التحرش بين استسهال التهمة واستصعاب الاثبات !

جورج  بنا :

تبقى  الغريزة  الجنسية  واحدة من  أهم الغرائز  , بالرغم من أنها  لاتعلوا على  غريزة  الجوع  أو  العطش , تتمظهر  هذه  الغريزة وظيفيا   بالعديد من المظاهر ,منها   التحرش  الجنسي بأشكاله  المتعددة  التي  قد   تكون  بالكلمة   أو  بالفعلة  او  بالنظرة ..الخ  , ولكل  أشكال  التحرش  علاقة  مؤكدة   بالكبت ,وليس  الكبت   فقط ,   انما مع  منظومة   عقلية  ونفسية ثلاثية   تكلم  عنها  محمد  أركون    أي  مع  ثلاثية المقدس   والعنف  والحقيقة ,   ثلاثية   تؤسس  للمجتمع  الذكوري الديني   ,  فمقدس   الذكورية   مستورد  من الكتب    المقدسة  ,التي   تعطي  الرجل  امتيازات   التملك  “لشيئ”المرأة, او البضاعة  المؤنثة ,   وبالتالي استخدام   هذا الشيئ  في  المجالات التي   تتعطش  الغريزة لها  ….الغريزة  التي  لم تتهذب  !

المقدس    يوحي  للذكر  على  أن    ضرب  المرأة   في  حال  استنكافها   عن  المعاشرة  الجنسية   أمر   ضروري  , ومن  انسانية آيات  الضرب   كونها  تنهي   عن   تكسير   أضلاع  المرأة “الشيئ  ” وفقئ  عينها …لا  افراط ولا  تفريط  !!!!,فمن مساوئ تكسير الأضلاع   تعطيل  المرأة ” الشيئ ”  عن   القيام   بواجباتها  تجاه  الرجل  ومنها   المناكحة .

المقدس   يحرض  الذكر   على  احتكار  القرار  بشأن  تلبية  طلبات  الجنس  ,  اذ   انه  ليس  للمرأة ” الشئ  ” ماتسمى  رغبة  جنسية   …رغبتها   هي   عهر  وزنى أو أحد  أشكال   العهر  والزنى, لا   أود  الاطالة حول   ذكورية   الرجل  المهيمنة  والمضمونة   قدسيا .,

للتحرش   علاقة  وثيقة  مع   العنف ,  الذي   يسمح  للرجل  بالتطاول  على   جسد  المرأة   الجالسة  صدفة  الى  جانبه  في  باص  النقل  , وما  عليها  حسب  تكوينه  النفسي   سوى   أن  تنصاع ,  وعدم  انصياعها   يمثل  تمردا  يجب قمعه بالعضل  أي بالعنف ,أصلا التطاول  بحد  ذاته  عنف, والدفاع  عن التطاول   بأي   شكل من  الأشكال  هو  عنف  مضاعف .

الظن  بامتلاك   الحقيقة  المطلقة  هو  الرحم  الذي يولد  منه   مخلوق  اركون  المشوه  بثلاثة رؤوس  , مخلوق  التلاقح  بين   العنف والمقدس ,فالمقس  حقيقة  مطلقة وعنف  الرجل مقدس   أي  أنه  ايضا  حقيقة  وحق , لذلك لاصدام ولا  تضارب  أو ضدية   بين ثلاثي  الرؤوس   وبين الأخلاق  الحميدة , انه   استكمال   للأخلاق الحميدة , التي  منها   تحرش   حيوانات  الذكور   بالمرأة  , ومن  هي تلك  العورة  لتعترض  على   المساعي  السامية للذكر ؟؟  ومن  هي    تلك  العورة   لتطلب  من  الرجل  أو  تفرض  عليه  مسلكية  معينة .

المجتمع   المغلق  الذي  يمنع  الاختلاط  حتى  في   سنين  البراءة الجنسية للطفل  والطفلة  , يخلق وضعا مرضيا   يقود  الى  ممارسة عدوانية  التحرش  واختلال  تهذيب   الغريزة  , الذي يتطور   الى    توحش  التحرش , والى   أشكال  متطورة من  الاغتصاب   الأسطوري , برهن  ذبيحة  مراكش   عن   امكانية  ممارسة   الجنس   بدون  حب   أو  بالكره   ,  غريزيا   اغتصبوا    السيدتين  وعقائديا   ذبحوا  السيدتين  , لقد  دمروا   صيغة  الجنس  كأعمق  مضمون  للحب  , وما  تلك  الفواجع   في  مراكش  وفي  جبل  سنجار  الا  صورة  مكبرة   ومتطورة   عن  التحرش  ودوافعه وممارساته .

مهما  بلغ  تهذيب   الغريزة   من تطور  نحو  الأسمى ,    سيظل  قاصرا  عن   تحقيق  المطلوب ,   لأن   التحرش  تهمة  من  السهل  توجيهها   أحيانا  ,  ولكنها  جريمة  من  الصعب  اثباتها  أيضا  أحيانا ,   لذلك    لابد  من  قوانين  ردع  صارمة   كما  في   أمريكا   حيث  قد  تصل عقوبة التحرش  الي   السجن  مدى  الحياة   اضافة  الى  غرامة  مالية  عملاقة  , لا  تزال   تلك  المجتمعات   المتقدمة في   تهذيب   الغريزة   وفي   ردع ممارسات   انحطاطها تناقش  وتفكر  وتبحث  عن  سبل   لتحقيق  المزيد من  التهذيب  والمزيد  من  الردع , أما  نحن    أي  خير   أمة ,  فلا  نزال نمارس  الاغتصاب  الشرعي ,  وما دوافع  تحرشات   شباب   جمهورية  التحرش   المصرية   سوى  شعورهم  بشرعية  مايفعلون ؟.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *