سوريا ولعنة العروبة

نيسرين عبود

هل  سقطت  فكرة  الوحدة  العربية  قبل ولادة  فكرة  القومية  العربية في  مطلع  القرن  العشرين   أو بعد ولادة  الفكر  القومي؟ , أظن  بأن   فكرة  الوحدة  العربي والعالم  العربي  الموحد قد سقطت  قبل  ولادة  الفكر  القومي , ,ثم   أن  ولادة  الفكر  القومي  لم يترافق   مع مع  ولادة  فكر وحدوي  ناضج  وناجح ,  عدم  نجاح افكر  القومي قاد   الى  ازدياد وتيرة الفكر  القطري ,  خاصة  بعد  مناسبات  مؤلمة  كغزو  العراق  للكويت   واستعمار   الأسدية  للبنان , وبقدر   تعظم   الفكر  القطري   تقزم  الفكر  القومي والشعور  القومي  أيضا  , لقد  ثبت  بما  لايقبل  للشك  بأن  موجة  الفكر  القومي  لم تكن  الا  شعارات كان   هدفها  تسويق   الديكتاتوريات للسيطرة   والاستغلال  والبقاء  بتوظيف  الفكر  القومي  لهذه  الغاية  , يتقزم  الفكرالقومي  الوحدوي  باستمرار,  فلم يعد هناك  من  وجود مهيمن   للبعثي عقائديا    في حزب  البعث , والرهموجة  الناصرية  التوحيدية   تبخرت ,  للتعرف  على  المرحلة  التي  وصلت  اليها  القطرية  في  هذا  الشرق يكفي القاء  نظرة  عابرة على العلاقات  السابقة بين   العراق  البعثي  وسوريا  البعثية  وعلى  العلاقات  بين  السعودية  واليمن ثم  الجزائر  ومراكش …. الخ ,    فمن  النادر  في  تاريخ  الدول   أن تكون  القطيعة  بين  دولتين يحكمهما   حزب واحد  كالعراق  وسوريا  كما كانت  القطيعة بين  هاتين  الدولتين

    تعاظم  الدور  القطري  والاستقلالية  القطرية المترافق  مع  ضمور  الفكر  القومي العربي   والانتماء   للقومية  العربية  لم يكن   هواية وغواية , وانما مصلحة  مبررة    واعادة  الاعتبار  الضروري  للاوطان  ,فالاستعمار  السوري  للبنان   قاد  الى حذف   نموزج  العلاقات  الأخوية  بين الدولتين  وبالتالي   افتتاح   السفارا ت ,الكويت بتجربته  المريرة   حصن  نفسه  بالمزيد  من  اتفاقيات  الحماية مع  الغرب  والمزيد من  القواعد  العسكرية  الغربية  , وهكذا سعت  الدولة  القطرية بوسائلها  الذاتية   للدفاع  عن  نفسها وعن  قطريتها  واستقلالها  بالشكل  الموجودة به  وليس  بالشكل الذي   يراد لها   أن تكون به

لقد كان  القرن  العشرين  القرن  الذهبي   للفكر  القومي  العربي  , ويبدو وكأن  القرن  الحادي  والعشرين سيكون  القرن  الذي  عليه  حل  المشاكل التي  نتجت   عن  انتفاخ  الفكر  القومي  العربي  في  القرن  العشرين , انكمش  الفكر    وبلغ  درجة  عالية  من  الانكماش  حتى  في  أوائل  هذا  القرن, تصوروا حال  هذا  الفكر  لولا بقاء  المشكلة  الفلسطينية  بدون حل  ولولا  سياسة  اسرائيل  التي لم  تتوقف  عن  الااستفزاز  والابتزاز ,  هل  سيكون هناك  فكر قومي ؟ وحتى  مقدرة  مشكلة  فلسطين  على  الابقاء  على  شيئ  من حيوية  الفكر  القومي  في طريقها  الى  التلاشي  ,  يقال  بأن  الاشكالية  التي  لاحل  لها  لاتعتبر  مشكلة , وهكذا   فان  عدم مقدرة  القومية  العربية  على حل مشكلة فلسطين ,  حول  هذه  الاشكاليةة  الى  “لامشكلة” , أي  الى حالة  لامفر  من  التعايش  معها  بشكلها  الحالي  أو بالشكل  الذي تريده   اسرائيل  لها, وليس  بالشكل  الذي تتمناه  القومية العربية, فالقومية   أساءت  للقضية  الفلسطينية بشكل  غير  مباشر,  مارفضه  العرب بخصوص  التقسيم  على  سبيل المثال  كان  خاطئا , وعدم  التمكن  من تجنب   الحروب  كان  ضعفا  سياسيا  وعسكريا  ,  وخداع   الناس  بادعاء  على  الانتصار كان جريمة  , وأكبر  الجرائم  كانت جريمة  التكاذب  والتنافق   التي  حولت   الهزائم  المنكرة  والمتكررة  الى   انتصارات اسطورية

سيان   ان  كان  الهدف  قوميا   عربيا   أي  اقامة  الدولة  العربية  الكبرى  أو قطريا  استقلاليا, فانه   لايمكن  في كلا  الحالتين  تجاهل   أهمية  التنمية  البشرية   وتطوير  كل  بلد  عربي  الى  ماهو  أرقى وأفضل , وحتى   ان  فرص  نجاح  أي  اتحاد  أو وحدة  مستقبلية  يتناسب  طردا  مع   تقدم  وتطور   الدولة  المعنية  بأمر  الاتحاد  أو  الوحدة , بالنسسبة لسوريا   فقد   أتعبتها    العروبة  الى  حد  الهلاك…  أنا  ياصديقي  متعب  بعروبتي , فهل  العروبة  لعنة  وعقاب(نزار قباني ),  بالنسبة  لسوريا  فقد  انخدع السوريون  بكذبة  العروبة  عندما   أهملوا   مشروع  الدولة  السورية القطرية  من عام ١٩٢٠  وحولوا جهودهم باتجاه    الاطار  القومي  العربي, حمل   السوريون  الهم  العربي قبل  الهم  الوطني  السوري  القطري ,  لذلك  فشلت  تجربة  الدولة  السورية ,  وتجربة  الوحدة   الفاشلة  زادت  من  ارتفاع  جبل   الفشل  المتراكم  ,  أي  خطوة   مهما  كانت  جيدة   تتحول  الى  سيئة  عندما    لاتوضع  في  الزمن  المناسب وبالشكل  المناسب, وهكذا  تحولت  الوحدة  بشكلها  الاندماجي وفي ذاك  الوقت  الغير مناسب  الى كارثة   آنية  ومستقبلية.

       من استفاد  من الممانعة والمقاومة ومن تدخل  سوريا  في  الشأن الفلسطيني  , هل  استفاد  الفلسطينيون  ؟  أو هل  استفاد  السوريون, وهل  عادت فلسطين  وهل  ازدهرت سور يا ؟,لقد تضررت القضية الفلسطينية   وتضررت  سوريا  , وعن لبنان  يمكن  طرح  نفس  الأسئلة  , ولو  لم يتم  توظيف  القضية  الفلسطينية  لأغراض  تهم  الديكتاتوريات لكان   بامكان  الفلسطينيين   أحراز  قدرا  أكبر من  النجاح  في  الحصول  على  حقوقهم ,الديكتاتوريات  وظفت  العروبة  والفكر  القومي في  التغطية  على  دجل  المقاومة والممانعة ,الفكر  القومي سمح  باطالة  عمر  الديكتاتوريات  وهو  الذي تشارك  مع  الاسلاميين  تارة , وتارة  أخرى  تقاتل  معهم  , ذلك  القتال  الذي قتل  ملاين  السوريين  والفلسطينيين  وقاد الى  الخراب  السوري  شبه  الكامل  , لولا  العروبة   والفكر  القومي  العربي  لما حدث  للفلسطينيين  ماحدث ولما حدث  للسوريين ماحدث

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *