ماذا يريد العلويون?

نبيهة  حنا :

لقد  أصبحت الاجابة على هذا السؤال صعبة نسبياً  خاصة بعد  دخول الجيش الروسي منطقة الساحل   ثم توغّله في الداخل  , مجيئ الروس أفرز   العديد من  المفارقات والمفاجآت  ,  التي غيرت بعض المفاهيم  وغيرت أيضاً طريقة فهم العديد من الأمور .

احدى المفاجآت والمفارقات  تتعلّق بموقف الطائفة العلوية  من  بقية الشعب السوري , ويجوز هنا التكلم عن “الطائفة”  تعميماً  لأن الواقع للأسف يشير على أن هناك  موقف “للطائفة”, لقد طوروا العلاقة الشخصية التي يتسم بها الانتماء المذهبي  الى علاقة عامة معممة تتسم بها الأحزاب السياسية  , أي أنهم يمارسون مايسمى العلوية السياسية  ,وهذه الممارسة هي ممارسة  طائفية  ,  صدق أدونيس عندما قال   على أنه لاطائفية بمجرد  انتماء   الانسان الى طائفة معينىة ,  واقعة  “الطائفية ” تحدث عند وجود  مشروع  تنطوي تحته مشاريع للطائفة ..سلطة  ..حكم… الخ  أي مشروع العلوية السياسية .

لقد حاولتُ جاهدة   تفهم  هذا الموقف الطائفي , وتذكرتُ في هذه المناسبة ماقاله لي يوماً ما صديق علوي .. حكمونا ٤٠٠ سنة  والآن يتذمرون لأننا  حكمناهم ٤٠ سنة … لقد  تعاملت مع ادعاء الصديق  وكأنه نوعا من التظارف أو المداعبة ولم  أأخذ ماقاله مأخذ الجدية  مع العلم  بأن ماقاله يمت بصلة وثيقة الى الواقع  , الواقع يقول  هناك هيمنة علوية  تزايدت بشكل مستمر على مدى أربعين عاما   إلى أن حدث الانفجار  , وقد كنت أظن على أن تمسك الطائفة بالأسد ناتج عن تخويفهم من   التذبيح عند زوال الهيمنة , مع العلم على أني لم  أعتقد ذلك يوما من الأيام ..انهم يشعرون بذلك !! , والمشاعر  لا تتطلب   الموضوعية  ,  عندما جاء الروس  انتابني نوعٌ  من   الرضا  , لاحظت تناقصا  كبيرا في   مشهدية حمل السلاح  في الشوارع  من قبل الشبيحة  ولاحظت    شيئاً من الانضباط …والأهم من ذلك  كان   توقعي بحدوث نوع من الانفراج في الموقف العلوي,   لأن  اشكالية المذابح لم تعد واردة  , وقلت  على أن  الوقت مناسب  الآن  لانفتاح العلويين على الآخرين  ولا لزوم للخوف  والتشنج بعد الآن  , الا أن  الواقع خيب أملي , حيث تعالت أصوات  الحرب  من قبل  الطائفة  …الآن ..الآن  يجب  حل المشلة  عسكرياً  , لا حل سلمي أو سياسي ..الى الحرب ياشباب .

تزايد   الترويج للحرب بعد دخول الروس   ينفي صحة  مقولة الخوف  , ويؤكد  صحة مقولة  الهيمنة والاستعباد والاستبداد والفساد  , لايريدون العيش سواسية  مع الآخرين ,وخدمة للحقيقة  يجب  القول  بأن الطائفة الأخرى  لاتريد أيضاً العيش  سواسية مع الآخرين  ,وكل طائفة تريد العيش  فوق  الآخرين , ولا أعرف خلفية   ربع  مقنعة  لهذه المسلكية  ,لقد   خسروا مئات  الألوف من شبابهم  في  الحروب , ومنهم  عشرات الألوف من الذين قتلوا  أخلاقيا في مدارس المخابرات  ومدارس التشبيح والتعفيش,أوقعهم الأسد في مطب “الوظيفة” وجعل منهم  ادوات الفساد التنفيذية ,لم  ينتبهوا  الى  مخاطر ترك المدرسة وترك  الزراعة  والالتحاق   بالجيش  والأجهزة الأمنية, حيث تشكل منهم  الجسد العسكري  الفاسد والفاشل والمخابراتي   المتوحش عديم الأخلاق  , ثم  جراد  الفساد في  أجهزة الدولة  الذي تمكن من القضاء على الدولة السورية  في نصف قرن ,السلطة ابتلعت الدولة , والحزب ابتلع السلطة , والطائفة ابتلعت الحزب , والعائلة ابتلعت  الطائفة  ,والأسد ابتلع العائلة  , وبالتالي ابتلع بشار  الكل .

النقطة الاخرى التي   أماط  التدخل الروسي   اللثام  عنها  هي  موقف  السلطة   الأسدية من مبدأ التدخل الخارجي , لقد استنكر الأسد  دائما  وجود  أجانب على الأرض السورية  يحاربونه   الى  جانب  الفصائل    المسلحة  , وقد بلغ   النفاق عنده  حد  اعتبار كل من  يحاربه في سورية مرتزق  أجنبي , ذلك   لأن  السوري لايحاربه  وهو الذي   انتخبه بنسبة اسطورية  (98% من الأصوات كانت لصالحه) ,  , وبالتالي لالزوم للمعارضة  لذا لاوجود للمعارضة , الرئيس  الشامخ بشار الأسد يحكم ويعارض في آن واحد , انه الكل بالكل …خائن من يتلقى  مساعدة من الخارج , أما بشار الأسد فإنه خائن إن لم  يطلب مساعدة  الأجنبي ولم يحصل عليها  ولو باع البلد من أجلها .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *