سمير صادق:
الوحدانية هي المنطلق الأساسي للعقل الديني ..هنا نتحدث عن منطقتنا وبالتالي عن الاسلام ,فلا وجود للعقل الديني بدون الوحدانية التي هي مسلمة عقيدية فطرية مستولية على العقل والهدف والفهم والقيم ,وأساس هذه العقيدية البديهية هو الايمان المطلق بالله .
في سياق البحث عن اشكاليات الثقافة العربية وانسدادها وتقلص مقدرتها الابداعية واستهلاكها لذاتها وغربتها عن الآخر وعدم مقدرتها على التواصل نجد لذلك العديد من الأسباب الافتراضية , أحد هذه الأسباب المفترضة هي الوحدانية التي بشر بها الوحي الديني , الوحدانية التي تمثل الرؤية الواحدة لكل شيئ ,والتي قضت على التعددية الوثنية وتحولت الى هيمنة ديكتاتورية استلبت من الانسان حريته وحولته الى عبدا يتعبد ويعبدها , وحدانية حاصرت الانسان ومنعت عنه ماعداها من روافد فكرية أو ثقافية ,وحدانية مستعبدة ومستبعدة للفكر الآخر ..شمولية ومؤسسة على المطلق ,مكفرة وما عداها زندقة وهرطقة يجب لوي رقبتها بسيف الرسول وساطور الله .
اليس من المنطقي والحال كذلك اخضاع الشموليات والأصوليات والوحدانيات لعملية التفكيك بحثا عن مصادر العبث بالعقل والرأي الآخر والتعددية الفكرية الضرورية لكي يبقى المخلوق البشري انسانا معتوقا من العبودية ومن السلاسل التي تقيده والحجاب الذي يعميه والنمطية الواحدة التي تحوله الى نوع من المعلبات .
لقد انتصرت الوحدانية على التعددية , الا أنها لم تنجح الا في التأسيس لأنظمة الواحد الأرضي كنظير للواحد السماوي , ثم ماهي انجازات هذا الواحد السماوي لحد الآن …؟ كثر الحديث عن الحروب والديكتاتوريات والقتل وابادة البشر والعنصريات التي كان محركها المطلقية والنظرة الواحدة للحياة وقوانينها ..كل ذلك قاد الى التعارك بدون نهاية في سبيل الله أي في سبيل الوحدانية , التي لايمكنها التسالم مع الآخر بدون التأسلم , أي الاخضاع وتعميم الشمولية التي سحقت الانسان وقمعت الرأي المختلف والمخالف.
باسم الوحدانية ومن أجلها تم اخصاء الثقافة وتدمير المعرفة في هذه البلاد , ومن منا لايعرف شيئا عن الرازي أوالخوارزمي أو الكندي أو الفارابي والبيروني وابن سينا وابن الهيثم ثم ابن رشد وابن باجة وابن طفيل والطبري وابن المقفع وعمر الخيام والحلاج والجاحظ وابن بطوطة وابن خلدون والمعري ..الخ ,لقد تمت تصفيتهم جميعا بطرق مختلفة ,والسبب كان خروجهم عن الوحدانية وممارستهم للنقد أو تبنيهم لفكر آخر .
لابد في هذه المناسبة ,وبعد انتقال الفكر البشري من مرحلة الوثنية الى مرحلة الوحدانية من طرح السؤال التالي :هل كانت الوثنية وتعدد الآلهة قاحلة حضاريا ؟ وهل بدأ الفكر التعددي الناقد الخلاق بالتلاشي مع بداية الوحدانية ؟ وهل يمكن مقارنة وضع المرأة وثنيا مع وضعها وحدانيا ؟ أين هي عشتار وأفروديت وزنوبيا ونفرتيتي , وماذا عن حمورابي وعن الألعاب الأولومبية وعن سقراط وأفلاطون والفلسفة الاغيريقية واليونانية وحضارة مابين اللرافدين والحضارة الفينيقية والفرعونية , وهل انجبت حقبة الوحدانية شبيها لكل ماذكر ؟أما بالنسبة لسوريا فهل يمكن مقارنة حضارة تعدد الآلهة مع حضارة الوحدانية ؟؟ وما هي أسباب ذلك التفاوت