جورج بنا :
“لاصوت يعلو على صوت المعركة” هو شعار لامعنى عملي له على الأرض وفي الواقع , لأن المعركة التي لايعلو صوت على صوتها ,هي معركة مميتة وميتة قبل ولادتها , فأي منازلة حقيقية ستقود الى اختفاء صوت الرصاص, والى خسائر على الأرض ثم الى توسع الرقعة التي تسيطر عليها اسرائيل , انه شعار للضجيج فقط وليس شعار يقود الى الانتصار على اسرائيل,.فالعرب أمة صوتية قال أحدهم , انه شعار يهدف الى انتصار الديكتاتوريات والعصابات على الشعوب , شعوب تسأل عن النجاح الموعود والمنتظر ولو في مجال واحد ..تعليم ..تصنيع الزراعة ..حريات …ديموقراطية ؟ , وخاصة على الأخيرة أن يكون صوتها أخفت من صوت المعركة الافتراضية مع اسرائيل ومع الديكتاتور الأقلوي , وأخفت من صوت المعركة الحقيقية ضد الشعوب .
يكثف شعار لاصوت فوق صوت المعركة أمرا آخر بمنتهى الأهمية , فالشعار يجسد نوعا من عدم التوازن بين الوطني والانساني , الشعار يكثف وطنية الديكتاتوريات اللفظية , لفظية كثيفة وسميكة القشر الا أنها خاوية وخالية من المضمون التي توحي به العبارة , العبارة لاتصف فقط , انما تطالب أيضا , تطالب الناس بممارسة الزهد الانساني والاجتماعي والسياسي , اجتماعيا وسياسيا يجب على الشعوب ممارسة الصمت , فالمطالبة بالحريات غير ملائمة بالشكل والمضمون في أيام النفير العام والاستعداد للمعركة الفاصلة المحررة لفلسطين ولانتصار المجيدة , ثورة المجاهدين السوريين العتيدة , الآن على الشعوب توحيد كلمتها خلف القائد أو القادة من أجل المعركة , فوقت الرصاص المدوي لايستقيم مع المطالب بتحسين شروط الحياة,كل ذلك يتطلب ماديات تحتاجها القيادة السلطوية والقيادة الثورية من أجل المعركة والرصاص , لذلك جوعوا ياناس من أجل الوطن والثورة , لأن المرحلة حاسمة والظروف استثنائية , وعن الديموقراطية فليس وقتها الآن , فبعد النصر المبين…انشاء الله … سيكون لكل حادث حديث , وستكون ديموقراطيتنا قدوة لمن يقتدي ,ليس لنا سوى الصبر والانتظار,وما هي الا اسابيع أو أشهر أو سنوات ونصلي التراويح في الأقصى ,وتحكم الغلبة الغالبة البلاد , اذا كان الله معنا!!! , فمن ضدنا ؟
الاسلاميون الذين يشاركون الأسدية في تهديم البلاد, لهم ايضا اعتراضاتهم على بعزقة الوقت والجهد في أمور عديمة الأهمية …!!! فكيف لك يا أخي المؤمن أن تنشغل اليوم بالحجاب , والثورة السورية بقيادة ابوقعقاع وابو عمر وأبو عثمان تلعلع! , وعن تعدد الزوجات !! اترون يا ادعياء العلمانية بأن النصر سيكون وراء الباب بمنع تعدد الزوجات ! , أو عند الكف عن ضرب المرأة او عن بيعها وشرائها ,كل ذلك أمور ثانوية لاتقارن بأهمية المعركة ولعلعة الرصاص من أجل اعادة فلسطين وتحريرها الكامل , ومن أجل ثورة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية بقيادة ابو قعقاع ثم الشيشاني والأفغاني والصومالي وأبو …فمن خلالهم سيأتي الفرج , الذي انتظرناه بفارغ الصبر
يتجاهل الوطني المزيف الادعائي الغشاش الممارس من قبل الأسدية والأصولية على حد سواء , الأمر الاجتماعي الانساني , ان كانت كارثة تعدد الزوجات أو المهر أو تأزم العائلة ومفهوم الزواج من خلال ممارسات زواج المسيار او المتعة وغيرهم من اشكال الزواج الستة عشر , أو العنف ضد المرأة بالضرب أو بالقتل, في اطار مفهوم مايسمى جرائم الشرف , التي يذهب ضحيتها كل سنة عدة آلاف من النساء,دعونا نركز على الوطني والوحدة الوطنية , لأن مصلحة الوطن تتطلب ذلك, ومن ينشغل الآن في الانساني وحقوق المرأة والحجاب وغير ذلك, انما يعرض الوحدة الوطنية الى التهالك ويعرض البلاد الى شرور الفتنة والانقسام …. اياكم والفتنة !
سحق الانساني وتهميشه مبرر باحياء الوطني , رائع هو وطن المسحوقين !! وكأن التقدم الاجتماعي ومراعاة حقوق الانسان ضار للوطني وللمعركة , فهل الوطني هو فعلا وطني , وهل احتقار حقوق الانسان أمر ضروري للانتصار في المعارك ؟؟
الوطني مزيف , ولم يثبت لحد الآن وجود وطنية في الزعيق الوطني , انه وسيلة تخديرية تلفيقية هدفها تكريس البقاء على الكرسي من أجل زيادة المليارات المسروقة , والموجودة على الأرصدة هنا وهناك , لايمكن تحقيق أي انجاز وطني الا بالتقدم , والتقدم مؤسس على الانساني , التقدم مؤسس على الجزئيات الانسانية, لا انساني في مجتمع يجد قمة الشرف في قتل المرأة , التي يقال انها تحولت الى عار على الأسرة ,لماذا ؟؟لأنها تزوجت كما تريد , وليس كما تريد الأسرة , أو مارست علاقة جنسية خارج اطار الزوجية , كل ذلك حق لها فجسدها ملكها, ولا حق لأحد أن يتدخل في أمورها الشخصية , كل تدخل هو اغتصاب لها , لا وجود لعهر فكري أومسلكي…ألخ أعظم من عهر رزيلة القتل .
الوطني مزيف وكاذب, والانساني حقيقي ومفجع , في بلادنا يعيش الوطني المزيف على حساب الانساني الحقيقي, والشعار الذي نحن بصدده هو شعار لايمكن من سحق العدو ,انما من سحق الانساني , لا مجال لتحقيق الهدف الوطني من قبل شعب مسحوق الانسانية , وسحق الانساني هو المسبب لضعف الوطني وبالتالي هزيمة الوطن ,وطن مسحوق انسانيا هو وطن مهزوم عسكريا واقتصاديا وسياسيا …
جورج بنا :syriano.net
راتبط المقال :https://syriano.net/2020/07