اعادة البناء والنهب المنتظر !
فاتح بيطار :
يسعى النظام الى الايهام بأن اعادة الاعمار ستكون بيد ايران وروسيا , الا أن الواقع المادي لايران وروسيا لايسمح بالاعتقاد بتمكنهم من استلام ملف اعادة الاعمار , بشكل عام يمكن الجزم بأنه ان كان هناك ملف اعادة اعمار فسيكون بيد خليجية وغربية وبيد بنك الانماء الدولي , غير ذلك توهم .
ولأن اعادة الاعمار سيكون عمليا بتمويل عربي-خليجي , لذلك هناك عوائق أمام تنفيذ هذا المشروع , وأهم هذه العوائق هي عامل الاستقرار ,فعدم الاستقرار لايسمح بالتنفيذ الهادئ وعدم الاستقرار لايسمح للجهات المانحة أن تطمئن على أن تلك الديون ستدفع يوما ما بواسطة برنامج لايفاء الديون و خاصة من جهة بنك الانماء الدولي المرشح لتمويل جزءا مهما من مشروع اعادة الاعمار .
كيف يمكن أن يكون تصورنا للاستقرار أن يكون؟ , هناك شكل من الاستقرار في ظل الأسدية , وهذا الشكل منقوص بطبيعته , اذا أن الحرب بين الأسدية والأصولية سوف لن تنه بالقضاء على التنظمات الاسلامية المركزية , بعد القضاء على مركزية داعش , ستتفت المنظمة , وسيقوم الفتات المؤلف من مئات داعش بممارسة الحرب الغير متناظرة …تفجيرات ..اغتيالات ..الخ , أي أن الجو سوف لن يكون مستقرا , وحتى في مرحلة مابعد الأسد أي في مرحلة العلمانية المفروضة دوليا سوف لن يهدأ الاسلاميون , وهل سيستسلمون للعلمانية بدون رصاص وتفجيرات واغتيالات ؟ وهم على عداء ورفض للعلمانية أكثر من عدائهم ورفضهم للاسدية !
ولو افترضنا سيادة الهدوء في مرحلىة الأسدية المحدودة , فهل هناك من جدوى من ترتيب الديون على الشعب السوري في ظل أسدية مؤهلة للنهب بامتياز , أصلا عدم مقدرة الأسدية على ضمان الشفافية في استخدام الأموال كان عاملا رئيسيا في تمنع بنك الانماء الدولي عن أعطاء القروض لسوريا الأسد , وذات السبب أفشل توقيع اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي , الأموال ستؤول الى جيوب الزبانية التي اقتدرت (حوالي 3% من الشعب السوري) على السيطرة على أكثر من 84% من الاقتصاد السوري , هل يصعب على الزبانية التهام أموال اعادة البناء ؟ , , وحتى في مرحلة مابعد الأسدية أي في مرحلة الوصاية والتأسيس للنهج العلماني فانه من الصعب افتراض حدوث الهدوء , ومن الصعب جدا افتراض تمكن السلطات المستقبلية من قمع الفساد المستشري والمرتشح في كل شراين ومفاصل المجتمع السوري .
من يظن بأن اعادة الاعمار تعني اعادة تعمير البيوت بيتا بيتا فقد أخطأ , واعادة الاعمار لاتعني اعادة بناء القرى والبلدات والمدن المدمرة إعادة الإعمار سوف لن تشمل اعادة بناء المصانع ودعم الزراعة وخلق فرص عمل مستدامة ولا تعني النهوض بالاقتصاد الوطني كما فعل مشروع مارشال في أوروبا , الأموال ستتوجه الى مناطق استراتيجية من حيث الموقع الجغرافي والسياحة والأرباح المنتظرة , هنا سيلعب الفساد المؤهل لحسم كل الخيارات على مزاجه ولمصلحته
من كل ماذكر يمكن استخلاص مايلي : في أي ظرف قابل للتصور سيكون الفساد عاملا شديد الأهمية في نهب الأموال المخصصة لاعادة الاعمار , الفساد مستشري ومرتشح ولا جدوى من وضع الأموال المستدانة والتي ستدفع يوما ما من قبل الفقير السوري في يد الفساد , وليس من الممكن اعادة تأهيل الشفافية والاستقامة في العمل في فترة قصيرة , كما أنه من ناحية أخرى لايمكن تأهيل الاسلامين لممارسة السلمية الديموقراطية والتخلي عن العنف , ذلك العنف الذي تكمن أهمية ممارسته بذاته , أي العنف من أجل العنف أو العنف من أجل مأرب لاعلاقة له بالوطن السوري كالاستيطان في الجنة عن طريق الجهاد في سبيل الله , يخضع مشروع اعادة البناء الى المقولة المعروفة حول سهولة الهدم وصعوبة البناء , هناك من العوامل التي ترحج كفة التشاؤم على التفاؤل وهذا مايؤسف له حقا !
Post Views: 111