سمير صادق :
لا أسوء من التكفير ونزع الايمان الديني , سوى التخوين ونزع الانتماء الوطني , بالرغم من كل ذلك يبقى التكفير صنو التخوين , لهما العديد من القواسم المشتركة والتأثيرات المتبادلة , ولا أظن بالحاجة لبحث أمر التكفير , الا من ناحية بعض العلاقة مع التخوين .
قد يكون التكفير من أهم الممارسات في هذه البلاد , ولربما أكثرها انتشارا , ولا أعرف كم من المرات وردت مفردة تكفير في القرآن , بالتأكيد عشرات أو حتى مئات المرات , لذلك يمكن القول بأن التكفير ركن مهم من أركان الدين , لاوجود لصلاة تنتهي دون تكفير الآخرين وتهديدهم والدعاء عليهم بالفناء .
هناك فروق أساسية بين الخيانة والتخوين وبين الكفر والتكفير, الكفر ظاهرة والخيانة ظاهرة , أما التكفير فهو تهمة والتخوين تهمة , وأساس هذه التهمة هو التجني , أي أن الخطأ في الاتهام هو من صلب تخوين الغير , ثبات صحة التخوين , ينفي عنه صفة التهمة , ويحوله الى ظاهرة الخيانة , أي أنه لم يعد تخوينا وتجني , انما خيانة مبرهنة , انه تحول التخوين الى خيانة ,
الخيانة هي عمل يقوم به الفرد عن عمد وقصد واصرار , ضد ابناء وطنه ووطنه ( الشكلي), كأن يرحب أو يروج أحد المحسوبين على الشعب السوري باحتلال تركيا لأجزاء من سوريا , أو يفرح لتمكن تركيا من اقتطاع اجراء من سوريا كاسكندرون أو الشمال السوري, أو أنه يروج لاحتلال بدو قريش لسوريا , ليس فقط الاحتلال الذي تم قبل ١٤٠٠ سنة , انما يرحب باحتلال افتراضي قد يكون اليوم أو غدا , ثم يدعو الغير الى تفهم هذا الموقف , لأن الموقف تعبير عن وجهة نظر , أي أن مانطلق عليه صفة الخيانة هو بالنسبة للسيد ابرامين “وجهة” نظر مسموحة ومختلفة عن وجهة النظر بخصوص اغتصابات ابن الوليد او غيره , فمن غير المسموح أن تتضمن وجهة النظر حول خالد وعمر الا الثناء …رضي الله عنهم وأرضاهم … مصدر غير الثناء هو الحقد على الاسلام والعروبة , ولا أعرف سببا لعدم الحقد على الاسلام والعروبة , على الأقل في سياق المعاملة بالمثلل , الا يحقد الاسلام على كل البشرية , الا تحقد العروبة على كل البشرية ؟؟
أما عن الخيانة كوجهة نظر فالأمر أشد تعقيدا , يتطلب الأمر في البدء تعريف الواقعة , مثلا مواطن سوري “شكلا ” ير حب ليس فقط باحتلال سوريا أو بلاد الشام سابقا , انما يملأ الرضى والفرح قلبه لو حدث ذلك آنيا , لقد ألغى السياق التاريخي وتبريراته الممكنة نظريا , وتحول الى الحاضر وتمني الاحتلال حاضرا , شأنه شأن من رحب بالاحتلال التركي الأخير لشمال سوريا أو من خفق قلبه فرحا وانطرابا , لأن اللواء قد تحول الى منطقة تركية , ولم تعد له أي علاقة بسوريا .
خضع مفهوم “وجهة النظر” قديما وحديثا الى الالتباس , لذلك سعت البشرية الى تقسيم الأحداث , فوضعت قسما منها في خانة وجهات نظر , والقسم الآخر في خانة الخيانة , التي لاتمت لوجهة النظر بأي صلة , الدساتير حددت مضمون الخيانة , فكل تعامل مع أجنبي بقصد الحاق الضرر بالأرض والشعب هو خيانة وليس وجهة نظر , لذلك لايمكن في هذه الحالة الحديث عن “تخوين” انما عن خيانة , تعتري التخوين افتراضات قد تكون خاطئة , وبالتالي قد يكون التخوين جائرا , أما الخيانة فلا تخضع للافتراض والجور , خاصة عندما يكون المضمون واضحا ويكون الاعتراف حاضرا …فالسيد ابرامين صرح عن ذلك بمزيد من الفرح والتصميم طوعا ودون أي قسر , لذلك لم يتم تخوينه لأن خائن أصلا .
كمواطن لا أحاكم لأني لا أحكم, , وكل ما أملك ليس أكثر من تحديد موقف شخصي من هؤلاء , بالصدفة تعرض الصديق كمال حمزة في تعليق له الى هذا الموضوع, كتب في نهاية تعليقه مايلي :ارى ان اجلاء العرب من الاندلس كان درسا لم يتعلموه ولم يتعضوا ويعقلوا ، ان العنف والعنف المضاد على ساحات المناطق الساخنة فيما يسمى بالوطن العربي الكبير ، تشير الى ان احداث الاندلس وتنظيف البلاد من الدخلاء قد بدأ بشكل او بآخر .
عن نفسي اتحدث : انا لا ادعو لأندلس جديد في وطني سوريا ، الا اني احذر ! . انه ما لم تقوم الدولة الوطنية ، ( دولة العدل والقانون ) فالسيناريو الاندلسي قادم لا محال, مجال المهادنة والمداهنة يضيق بالتدريج ,أظن بأنه سيتم الضرب بيد من حديد على الخيانة , ولا أظن بأن الأحزاب السياسية القادمة ستسمح بتلك الفوضى والميوعة والاستباحة في التعامل مع الوطن السوري , ففي سوريا لاوجود لوطن آخر ان كان اسلامي أو عروبي
سمير صادق :syriano.net
رابط المقال :https://syriano.net/2020/04