فاتح البيطار :
لقد اعتاد الاستبداد في كل بلاد على استخدم الدين كوسيلة للسيطرة على الشعوب ,والمستشارة الاعلامية للرئيس الأسد لونا الشبل وعيت هذه الحقيقة وأهميتها , حيث نصحت السيدة الشبل الرئيس بأن يأخذ الاسلام من الاسلاميين , أي انه عليه المزايدة على الاسلاميين اسلاميا , وذلك بالقول والعمل , فلا مانع مثلا من أن يحج الرئيس أو يؤدي العمرة أو يشتري مفتيا عاما للجمهورية , يكون شكليا موجها وملهما للقطيع الذي يتزعمه عمليا السيد الرئيس , وذلك انطلاقا من وجود مصالح مشتركة بين الشمولية الأرضية والشمولية السماوية .
المصالح المشتركة بين السماء والأ{ض تعني الشراكة, والشراكة تعني اقتسام الغنائم , وهذا مافعلته الكنيسة في العصور الأوروبية الوسطى, حيث قامت الكنيسة بأداء حصتها من المسؤولية المشتركة , التي هي بشكل عام تطويع الشعوب , وارغامها على الطاعة والمطواعية ,ثم اقتسام الغنائم ,وفي اوروبا انتهت الاشكالية بارسال رجال الدين الى معابدهم وفصل الدين عن الدولة, لابركة في الشراكة !.
أما نحن فلا نزال على مايبدو في غيبوبة دولة الغيب والغيبية , المفتي أصبح مديرا لشعب التجنيد ودوائر النفوس , المفتي لهث وراء الشباب وأراد عسكرتهم , لأن عسكرتهم وارسالهم الى الموت هو “واجب شرعي” حيث أن من قتل في سبيل الله ليسوا امواتا وانما أحياء عند ربهم يرزقون .
المشكلة هنا هي اختلافات مجموعات الأحياء عند ربهم , ماذا يفعل هؤلاء ببعضم البعض في فسيح جناته ؟؟ بعد أن فتكوا ببعضهم البعض على الأرض ,هل يقاتلون هناك ويقتلون , أم أن السماء ترغمهم على العيش بالحب ..حبوا بعضكم البعض ولا تحاربوا بعضكم البعض, لاتقتل ! لاتسرق ..وكأن الأسد لم يسمع بالمسيح ولم يقرأ كلامه .
كل من الرؤساء العرب استرزق دينيا , والاسلام هنا هو مرتع الاسترزاق , وكل منهم له طريقته الخاصة بالاسترزاق , فالرئيس السادات استرزق الى أن رزق بلقب الرئيس المؤمن , والرئيس المتوفي حافظ الأسد استرزق الى أن رزق بلقب الرئيس الورع , وصدام استرزق وتأبط في آخر ايامه القرآن , وكتب على لافتته عبارة “لا اله الا الله ” , وأحد مناقب صدام التي يجب التنويه اليها كانت اجبار ميشيل عفلق على اعتناق الاسلام تملقا لرجال الدين , أما القذافي فقد حول نفسه الى المفتي الأكبر , والملك السعودي هو حامي الحرمين , أما الأسد الثاني فقد كان عمليا أكثر من غيره حيث وضع قانون الأحوال المدنية في يد رجال الدين , وشارك البوطي في عملية الاستسقاء , حيث كان على البوطي قيادة سرب المصلين وعلى الأسداصدار مرسوم الاستسقاء , هذا ناهيكم عن الألوف من المساجد التي بناها الأسد والمئات من مدارس تحفيظ القرآن , اضافة الى شنيعة الفقرة الثانية من المادة الثالة في الدستور , أما الملك الأردني فقد تبرج بانحداره من السلالة النبوية , لذا فانه يستحق لقب “الشريف أو الأشراف “, ولكل زعيم عربي ميزته الخاصة في استغلال الدين واستغلال الدين له .
المفتي حسون الذي اشتراه الأسد واقتناه كمفتي عام لسوريا الأسد هو رجل مبدئي , يأخذ ويعطي ..حق الله حبيب الله , والآن جاء دوره في العطاء , وماذا يستطيع السيد الحسون الآن اعطائه لسيد نعمته الأسد ؟ الأسد يحتاج الى المحاربين بعد أن ضعف في حروبه , الأسد يحتاج الى المقاتلين , بعد أن وهن في قتاله , لذا كان على الحسون أن يفتي , ومن هو أجدر منه بالافتاء وهو رئيس دار الافتاء , وبماذا يفتي الحسون ؟ ,
الحسون أفتى بشرعية الموت من أجل القائد ,أراد من الشباب الانخراط في الحرب لنصرة القائد ..انه حربجي ورجل دين في آن واحد , وهل يمكن الجمع بين الميزتين الا في سوريا الأسد ؟, سوريا الأسد كيان العجائب ودولة المصائب .
للتذكير فقط , لم يكن الحسون أول من أعلن النفير العام , لاتوجد في العالم العربي منظمة سلفية أو دينية الا وأعلنت النفير العام وذلك مرارا وتكرارا , وذلك من اخوان مصر الى فيالق حماس الى النصرة السورية أو كتائب محمد وغيرهم , النفير العام حالة مستمرة تحتضن الجهاد العام , وضرورة الجهاد تكمن في ضرورة الجهاد!, أي أن الأمر نوعا ما عبثي وعدمي , الجهاد هو الهدف , ولا هدف آخر يكمن ورائه , وهل يريد الحسون الجهاد من أجل الجهاد ؟ نعم الحسون يريد ذلك , لأن من سيستجيب لفتواه (نظريا) هم من الجهاديين , الذين يجاهدون من أجل الجهاد وملحقاته .
لم تكن هناك أي فائدة تذكر من نفير الحسون ,والنفير لم يغير الأمر لصالح الأسد ,وانما الخارج هو الذي حسم المعركة تقريبا لصالح اسلام سياسي ضد اسلام سياسي آخر , أي اننا لانزال تحت بساطير اسلام سياسي , أننا لانزال على الخازوق , وحى لواختلفت الخوازيق فالنهاية واحدة.
نصيحة لونا الشبل بسرقة الاسلام من اسلام سياسي قادت الى سرقة الاسلام السياسي الآخر للأسد ومزرعته ,عمليا لم لم تكن قيمة نصيحة لونا الشبل أكثر من فرنك وعن الجمل فلا وجوب للحديث