سمير صادق :
ل لاتزال عقلية الانقلابات التي تبدأ ممارستها بالبلاغ رقم واحد مهيمنة على العقل السوري ؟ , عسكري يقال أويقتل او يوضع في السجن ليحل محله عسكري آخر على الكرسي , , يترافق الفكر الانقلابي مع الانتظارات الانقلابية التي يتم تحقيقها فورا , الفكر الانقلابي لايستطيع فهم عدم تحقيق الثورة لأهدافها خلال يومين , على الثورة أن تنجز وتنتج فورا , ,اي تأخير أو تباطؤ في الانتاج والانجاز هو البرهان القاطع على فشل الثورة أو بالأحرى عدم ضرورتها , وهكذا تتحول الثورة بالنسبة للبعض الى مؤامرة , انها ليست صحوة وانما غفوة , على الثورة الغاء الصراعات المذهبية فورا , وعليها تطبيق الديموقراطية فورا , عليها أن تكون أعجوبة في زمن ومكان لايعرف من الأعاجيب الا الخرافات.
الديكتاتورية انقلابية بطبيعتها , والديكتاتورية محتالة !, ومن احتيالاتها ارتداء لباس الثورة….ثورة الثامن من آذار المجيدة!! ’ ولكي تأخذ الحيلة شيئا من المنطقية , يتم تقزيم أهداف الثورة المجيدة لتنحصر بالكرسي والشخص الجديد , ولطالما جلس الجديد على الكرسي فلا لزوم للمواطن أن يتعب نفسه بالتفكير , ضع ثقتك بالقائد الجديد الملهم ونم نوما هنيئا , ولتاكيد موضوعية الثقة بالقائد يتم نفخه واعلائه الى درجة اله , والآلهة كما هو معروف لاتخطئ وقادرة على كل شيئ !,
المهم هو جلوس جديد على الكرسي ,فالانقلاب لايهتم بتغيير بنية السلطة اجتماعيا واقتصاديا وعسكريا وسياسيا , وانما فقط بتغيير الشخص الديكتاتور دون الرجوع الى ارادة الشعب الحقيقية , نال رأس الانقلاب في استفتاء حوالي ١٠٠٪ من الأصوات عن طريق تهجين النسب والأرقام , واعتبار الرئيس ناحج بتفوق تاريخي لايمثل تحايلا وانما وقاحة غيرمسبوقة , اعلان هذه العجيبة للناس يمثل اعتبار الناس دواب , واعتبار الناس دواب ليس غريبا عن الديكتاتور , فالناس حقيقة لايريدوه وهو على علم ومعرفة بذلك , انهم ليسوا مصدر سلطته , لأن العسكر اي الشلة الانقلابية هي مصدر سلطته , الثورة هي حركة من الشعب ومصدر ارادتها وشرعيتها هو الشعب باستثناء مراحلها الأولى حيث تستمد الثورة شرعيتها من لاشرعية الديكتاتورية الحاكمة ,ريثما تتم اقامة انتخابات ويختار الشعب ممثليه بحرية وشفافية , عندها تتحول الشرعية الثورية الى شرعية دستورية انتخابية .
شرعية الثورة هي من لاشرعية السلطة الديكتاتورية , وشرعية الانقلابي من شرعية الشلة التي انقلبت مع الديكتاتور , والشلة أصلا غير شرعية , لذلك لايمكن للانقلابي الديكتاتور أن يكون شرعيا , باستثناء حالة الديكتاتور العادل ,لقد تراجعت فكرة الديكتاتور العادل في بداية الربيع العربي, والآن عادت هذه الفكرة بفعل التطورات في السنين الأخيرة الى التداول ,بعد أن استتب أمر النزاعات المسلحة وانهارت مئات المحاولات لانهاء هذه النزاعات ,شعر البعض بأن الأنظمة التي يراد ازاحتها على علاتها تبقى أفضل من الواقع الكارثي الجحيمي واستحالة حل مشاكله .
تكمن خلفية الديكتاتور العادل في يقين البعض بأن الديموقراطية لاتصلح للعرب ,أو بالأصح لاوجود لما يكفي من الوعي الديموقراطي , يمكنهم من التداول الديموقراطي,لذا فالعرب غير مؤهلون لتطبيقها , ثم يأتي اضافة الى ذلك تفاقم الهول وانسداد الأفق وحالة الاعياء من الحرب ثم ظلم وظلامية البدائل الاسوء من النظام الديكتاتوري , ثم ترافق كل ذلك مع توسع رقعة الجحيم المعاش , فالناس عموما أصبحوا يريدون وضعا مستقرا ونهاية للحرب, التي فتتت التراب الوطني , مهما كان الثمن , لقد قدم التاريخ نمازجا مختلفة من مفهوم الديكتاتور العادل وتطبيقاته …. ظن الألمان والطليان بأن هتلر وموسوليني أي النازية والفاشية هم أشكال ضرورية من الديكتاتورية العادلة , لذلك أيدوها وبالنهاية ثبت خطأ هذا التأييد , بالمقابل مثل فرانكو وأتاتورك نموزجا آخر من الديكتاتورية العادلة , وثبت خطأ من عارض هذه النمازج , لذلك يمكن اعتبار اللجوء الى الديكتاتورية العادلة أمرا محفوقا بالمخاطر , النتائج مبهرة في حالة النجاح , أما في حالة الفشل فالنتائج كارثية .
تنبثق شرعية الديكتاتور العادل المؤقتة من لاشرعية سلفه الغير عادل , وذلك لفترة ريثما يمكن اجراء انتخابات تفرز رأي الشعب الحقيقي , انخابات تقتصر على سؤال الصندوق بعد ملئه بالمزورات وفي ظل الخوف من جهة انتخابية لاتمثل الا تمثلية تزويرية سقيمة , نتائجها تمثل ارادة الخوف , الخوف هنا هو الجلاد وهو الديكتاتور الذي ينتخب نفسه عمليا بنفسه .
سمير صادق:syriano.net
رابط المقال:https://syriano.net/2020/03