سوريا وأزمة الانتماء !

سمير  صادق:

هل من البديهي  والمنطقي  أن نطلق على سورية صفة العربية ؟ من هم العرب؟ وهل شعب سوريا هم من العرب فقط ؟ لماذا ننسب سوريا لقوم سكنها كغيره ولماذا ننسبها لحقبة تاريخية دون غيرها.

بدأ بعض   عرب الجزيرة بالاستيطان  في  سوريا  حتى  في الفترة التي سبقت ظهور الدعوة الاسلامية,حيث نزحت بعض  القبائل العربية من شبه الجزيرة العربية باتجاه سوريا (بلاد الشام والعراق) هربا من شظف العيش وبحثا عن المرعى والكلأ ,   امتهنت  هذه القبائل الرعي  وعاشت  حياة البداوة,منها قبائل تغلب وغسان وبكر والمناذرة اللخميين وغيرهم, كانت سوريا في تلك الفترة تحت الاحتلال الروماني والعراق خضع  للنفوذ الفارسي,  , كانت اليونانية  لغة الدولة في بلاد الشام كما كانت الفارسية لغة العراق,بعد أن كانت الآرامية لغة العالم ,كان  هناك تمازج حضاري بين الآراميين واليونانيين والرومان والفرس  والعرب على الأرض السورية.

ثم كانت الفتوحات الاسلامية لبلاد الشام والعراق ,خضعت المنطقة بكاملها لحكم الخلافة  الاسلامية  الناشئة في تلك الفترة, كان عرب  الجزيرة   في تلك الفترة أقلية  في سوريا  لم تتجاوز عند بداية الحكم الأموي 6 ٪ من مجموع تعداد سكان سوريا الطبيعية ,بدأت  عملية تعريب الدولة ودواوينها وأصبحت اللغة  العربية لغة الناس , كما   أصبح  الاسلام   بعد  التأسلم  دين  البلاد  , إستمر هذا الوضع حتى بداية مرحلة ضعف الدولة العباسية التي تميزت بدخول عناصر إثنية من الفرس والأتراك والأكراد في جسد المجتمع أثرت حضاريا وتأثرت بغيرها, وعلى مر العصور تنكهت  كل  هذه الأقوام بنكهة سورية.

إستمر  التفاعل  الحضاري  بين  جميع  الشعوب   التي سكنت سوريا من عرب وأكراد وأرمن     وسريان وآشوريين وتركمان وشركس , وما  جمعهم  بالرغم من إختلافهم العرقي هو هذه الأرض السورية  ورغبتهم في العيش معا تجمعهم نفس الهموم والمصالح والعادات الاجتماعية, وطوروا في هذه البيئة تجربة ثقافية غنية مميزة ومختلفة عن  الكثير  من   الثقافات    كثقافة  وادي  النيل .

في  العصر الحديث  ومع  إنتشار الوعي القومي في  منطقتنا إنتشرت فكرة القومية العربية ,التي كانت فكرة طوباوية  هدفها في البداية توحيد الهلال الخصيب والحجاز في دولة واحدة بعد طرد الاحتلال العثماني, ولكن لم يكتب لهذا الحلم النجاحللعديد  من  الأسباب  منها  الاحتلال الاوروبي للمنطقة  وتقسيمها فيما بين الدول المستعمرة.

من هذا السرد التاريخي  الموجز  نرى أن العرب هم قوم كغيرهم سكنوا سوريا في فترة ما وتفاعلوا مع غيرهم من الشعوب على أرضها , وأبناء   شعب  سوريا اليوم لا ينتمون لعرق واحد بعينه إنما لخليط من الأعراق والشعوب, لكن الصفة الدائمة لهم كانت  الصفة   السورية, سواء كانوا عرب أم أكراد أم سريان أم آشوريين أم أرمن أم تركمان أم شركس وغيرهم , وما يجمعنا اليوم هو هذه الأرض  منبع الحضارة ورغبة في العيش المشترك   على  هذه  الأرض.

يوجد  في  سوريا   الكثير  من  السكان  والقليل  من المواطنين ,لقد  تحولت  سوريا  بفعل  الاغتراب  العروبي  والاسلامي ورفض   الانتماء الحقيقي  لها   الى  موطن  أو مسكن  لهم  , وبالتالي   تنكصت  تمظهرات   الوطنية  السورية  الى  تكاذب  وادعاء ,  فلا  وطنية  دون  انتماء  ,  لغرباء  الانتماء  عن  سوريا    انتمائهم  الأولي والأهم  بالنسبة  لهم   , العروبيون  ينتممون  الى  الدولة  العربية   الافتراضية   , والاسلاميون  ينتمون  الى   الدولة  الاسلامية  الافتراضية   ,والانتماء  لسوريا   أصبح  عمليا  ثانوي .

تفوح  من  هؤلاء رائحة    الزنى  والفصام   وحتى  الخيانة …..لهم  مايريدون  من  انتماء   وليكن  للشيطان ,  وليس  لأحد    أن  يحاسبهم , الا   أن  المفارقة   تكمن  في   اعتبارهم   للمساكنة  في  سوريا   مواطنة  سورية  من  الدرجة   الأولى   بتعبير   آخر   مواطنة  من  الدرجة  الأولى  مقرونة  مع  انتماء  من  الدرجة  الثانية  وما  فوق ,الخيانة تكمن في  عملية  التمويه على  الزنى  بضجيج   حب  الوطن  الكاذب ,   المواطن  الصادق   لايتلف  وطنه  ,  ولا  يصر  على قيادة  هذا  الوطن  بعد ثبات  عدم  المقدرة  على  القيادة  وعدم  ارادة   تقدم  البلاد   , لايخجلون من   الدمار   الذي    سببوه ,  ومن  افشال  الدولة , التي  كان  عليهم  انجاحها  …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *