خيار  الانتحار!

سمير صادق:

الانسان السوري خائف  وقلق , ليس منذ أمس  وليس منذ سنة , وانما منذ40  سنة  , وحتى منذ 1400  عام , فالتخويف  هو هدف   الممارسات القمعية , والخوف هو الحاضن الأمثل للعنف , الذي  أصبح  من أهم وسائل  التداول بين الأفراد  وبين  الحكم  والشعب ,  كل يوم نتعرف  على محاصيل جديدة   للسياسات  العرجاء  العوجاء … قتل وسحل ..اختتطاف واغتيال  واعتقال , حتى   العقل    أعتقل  ومات منتحرا  ,  بربرية  وتوحش  اينما نظرت , لقد  فاجأتنا  سورية  بما  لم يتوقعه  أحد  !
وفي حالة كهذه يبجث  الانسان عن السبب وعن العلاج, حيث يجد السبب دائما في السياسات التي تمارسها المجتمعات   وقيادة هذه المجتماعات , ولو أخذنا المجتمع السوري , لوجدنا على ان المسبب الأول  لعاصفة العنف   الحالية هي السلطة الحالية , ومن الواجب تحميل السلطة المسؤولية الأولى ,لأنها السلطة التي تحكم  البلاد  وبشكل مطلق ديكتاتوري , ولا تقبل ان يشاركها أي سوري  خارج عن رأيها وارادتها , السلطة  مارست العنف  وتمارسه حتى  هذه اللحظة ,  وليس اطلاق الرصاص هو المظهر الوحيد والأسوء للعنف , فتقويض الحريات  هو من اعتى أشكال العنف  ,  الفساد هو من   أشر  أنواع  العنف  , والاعتقال هو عنف صاف  , والمادة الثامنة , التي لاتزال عمليا سارية المفعول هي من أشد أشكال العنف تدميرا وتخريبا ,  وخراب البلاد الحالي ليس الا نتيجة لكل ماذكر , اضافة لما  ذكر  يجب  التنويه  التراث  المتجذر  في وجدان  الناس  ..تراث  العنف والقتل   والسحل   , فالنظام هو استمرار  للماضي  القمعي  الديكتاتوري  العثماني  والخلافي ,كما هي  داعش  استمرار  لتوحش  القرون  السابقة , فلا  داعش   اخترعت ماهو  جديد   ولا  النظام  أتى  بما هو جديد !
البلاء الذي  أصاب  البلاد مزمن لذلك فانه  صعب العلاج , السلطة  التي  تسحق , لاتقتدر الا على ممارسة السحق ,  والسحق  هو  الحل  السحري  لكل  مشكلة  أومعضلة , ولو لم يكن الاعتماد  على  السحق كلي  ومطق  , لكان  بامكان  السلطة  يوم  ١٥-٣-٢٠١١ تسليم   البلاد الى تيار مدني , كان قوي نسبيا  مقارنة  بقوة الأصولية , الآن قويت الأصولية  ,   وأصبحت    حياة الوطن  , حسب تقديري ,  تحت سلطة مدنية  بعد سقوط  الأسدية صعبة مع التيار الأصولي , الذي سينوب عن السلطة الحالية  في حرصه   على تدمير البلاد ,  فالأصولية  تتوافق مع السلطة الحالية في العديد من النقاط , ومشكلتها مع السلطة الحالية  , هي مشكلة منافسة على  التسلط فقط, يحلم من ينتظر من الأصولية  حرية  أو ديموقراطية   أو عدالة  اجتماعية  , الأصولية  الاسلامية  المتمثلة  بالفصائل   المقاتلة  هي رصاصة  الرحمة  الأخيرة  لوطن   يتصارع مع الموت.
رحيل  الأسدية  سيكون  بداية  العراك المفتوح  مع الأصولية  التي سيكون  تعاملها مع سوريا الجديدة  حاد جدا  ودموي جدا , وسوف  لن  تترك  الأصولية  القتالية  أي فرصة  للاستقرار  وأي  فرصة  لتعامل  الناس مع بعضهم البعض    وتعاملهم  مع  أي سلطة جديدة ديموقراطيا ,  هذا  اذا قصر  التوازن الدولي  في  السيطرة  عليها  بعد   أو قبل  رحيل الأسدية .
 سقوط السلطة الحالية أصبح  بسبب  تآكلها المتزايد والكلي حتمي , وانتصارها  العسكري  بمساعدة  الخارج  يختلف  شدة  عن  امكانيات نجاحها  في  ادارة  البلا, الانتصار  شيئ , والنجاح شيئا  آخر  مختلف تماما ,  سيكون  للسلطة المقبلة التي ستكون  مفروضة  ومدنية علمانية ديموقراطية  وحرة  مشاكل كبيرة مع الأصولية , وهذه المشاكل  تتعلق في التباين المبدئي بين سلطة ديمقراطية حرة وبين أصولية لاتؤمن بالحرية والديموقراطية , لقد  دمرت  السلطة  البعثية  الأسدية  العائلية  البلاد  ليس حاضرا  فقط   وانما مستقبلا  أيضا ,  فالأصولية  ستكمل رسالة   الاسدية ,  القضاء على  الصيغة  العسكرية  للأصولية  ممكن  وسيتم  , الا أن  القضاء  على  العنف  المتجذر  في  النفوس  وعلى  الاقصائية  العنصرية  الديكتاتورية  المتجذرة ايضا في نفوس البشر  أيضا   صعب  حتى الاستحالة  في  فترة  زمنية  قصيرة نسبيا  , الاقصائية  العنصرية  الديكتاتورية تحولت   الى  حالة  شبه   غريزية ,  وبالتالي  حالة   مستعصية  على العلاج   بالمدفع  والصاروخ والطائرة  , عندما أرى كل ذلك  ينتابني  الشعور  بأن خيارنا  الوحيد  هو  الانتحار !!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *