بين الثابت والمتغير …

ميرا   بيطار:

    اذكر اول معرفة لي بالشخصية المحمدية كانت مدرسية تماما, اذا كنت من اقلية لاتعنى بالطقوس ولا المحاجات الدينية والمذهبية اذكر ان الرسول بصورته التي ابتسرت واختزلت الى اصغر جرعة ممكنة يستوعبها منهاج مدرسي كانت قد اخذت مني كل الاعجاب وجدته صديقا للفقراء داعيا لاطعام هرة .. ولغرس فسيلة ولأدب الطعام والزيارة والجلوس لست ادري حينها هل كان من يؤلف المنهاج يعي ان الناس بحاجة لرسول سلام ومحبة او ان نظام الجرعات الخفيفة كانت مطلوبة كما اسلفت وفيما بعد يزود الطالب ماعرف عن الاسلام وماكتب ….

وفيما بعد وبمراحل متقدمة انشغلت اجيالنا بالفكر اليساري عموما وبقضية فلسطين خصوصا وكانت البيئة الثقافية غير مستعدة للغلو والتعصب بعد ومع توالي الانكسارات والخيبات في معارك التحرير والاعمار وفي ترجمة رومانسية الاحزاب القومية الى وقائع بدا ميل البعض نكوصيا في ظل غياب دور فعال للمثقفين والاحزاب وكان من الصعب جدا ايجاد مناخ يقطع مع الثقافات المتوارثة الامر الذي ادى الى ظهور هذا النبش الذي اختلط فيه الغث والثمين وانتاب هذه الجماعات سعار الثوابت الاصولية والسلفية ومن جهة اخرى كانت السلطات المستبدة تلغي بقصد او غيرقصد سلطة الثقافة بمعناها المعرفي والواعي الامر الذي غذا تماما هذه الجائحة, وظهر معها الاسلام دين استعلاء ووهم العدد ووهم الوعد ووجد نصوصا تغذي هذا الظهور الطفرة بغير ذي زمانه ومكانه.

واليوم علينا خوض معركة من نوع شاق جدا, نتوخى فيها قراءات حقيقية لهذا الفكر اوذاك بتفكير اصيل ورفض كل ماهو مختزل ومنحرف ومحرف ومنتزع من سياقاته المنتجة.  ان الدين الاسلامي اليوم مدعو لازالة المتراكم من أسمال واصنام والعمل على اعادة انتاج للمفاهيم والافكار التي يمكن ان نجد من خلالها حريتنا وسيادتنا, وعلى هذه القوى الرقمية ان تدرك ان الارقام لاتشكل اي شيء امام فهم العلاقة الجدلية بين الثابت والمتغير

ميرا بيطار:syriano.net

رابط  المقال  :https://syriano.net/2020/07

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *