الميت لايحرك لسانه….

 ربا   منصور ,   مها   بيطار  :

  اللغات  تعيش  وتضعف  وتموت كالبشر,ففي كتاب  مهم   حول  موت اللغات   لمؤلفه  دافيد كريستل   , ذكر  الكاتب  تسعة شروط  لموت  اللغة  , وللأسف   تنطبق  كل  هذه  الشروط  التسعة  على  وضع  اللغة  العربية  آنيا    , من  أهم  هذه  الشروط   انتشار  لغة  الغالب  في  بلاد  المغلوب  ,  هذا  المبدأ  معروف  حتى   عند  ابن خلدون , الذي قال,  ان المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره    وزيه ونِحلته وسائر أحواله وعوائده  ,  الغالب  يفرض  نفسه  من خلال  سيطرته  على  المجال  الاقتصادي  والسياسي     وحتى  الفكري والثقافي  , فمن  كتب  الله  له  عمرا   طويلا    استطاع  ملاحظة  كثرة  من  تكلم  الفرنسية  في   الخمسيات,  وكثرة  تكلم  التركية  في  عشرينات القرن  الماضي ,أي  لغة  المهيمن  !ومن  يهيمن  الآن  في  العالم ؟؟

العامل   المهم  الثاني  هو  ازدواجية  اللغة  ,  أي  وجود  مستوى  للغة  الرسمية الفصحى   ومستوى  للغة  العامية   اي  اللهجات   , وكلما  ازداد  التباين بين   الفصحى  واللهجة  تعرضت   الفصحى    للتآكل    لتحل   اللهجة  مكانها  , اللغة  اللاتينبة   انقرضت  في   أوروبا   وحلت   اللهجات الانكليزية   والفرنسية  والألمانية  مكانها  ,  الفرق  بين  اللهجات  العربية والفصحى شاسع    , وهذا مادفع  البعض  الى  الترويج    للهجة  العامية  كلغة  رسمية  ,سعيد  عقل  مثلا  , فسعيد   عقل   ليس  بذلك  المتآمر  على  العربية  و العروبة   , وانما  هو  من  رأى    بأن مستقبل  اللغة   العربية  الفصحى عدمي   , ماقاله سعيد عقل  يمارسه  العديد  من  الناس  ,انظروا  الى  اللغة  العامية   واستخدامها   في  مجال  التواصل  الاجتماعي   ,  من  المؤكد  بأنه  ليس  في رأس   من يكتب  بالعامية مخططا  تخريبيا  امبرياليا    صهيونيا عدوانيا  متآمرا    وعميلا  يحارب  الاسلام  والقرآن .

لاينقذ  اعلان   العربية  لغة   رسمية  في   البلدان   العربية     من  الاندثار والانقراض , ولا  يعيض عن  ضرورة ملئ  هذه  اللغة  بالحضارة  العلمية والثقافية  والاجتماعية  والسياسية ,  لم تنتج   الشعوب   العربية ثقافة  ولا وجود  للاختراعات والابتكارات  والفلسفة  وعلوم  الاجتماع  ,التي  تمت  صياغتها   بالعربية ,   محاولة  تعريب   المدارس  والمعاهد  والجامعات  عن  طريق  اهمال  اللغات  الأجنية   فرنسية  أو  انكليزية  قاد  الى  فقدان  التواصل  مع  حضارات  الآخرين , دون   أن يؤثر  على  مكانة اللغة  العربية  ايجابيا  ,  لقد كانت    خطوة  بعكس   الضرورة   التي    تفرض   نفسها   , خطوة   فاشلة   ,  لم تكن  الخطوة المناسبة   وبالشكل  المناسب  وفي  الوقت المناسب  , خطوة  تعاكس   الحاجة  والضرورة ,   أي   ضرورة  التعرف   على    انجازات    الغير   للتمكن   من   التفاعل   الايجابي   مع   هذه   الانجازات  .

هناك  اشكالية ثنائية  اللغة  , فالى جانب  مايسمى  اللغة   الرسمية,    استوطنت  لغة   أجنبية  أخرى  في  البلاد ,   القصد  من  هذه  التشكيلة  التي  لايمكن  مقاومتها   أو  الاستغناء   عنها , كانت ضرورة  الانفتاح  على   الثقافات  الأخرى  خدمة   لمجتمع  المعرفة  الضروري  من  أجل  تحقيق  التنمية  البشرية  , التي  لايمكن  تكريسها   باللغة  القومية  الخالية من  المعارف  العصرية   العلمية  ,   أكثر  الكتب  المسماة  “علمية ” انتشارا  في  العالم العربي   هو  كتاب   الاعجاز  العلمي  في  القرآن  لمؤلفه  الدكتور  الجبار  زغلول  النجار  ,   لقد   وصل  النجار  الى  القمر  وشطر  الذرة  وصنع  الطائرات والصواريخ  والغواصات  والقنابل   الهيدروجينية والذرية  ومن  الطنبر  صنع  الموتور, تطبيقا  لم  نر  لحد   اليوم  اي   نتيجة    لعلوم  زغلول   النجار,  نرى   الاضمحلال    عموما  وتضخم   ثروة  النجار   المادية  ,  حصد الثرثار  النجار  الأوسمة  والمديح  والمال , لأنه  كما  قيل   صنع  العلم  الحديث  بلغة  القرآن ومن  القرآن   , لاعجب   من  انقراض  لغة  تحتضن   علميا   اعجاز  النجار   الى جانب    مئات  الآلاف  من  كتب  السيرة  والغزوات وعنترة   العبسي  وشجاعة   خالد ابن  الوليد   الذي  قتل  خلال  اربعة   أشهر  ٤٠٠٠٠٠  مشرك , ثم  البوطي   وجولاته  الليلية  مع  الله  …الخ, لغة يقتصر احتضانها  على  الخزعبلات هي  لغة  خزعبلاتية لامستقبل  لها , من يريد  التحدث  عن  الموامرة  والهجمة   الاستعمارية  والحقد  على   الاسلام  وعلى   القرآن ولغته   فعليه  اولا  بزغلول  النجار  وأشباهه ,ثنائية  اللغة  حشرت    العربية  في زاوية  النسيان  والاهمال  , ومهما  كان تأثير  ذلك على  وضع    العربية  فانه  حتمي   وهو  أهون  الشرين وأسوء  الحلول  الجيدة,

لايمكن   انقاذ  اللغة  التي  تنازع  عن طريق  وضعها  ولأجل  غير معروف  في  العناية  المشددة  ,  اللغة  التي  فقدت  وظيفتها  في  نقل  وتداول  الثقافة  فقدت  حياتها , فالميت  لايحرك  لسانه !

نريد  انهاء  المقال  ببعض  الملاحظات  حول  اللغة  الرسمية   أو الفصحى  , نلاحظ نوعا  من  الاغتراب  اللغوي , فاللغة  الفصيحة  مصابة  بالغربة  وهناك  تزايد في  صعوبة  فهمها  , مما   يحبط   القارئ  ,اضافة الى  انتشار  الأمية   , يقال   بأن  نسبة  الأمية عند نساء   ريف شمال حلب   ١٠٠٪  بين  النساء   و٩٨٪  بين الرجال  , وحتى    الادعاء  بأنه  لاوجود  للأمية  في بعض  المناطق   السورية   باطل  عند  استخدام  المعايير  الجديدة  للأمية والتي  أصدرتها  الأمم المتحدة  , الاسرائيلي   يقرأ ٤٠ كتاب  سنويا وباللغة  العبرية  التي كانت  ميتة  وتم  انقاذها  ليس  بالمراسيم  وانما  بالعلم    ,  الفرد  الغربي  يقرأ سنويا  ٣٥ كتابا  , أما في  السنغال  فيقرأ السنغالي  ٤ كتب  سنويا , وفي  سوريا   تحتاج قراءة  كتابا واحدا لجيش من ٨٠ سوري,   وذلك  باللغة  العربية  والتي   لم  تكن  ميتة   كالعبرية , كما   ترون  نجح   العرب   في   الكثير  من   المهمات   التدميرية    التخريبية  التأخرية ,  وحتى اللغة  فقد  أصابها   ما أصاب  غيرها !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *