نبيهة حنا :
نسأل العروبة أن تسمح لنا بنظرة تأملية ,نظرة نقد وجرد؟؟ ,دون ان نتعرض للجلد او نؤول الى سجون الموت او نعلق على حبال المشانق ,نظرة تأملية حسنة النية , الشعب كممثل للتاريخ يحلل ويحاكم ثم يحكم ,العروبة!! مالها وما عليها!.
حتى ولو ان العروبة اندثرت ,او انها من الاندثار قاب قوسين او ادنى ,وحتى انه لايجوز على الفقيد الا الرحمة,احب القول ان هذا الاندثار لم يكن مفاجئا كاندثار ميسينا,وانما كان بطيئا مؤلما وباوجاع كموت الجياع,واذا كان لكل داء دواء ,فالعروبة اعيت من يداويها.. المرحومة كانت نقمة اكثر من كونها نعمة.
العروبة بأشكالها المختلفة ..ان كانت سياسية او ثقافية او اقتصادية لاتستطيع ان تشكو من سوء استقبال الشعوب لها ,او من سلبية هذه الشعوب بالتعامل معها ,الشعوب التي انتظرت من العروبة الفرج استقبلتها بالهزيج والفرج ,واعطتها فرصا لاحصر لها ,الشعوب كانت صبورة وغيورة….
اما لماذا تحولت العروبة من نعمة الى نقمة؟ هنا يجب تحليل معطيات الماضي ومقارنتها مع متطلبات الحاضر والمستقبل!
الماضي يظهر لنا وبسهولة,ان العروبة اتت من الجزيرة العربية ,حيث تطغو القبيلة والقبلية ..حيث النظم الخاصة بالقبيلة ,وحيث نجاح هذه النظم في تسيير امور القبيلة, والعروبة المزودة بالحضارة القبلية لم تستطع ان تطور هذا النظام الى نظام مدني ,يمارس الحضارة الحديثة ..يحترم استقلالية الفرد وسلطة المجتمع على الفرد ثم التعددية,حركات عديدة بدأت بالمنطق السليم وبالنوايا الحسنة ,وانتهت بالممارسة العوجاء والعرجاء,حيث اصبح الحزب السياسي دين او عشيرة او طائفة,وحيث خضع المجتمع للفرد الذي مارس الولاية حتى الموت ,فترات حكم مذهلة تقاس بالعقود وليس بالسنين ..وكأن نساء بلاد النيل او صحراء ليبيا او تونس الخضراء أو سوريا الحضارة قد اصيبوا بالعقم بعد ان انجبوا المبارك او القذافي او زين العابدين أوالأسد أوصدام ,ولو اطال الله عمر هؤلاء لأكثر من مئة عام لكان علينا قياس فترة ولايتهم المجيدة بالقرون..شيء لايصدق ..الرؤساء تحولوا الى ملوك وزعماء قبائل ,وهم ..هم ذاتهم من روج لفظيا للتقدم والنهضة والحرية والديموقراطية ,عمليا تقلص عمر الوطن ليساوي عمر الحاكم مضافا اليه لربما عمر اولاده , الرسالة لتي وجهها تقريبا كل رئيس عربي حمل لواء العروبة الى قطيعه ….حذار من زوالي ! اذ بعدي سيأتي الخراب !
ليس من الغريب ان تخطئ العروبة والعروبيون ,ولكن من العجيب ان لايتعلم هؤلاء من اخطائها ومن خبراتهم الفاشلة,هاهي العروبة السياسية تطبل وتزمر من اجل الوحدة السياسية والاقتصادية والانسانية العربية,العروبة مارست ذلك يشكل يؤسف عليه ..اعتباطي غوغائي محكوم عليه بالموت قبل ولادته ..والامثلة على ذلك كثيرة ..ان كان اندماج اليمن السعيد مع مصر او مشروع وحدة العراق مع الاردن او الاندماجات التي بشر بها القذافي ..وحتى الوحدة بين سوريا ومصر التي دامت عددا قليلا من السنين, لاشيئ يستطيع تبرئة العروبة والعروبيين من تهمة التهور والاعتباطية التي قادت الى الفشل,الذي قضى وبشكل جذري على الكثير من الاحلام والآمال, من أهمها فكرة الوحدة العربية بالذات ,كل ذلك والشعب الصبور لم يكف لحظة عن اعطاء العروبة والعروبيين الفرصة تلو الاخرى ..شجعها ..دفعها الى الامام كفر من كفر بها ..قاوم من اراد مقاومتها ..والعروبة المسكينة لم تفلح الا في شيئ واحد ,وهو زيادة الانشقاق والتشرذم والتشتت والضعف .