديموقراطية , ارادت العولمة فتح الحدود بقصد تبادل السلع وتنشيط التجارة ..طبعا بقصد زيادة المكاسب والمرابح ويقال لفائدة الجميع , لم ينتبه الغرب الى ماهية سلعة معينة , لم يكن مقصد العولمة تسهيل مقايضتها , الا أن الواقع برهن على أن العولمة الفاتحة للحدود أمام البضائع , فتحت الحدود أمام بضاعة الارهاب وأمام المنتجين والمصدرين لهذه المادة.
لقد كانت العولمة من صنع الغرب , الذي لم يصنف بضاعة الاستيراد والتصدير بدقة , لذلك قال الفيلسوف الألماني هابرماس يجب اعادة الارهاب الى من مكنه من الاستيراد والتصدير , أي الى العولمة الغربية نفسها , فلولا العولمة وفتح الحدود لما كان هناك الشياشاني ليذبح استاذ التاريخ كما فعل قبل ايام , ثقافة الاستهلاك الاستفزازية (مابعد الحداثة) لم تترافق مع ادراك ثقافة ملايين الوافدين ,وبالتالي كان هناك اهمال غير مقصود بما يخص التعامل مع الآخرين بما يخص حقوق الانسان بشكل عام …كل ذلك الاهمال ولد من رحم الديموقراطية التي عانت على مايبدو من خلل في طرق تعاملها مع ملايين الوافدين من اللاجئين وبالتالي ولادة اوضاع يمكن القول بأنها مذرية وكارثية .
ماذا يعني تعامل الديموقراطية بخصوص حقوق الانسان مع الجميع سواسية ؟, يفتحون الأبواب أمام ملايين الناس, ولطالما فتحت الأبواب وأعلن عن ضرورة احترام القانون , لذا سيتم احترام القانون ,هذا وهم !, انه خلل في تطبيقات الديموقراطية , وهكذا شجع هذا الخلل البعض على احتراف الاحتيال على القوانين , التي لاتتمكن نصوصها من حمايتها , لابد من وعي ديموقراطي ولا بد من ديموقراطية الوعي , وأين هو الوعي الديموقراطي عند بعض جماعات وشعوب المشرق ؟؟, الفشل هو مؤشر على وجود الخلل , وعلى السؤال كيف كان من الممكن تدارك ذلك ؟ لايمكن للفرد أن يجيب على السؤال بعلمية , انه سؤال موجه بالدرجة الأولى الى السياسيين والحقوقيين وليس الى كتبة سيريانو .
ماهو مستقبل الملايين بقضهم وقضيضهم وبالخلل في وعيهم الديموقراطي , وتباين ثقافتهم عن ثقافة الشعوب التي استقبلتهم ؟؟؟وكيف سيكون مستقبل مادة الارهاب التي جلبوها معهم , وما العمل مع الارهاب عندما نعرف بأن الحرب على الارهاب قد تقود الى اعادة توليد الشر الذي تدعي العمل على اسئصاله , بعض الأصوات تنادي بالتمسك بالديموقراطية في الغرب وتعامل دول الغرب مع اللاجئين كمواطنين هذه الدول , هو شكل من أشكال مقاومة الارهاب ,هناك وجهات نظر أخرى ومتعددة , والأمر لايقتصر على الاصرار الديموقراطي .
لقد تم التعامل الديموقراطي الى حد بعيد , الا أن الارهاب بقي ويتزايد ,كل ذلك جعل من شكل مغاير للديموقراطية الغربية التقليدية ضرورة , الديموقراطية الخلاقة متمكنة من ابتداع هذا الشكل , الذي يحقق الوقاية من الارهاب المستورد , ويقود الى تنظيم حياة اللاجئين بشكل يضمن لهم انسانيتهم وتطورهم الى الأفضل , قد تكون فكرة مساعدتهم في أوطانهم الأصلية أكثر فائدة من مساعدتهم في البلدان والدول التي استقبلتهم …… انها فكرة لاتدعي الصواب ولا تحتكره , انها مجرد دعوة للتفكير ..
فاتح بيطار, ميرا بيطار :syriano.net
رابط المقال :https://syriano.net/2020/10