السذاجة ودردشة الدروشة !

 

بهلول:

هدفي  ليس  الغناء مع  حسن المغربي  أغنية ..سبحان مغير الحال  , ومبدلك من حال لحال ..الخ , وانما التحدث بشكل مقتضب عن  ولادة حركة الدروشة  في هذه  البلاد  .. هذه الحركة بدأت بمبادرة من رأس السلطة , فقد نقل   المغفور له  الشيخ البوطي عنه قبل  سنوات  خبرا مفيدا , اذ قال ان الرئيس زاهد بالسلطة , والمفتي الحسون  أضاف على ذلك في دردشة حول موضوع الدروشة   مؤكدا  زهد الرئيس بالسلطة , ومبررا التصاق الرئيس بالسلطة  وتهيأتة لمحروسه حافظ للولاية  بعد البيعة , وبعد عمر طويل  بعونه تعالى , بالقول  ان قلبه على سوريا , لذا لايستطيع الرئيس  , بالرغم من زهده بالسلطة , ترك البلاد للضبيعية  والثعالب ,   أفضل  لسوريا  أن تكون في عرين الأسد , من أن تكون في وكر  الجرابيع  ..الأسد حاميها  وسبحان مسيرها وراعيها.. والأسد ,  كما قال   يوما  عن  نفسه ,لايهرب أمام  الجراثيم والجرذان.

توسعت حركة الزهد  والدروشة  لتشمل الرعيل الثاني  من حكام الجملوكية , هاهو الأستاذ رامي مخلوف   يعلن زهده بالمال الحلال  , ويتحول  بقدرة قادر  , ولا حول ولا قوة الا به , الى ملاك .. غسله الرئيس وغسل أمواله , التي آلت  مؤخرا  الى بيت المال !,  مال الله عز وجل , والأستاذ رامي  لايريد بعد الآن الا عمل الخير ..المال من الشعب والى الشعب , وليس بنيته  الاحتفاظ بفرنك واحد  من مال الله  ..قدس الله سرك يا أستاذ , وأغنانا عز وجل بالكثير من امثالك  ..حمشو والغروياتي  والشلاح حذوا حذوك ..لله دركم  ياحماة الوطن ..

توقفت موجة  الدروشة  والزهد  عند   الرعيل الثالث   مثل الدكتوراللواء المقدام   بهجت سليمان    والمرحوم الغزلان رستم  واياد   ثم دوبا  وحسن مخلوف  وشوكت  وشاليش,  ولانعرف  حقيقة    لماذا   ؟ , ولكن  قد  يكون   ضيق  الحال  النسبي  هو  المسبب   للابتعاد  عن   الدروشة  ,    أولا  على  هؤلاء   أن يشبعوا دولارا وبعدها   يمكنهم  ممارسة  الدروشة  والزهد , وحدود  الاشياع تبدأ  من  مستوى  غير  معروف  تماما , ولكن  يشك  بمستوى  المئة  أي  مئة   مليار , كما  كان  الحال  مع   أبو  منيار الليبي  , فالعقيد  قدم  استقالته  من رئاسة  الجمهورية  العظمى   لرئيس  الجمهورية  العقيد   قائد  الثورة   , الذي  رفض  استقالة  القذافي  , ولكن  أبو  منيار  أصر  على  ذلك   وترك  زهدا   الرئاسة  ليتفرغ  للعمل  الثوري  ,  وقضية   ترك   العقيد   للرئاسة  غير  معروفة   لدى    لدى  الععموم   ,    فعندما   لجأ  الى  المجرور   لم يكن  رسميا   رئيسا  وانما  قائدا  للثورة  فقط ,   وعندما  لجأ  الى  المجرور   كان   العقيد   درويشا   لايملك  رسميا  ثمن   علبة  دخان مارلبورو ,  مبلغ     ١٢٠ مليار  دولار   كان  في  البنوك  تحت  اسم  المحروسة  عائشة   ,التي    قبلت , شعورا  منها  بحب  الوطن وممارسة  للوطنية , ان  تكون  الأموال   في  يدها  الأمينة  والجميلة   أيضا ,  يسلكم  دياتك   ياجميلتنا  عائشة .

بشكل  عام  اننا   أمام   ظاهرة   مايسمى  “الدروشة  السياسية “,  الدرويش  مصطلح  عام    يخص  الانسان  الزاهد  بالدنيا  والمتقرب  من  الله   وهو  الفقير   المتقشف  عن  قناعة  وايمان , ولكن   أهم  مايميز  الدرويش  عن  غيره  هو   البساطة  والعفوية   وقلة  المعرفة   ونكران  الذات   , كما    هو    جلي  من  مسلكية   الوريث  السوري  والمورث  الليبي  وغيرهم   مثل   المغفور  لهم   صدام  وعلي   عبد  الله  صالح .

الدروشة  السياسية   هي  فرع  من   فروع  التصوف ,  اي     أن  هذه  الدروشة  بحد  ذاتها  ايجابية,  وقد  تكون  مفيدة  في  بعض   الحالات ,  الا  أن    أمر  الدروشة  الصوفية  السياسية     مختلف  في كل   الحالات ,  فالدرويش  السياسي     هو  انسان  مخبول    ويظن  على  أنه   صاحب  منطق   وهو  دائما  على  صواب   ومتمكلك  للحقيقة  المطلقة ,  لذلك  يعتبر  من  يعارضه   فورا    على   أنهم   خونة   وعملاء   ولا  وجود  لشريف  الا  هذا  الدرويش   الذي     أفنى  حياته  في خدمة الوطن  وانكار  الذات   خاصة   التنكر   للماديات  .

لممارسة  الدروشة  السياسية    أهداف    لاتمت  للدروشة  الحقيقية  بصلة ,  وانما    لاعتبار   القطيع  دراويش  من قبل    مدعي  الدروشة   ,   وفي  الواقع  يعتبر   هذا  المدعي  غيره  دراويش   سذج يصدقون   بدون   أي  شك  كل  مايقال  لهم ,  مثلا   قصة   صوفية حرب   ١٩٧٣    وتأكيد  السادت  على   أن     قرار  الحرب   أتى  من   الصوفي  شيخ  الأزهر   الجليل   عبد  الحليم  محمود   ,  الذي   أخبر  الرئيس   بأنه   رأى  روية   تتضمن  سير  الرسول   ومن  وراءه  جنود  مصر  الى  النصر ,  وكل   ذلك   النصر  كان  بفضل    أولياء   الأمر    من الصالحين  ,   لقد  اراد  السادات  التقرب  من  الاسلاميين  , وبهذه   العملية   انقلب  السحر  على  الساحر  وتم  اغتياله  من  الاسلاميين.

الدروشة  السياسية  هي  عملية  اسقاط  الدروشة  على  الآخرين ,  فالدرويش  السوري  أو  الليبي  أو  العراقي   هو  جزار   باسم  الحرية  وسفاك  دماء  باسم    الجهاد  في   سبيل  الوطن والله ,  انه  الثعلب  الذي   يدعي  الدروشة  ويمارس    عكسها ,    الدرويش  السياسي   هو   ذلك  المخاتل  الذي   يقلب  الهزيمة  الى  نصر , انه   ذلك  المنتصر  نظريا   على  النصر  ,  كما   انتصر   وزير  حرب    ١٩٦٧   على    انتصار اسرائيل    وحوله  الى  انتصاره,   ظنا  منه  بأن   الناس دراويش    ويصدقون  كل  مايقال  لهم ,  وفي  هذا  السياق  يمكن   ذكر  العنتريات   التي   تستخدم  التمظهر  بمظهر   الشجاع  المتفاني    الذي    لايمكنه  خسارة  معركة   على  الأقل  لتسلحه  بالايمان ,  التعنتر يعني   لعب  دورا  يفوق   على  مقدرة  المتعنتر   الذي  يظن  بأن  العالم   قطيع  ساذج   وهو   الذكي     الموهوب ,  انه  موهوب   في  مجالس  الذكر  وليس   في  الملعب  السياسي  العسكري ,  هنا  لافائدة  من  رقصة  الدراويش  المولوية  …  حيث يدور  ويدور الراقص   على  نفسه   دون   أن  يغادر   مكانه , يظن   بأنه   تقدم  وهو  في  مكانه  يراوح!!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *