فاتح بيطار :
* لاتزال هناك صعوبات في تعريف الدولة , وأعظم الصعوبات تتعلق بتوصيف الدولة وتعريفها في اللغات الأوروبية , الدول مشتقة من STATUS أي حالة أو وضع , لذلك تعددت التعريفات الغير متفق على جزئياتها من قبل الجميع , بعكس الخطوط العريضة التي تتمتع بتقبل واسع , ولربما تمثل القاسم المشترك بين جميع الاتجاهات , فالدولة هي تنظيم سياسي يقوم على ثلاثية الجغرافيا والشعب والحكم , وما يميز الدول عن بعضها البعض يخص العامل الثالث أي الحكم , انه فيدرالي أو ملكي دستوري , أو جمهوري أو نيابي أو تيوقراطي …الخ , اضافة الى ذلك يريد الفهم الماركسي تحديد طبقة مهيمنة ومسيطرة هي الطبقة العاملة المنتجة ,أما فرنسيا فيتم التركيز على اقتصاد السلطة المركزية , وألمانيا تعني دولة ماكس قيبر المؤسسة الادارية , التي تقوم شرعيتها على احتكار العنف للحفاظ على الدولة ,التي تقوم على الجغرافيا واحتكار العنف وموظفين اختصاصيين وبيوقراطية حاكمة , كل ذلك يمثل تطور مفهوم الدولة من أرسطو حتى يومنا هذا .
دولة ماكس فيبر الألمانية هي دولة “الحق” أودولة القانون أو الدولة الدستورية التي تتكفل بحماية المواطن من تعسف السلطة بواسطة القانون , الذي يمثل غيابه فقدان الحرية والديموقراطية للمعنى والدلالة, القانون يحمي الدولة ويمنع السلطة من التمادي ,أود طرح السؤال التالي والمتعلق بتعريف الدول , هل للدولة دين ؟
ألانسان كائن بشري له معتقداتة الروحية التي يؤمن بها ,ومعتقدات الديانات الابراهيمية الثلاثة بشكل عانم تؤمن بفكرة الاخرة والثواب والعقاب فيها ,باستثناء الكنيسة , التي تنصلت مؤخرا من مفهوم الجنة وجهنم , ممارسة الشعائر الدينية حسب معتقدات من يعتنقها هي المعيار الذي ستتم محاسبة الابراهيمي بواسطته قبل الوصول الى الجنة أوالنار , ومن هذه الشرائع اسلاميا ممارسة الصلاة والصوم والزكاة والجهاد والحج ….الخ
بناء على ذلك يمكن القول بوجود دولة مسلمة ودولة كافرة , بغض النظر عن كون مكونات الشعب مؤمنة أو كافرة , كذلك المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية ستكون اما مؤمنة أو كافرة , وستتم محاسبتها في الحياة الاخرة بناء على ممارساتها من صوم وزكاة وحج ..الى آخره , لكن الدولة كيان سياسي لايمارس شعائر دينية يمكن للخالق محاسبتها عليها في الاخرة ..لذلك لانستطيع القول هناك دولة مسلمة و دولة كافرة , لان مكونات الدولة من الشعب الذي يكون به المؤمن والكافر ….كذلك المؤسسات الاخري الاقتصادية او الاجتماعية ., لايمكن القول هناك شركة كافرة واخري مؤمنة, لان الكيانات السياسية او الاقتصادية تختلف عن الكيان البشري, فالإيمان بالغيبيات هو شأن خاص , لا ترعاه الدولة بأي شكل من الأشكال , وذلك في جميع الدول المتقدمة والمتخلفة باستثناء الدول المسماة اسلامية , الأصل في هذه الدول هو رفض الآخر المختلف , لتعارض الاختلاف مع التوحيدية الرافضة لوجود الاختلاف , كيف ستتقبل هذه الدولة وجود البوذي الممارس لشعائر تتعارض مع مبدأ التوحيد الضروري للانسجام ؟ لاعلاقة للكيانات التي تعتبر نفسها دولا اسلامية بمفهوم الدولة …هذه عشائر وليست دولا,
يجب الآن أن نجيب على السؤال التالي , ماهي الدول التي يقول دستورها بوجود دين رسمي للدولة ؟؟؟ا يفاجئ الجواب على هذا السؤال السائل بواقع لم يكن متوقع , كنت أتصور مثلا بأن الهند دولة دينها الرسمي هو الهندوسية, لكن في الحقيقة الهند ليست دولة دينية ولا وجود لدين رسمي في دستورها , بينما ديانة كمبوديا الرسمية هي البوذية, الدول الأسيوية , التي ليس لها دين رسمي في الدستور هي ميانمار .. لاوس..ماليزيا.. الفلبين.. اليابان .. كوريا الجنوبية .. كوريا الشمالية ..استراليا..جويانا الجديدة .. الصين.. منغوليا.. روسيا.. كازخستان.. أوزبكستان ، قرغيزستان ..توركمانستان..أذربيجان… جيورجيا.. ولبنان …. بالنسبة لسوريا يجب أن يكون رئيس الدولة مسلماً … وتركيا تحولت الى دولـة لا دينية عـام ١٩٢٤, من الدول الأوربية اللادينية إيطاليا ( ماعدا الفاتيكان !) , وكذلك فرنسا , والنمسا , وهولندا , وبلجيكا , وايرلندا , والبرتغال , وسويسرا , وجمهورية سان مارينو, وليشتنشتاين , ولوكسمبورج .. بولندا .. لاتفيا ..استونيا.. كرواتيا.. البوسنيا والهرسك .. رومانيا ..يوغسلافيا .. هنغاريا.. سلوفاكيا.. التشيك.. المانيا.. سلوفينيا… مولدوفيا.. اوكرانيا.. بيلاروسيا.. مقدونيا.. ألبانيا ,توجد في إنجلترا وكذلك فنلندا بعض الحماية للكنيسة إلاّ أنها لا تعتبر رسمية, ومن الدول العربية الأخرى التي لا يوجد فيها دين رسمي للدولة نجد دولة جيبوتي , ولبنان , اما في أفريقيا فنجد الـدول التالـية اللادينية : النـيـجر, بـنـين, توجو, غـانا , ساحل العاج, ليبيريا, جويان, غينيا بيساو , السنيغال, بوركينا فاسو,ليبيريا , سيراليون, جويانا , جامبيا,مالي, موزامبيق, بوتسوانا, ناميبيا, أنجولا, زمـبابوي , دولتا الكونغو , مدغشقـر , ملاوي , تـنزانيا , ايرتيريا , أثـيوبـيا , روانـدا, أوغـندا , كينيا, تـشاد , أفريقيا الوسطى, الكاميرون, الجابون, جويانا الاستوائية , نيجيريا , بوتسوانا , سوازيلاند , وجنوب أفريقيا , وفي قارة أستراليا ..و جويانا الجديدة لا يوجد دين رسمي للدولة ,في قارة أمريكا الشمالية ثلاث دول فقط هي: الولايات المتحدة, وكندا, والمكسيك, وكلهم بدون دين رسمي للدولة !, وفي أمريكا الوسطى, واللاتينية : جواتيمالا , وبيليز , والهندوراس .. ونيكارغوا.. وبنما.. وكوبا.. والبهاما ,كلها دول لا دين رسمي لها ,أمّا في السلفادور وهاييتي فرغم الإعتراف الخاص في الدستور بالكنيسة الكاثوليكية الرومانية إلاّ أنه ليس ديناً رسميا , لا يختلف الوضع كثيراً عنة في أمريكا الجنوبية , هناك تسع دول لا دين رسمي لها من مجموع 13 دولة هي : البرازيل (الدولة الخامسة من ناحية المساحة في العالم), فنزويلا, تشيلي, الأكوادور , كولومبيا , أورغواي, سورينام, غويانا, أمّا الباراغواي, فتتمتع الكنيسة الكاثوليكية الرومانية فيها باعتراف خاص منذ دستور ١٩٩٢, ولكنها لا تعتبر الدين الرسمي للدولة ,بل ينص الدستور علي علمانية الدولة .
جمعا يكون عدد الدول التي لادين لها ١٢٨ دولة ,والدول السبع الأكبر من ناحية المساحة في العالم وهي روسيا, كندا,الصين , الولايات المتحدة , والبرازيل ,استراليا , والهند هم دول لا دينية ,من حيث عدد السكان أكثر من ٨٠٪ من سكان العالم يعيشون في دول علمانية , وهذه الدول تختلف جدا في تركيبتها الاجتماعية والاثنية وفي طوائفها وتطوراتها التاريخية , ولكنها جميعا تقريبا في مستوى معيشتها ومراعاتها لحقوق الانسان وكرامة الانسان ورفاهيته والعمل من أجل مستقبله أفضل بكثير من الدول التي تتباهى بكونها تتابع دينا رسميا , في هذه الدول تحول رجال الدين بها الى ملحقات للسياسة , التي كانت في معظم الحالات ديكتاتورية
*جورج بهجوري