تبقى الغريزة الجنسية واحدة من أهم الغرائز , بالرغم من أنها لاتعلوا على غريزة الجوع أو العطش , تتمظهر هذه الغريزة وظيفيا بالعديد من المظاهر ,منها التحرش الجنسي بأشكاله المتعددة التي قد تكون بالكلمة أو بالفعلة او بالنظرة ..الخ , ولكل أشكال التحرش علاقة مؤكدة بالكبت ,وليس الكبت فقط , انما مع منظومة عقلية ونفسية ثلاثية تكلم عنها محمد أركون أي مع ثلاثية المقدس والعنف والحقيقة , ثلاثية تؤسس للمجتمع الذكوري الديني , فمقدس الذكورية مستورد من الكتب المقدسة ,التي تعطي الرجل امتيازات التملك “لشيئ”المرأة, او البضاعة المؤنثة , وبالتالي استخدام هذا الشيئ في المجالات التي تتعطش الغريزة لها ….الغريزة التي لم تتهذب !
المقدس يوحي للذكر على أن ضرب المرأة في حال استنكافها عن المعاشرة الجنسية أمر ضروري , ومن انسانية آيات الضرب كونها تنهي عن تكسير أضلاع المرأة “الشيئ ” وفقئ عينها …لا افراط ولا تفريط !!!!,فمن مساوئ تكسير الأضلاع تعطيل المرأة ” الشيئ ” عن القيام بواجباتها تجاه الرجل ومنها المناكحة .
المقدس يحرض الذكر على احتكار القرار بشأن تلبية طلبات الجنس , اذ انه ليس للمرأة ” الشئ ” ماتسمى رغبة جنسية …رغبتها هي عهر وزنى أو أحد أشكال العهر والزنى, لا أود الاطالة حول ذكورية الرجل المهيمنة والمضمونة قدسيا .,
للتحرش علاقة وثيقة مع العنف , الذي يسمح للرجل بالتطاول على جسد المرأة الجالسة صدفة الى جانبه في باص النقل , وما عليها حسب تكوينه النفسي سوى أن تنصاع , وعدم انصياعها يمثل تمردا يجب قمعه بالعضل أي بالعنف ,أصلا التطاول بحد ذاته عنف, والدفاع عن التطاول بأي شكل من الأشكال هو عنف مضاعف .
الظن بامتلاك الحقيقة المطلقة هو الرحم الذي يولد منه مخلوق اركون المشوه بثلاثة رؤوس , مخلوق التلاقح بين العنف والمقدس ,فالمقس حقيقة مطلقة وعنف الرجل مقدس أي أنه ايضا حقيقة وحق , لذلك لاصدام ولا تضارب أو ضدية بين ثلاثي الرؤوس وبين الأخلاق الحميدة , انه استكمال للأخلاق الحميدة , التي منها تحرش حيوانات الذكور بالمرأة , ومن هي تلك العورة لتعترض على المساعي السامية للذكر ؟؟ ومن هي تلك العورة لتطلب من الرجل أو تفرض عليه مسلكية معينة .
المجتمع المغلق الذي يمنع الاختلاط حتى في سنين البراءة الجنسية للطفل والطفلة , يخلق وضعا مرضيا يقود الى ممارسة عدوانية التحرش واختلال تهذيب الغريزة , الذي يتطور الى توحش التحرش , والى أشكال متطورة من الاغتصاب الأسطوري , برهن ذبيحة مراكش عن امكانية ممارسة الجنس بدون حب أو بالكره , غريزيا اغتصبوا السيدتين وعقائديا ذبحوا السيدتين , لقد دمروا صيغة الجنس كأعمق مضمون للحب , وما تلك الفواجع في مراكش وفي جبل سنجار الا صورة مكبرة ومتطورة عن التحرش ودوافعه وممارساته .
مهما بلغ تهذيب الغريزة من تطور نحو الأسمى , سيظل قاصرا عن تحقيق المطلوب , لأن التحرش تهمة من السهل توجيهها أحيانا , ولكنها جريمة من الصعب اثباتها أيضا أحيانا , لذلك لابد من قوانين ردع صارمة كما في أمريكا حيث قد تصل عقوبة التحرش الي السجن مدى الحياة اضافة الى غرامة مالية عملاقة , لا تزال تلك المجتمعات المتقدمة في تهذيب الغريزة وفي ردع ممارسات انحطاطها تناقش وتفكر وتبحث عن سبل لتحقيق المزيد من التهذيب والمزيد من الردع , أما نحن أي خير أمة , فلا نزال نمارس الاغتصاب الشرعي , وما دوافع تحرشات شباب جمهورية التحرش المصرية سوى شعورهم بشرعية مايفعلون ؟.