الإسلام والوعي .. التناقضان الذين لا يجتمعان أو يلتقيان

 هشام  أحمد :

 

Bildergebnis für ‫الوجود فن تشكيلي‬‎ ان فعل  المعرفة لا يختلف عن فعل الوجود، إنه فعل المشاركة في الوجود .. وإنه نظرنا لمعرفة المسلمين والتي هي التعبير عن مشاركتهم في الوجود الإنساني .. نصل لفوهة تبتلع كل الوجود .. فما رغبتك في تطبيق شرع الله “الذي لا يمتلكه سواك أو صحته لا تقارن بشرع الآخرين ” هي تعبير عن عدم المقدرة في المشاركة بالشيء “االوجود” ورد الفعل عن ذلك هو في إلغاء الشيء .. أي الوجود ، وهذا ما يحاول المسلمين دائما وعلى امتداد التاريخ وفي الآونة الأخيرة بشكل مكثف وممنهج على إلغاءه ، فرأينا القتل والتقتيل وتشريعهما وأيضا إباحة السرقة والسبايا واستعباد الناس والاستقواء عليهم والتنمر في مخاطبتهم ، أي تشريع كل ما اتفق على تحريمه ومنعه في العالم الإنساني والوجود البشري !.
والمعرفة عند المسلمين ضحلة و يقينية لا تقبل الشك ،أي التفكير، ومستوردة من ماضي قديم .. ومن حقبة زمنية جامدة، هي الفترة في نزول الوحي وتعليم محمد، ولأن طبيعة الإنسان تقترف أخطاء في أحكامها، حتى لو ارتبطت بمفاهيم شديدة الوضوح ودقيقة التمايز، كالمسائل الرياضية مثلاً وليس المسائل التعجيزية اللغوية كما في القرآن . فلا شيء يُثبت أننا لا نصدر حكما خاطئا حين نكون متيقنين من أننا نصدر حكما صائبا ، فهي ميزة الخطأ أن يكون مستترا خلف الظن أنه حقيقة .. فكيف بأحكام من كتاب غيبي يصف جنة لن تقبل الشك والتفكير والتجربة ، أي ماعلاقة هذا الكتاب في عيشنا هنا على هذه الأرض وكيف يقبل بكل جحود وعنجهية في الاعتداء على حياة البشر بفهمه وحده دون سواه لتسيير شؤون البشر؟!!
تقوم نظرية المعرفة لدى كل من أفلاطون وأرسطو اللذين كان لهما تأثير كبير في تاريخ الفكر على امتداد قرون عديدة ،وقبل محمد، على مصادر أساسية مفادها أن المعرفة تتحقق من خلال الانتقال والارتقاء التدريجي من المعطى المحسوس إلى النموذج المعقول، حيث تميل الذات العارفة تدريجيا إلى التجرد من كل ما له علاقة بالعالم المحسوس من أجل الاتصال بالعالم المعقول والارتقاء في مراتب المعرفة إلى أن يصل العقل إلى غايته القصوى وهي المشاركة في انسجام العالم المعقول وتناسقه الرياضي ، ولكن فهم الإسلام للعالم وتناسقه الرياضي بشكل وحشي يجعل العالم الإنساني حديقة حيوانات ضخمة تقوم على نهش اللحم وتقطيع الأوصال وشرب الدماء والهجرة بداعي البحث عن المأكل فتأخذ بطابع الدين فكرة الغزو والاستعمار والاستيطان والتصحير باجترار المكان دون أي استثمار علمي مستقبلي للحياة ، فكل الحضارات بدأت بعد اكتشاف الزراعة وتمدن العيش و نشأت في أماكن صالحة للعيش كالتربة الخصبة ووجود المياه والأنهار واستثمرتها بمشاريع علمية كفتح قنوات للأنهار وبناء السدود وتطوير البناء المعماري إلا الحضارة الإسلامية … نشأت من الصحراء وقامت بتصحير كل الأماكن التي استوطنها وتسترت تحت التمدن المعماري لقصور السلاطين والخلفاء ولكن من دون اي استثمار علمي للموارد وتطوير الحياة … وهذا كله كان ردة فعل على فعل الحضارة والتمدن من قبل بدوي يحتقر كل هذا النتاج الإنساني للإنسان وعقله !.
فالشخص الذي حصل له الوعي بذاته باعتباره ذاتا مفكرة، هو بالضرورة كائن حر وهو الإنسان.
وهكذا أصبح مفهوم الوعي مرادفا لمفهوم الحرية ، فالوعي هو العنصر الذي يقوم بالتنسيق بين نشاط العقل ونشاط الجسد أي الذي يقوم بصناعة الإنسان بشكله المتفوق على سائر العالم الحيواني ، وهذا ما لايتوقف المسلمين عن تحطيمه بتغييب الوعي والذات المفكرة للعيش بسكينة مع \في عالم حيواني يجيدون ويتقنون ويتفنون في فهمه والعيش به وتحت شعار “لا للحرية _بوصفها أداة وأساس ومعيار العيش_ فنحن عبيد الله ونشعر بالعبودية المطلقة لله ” !.
إن ما يميز الإنسان هو وعيه بذاته، وهذا الوعي هو الذي يجعل منه كائنا متميزا، ويرقى به إلى مستوى الشخص الحر المستقل ، وهذا ما يرفضه المسلميين بشكل قطعي ويريدون أن يكونوا عالة على الحياة والعالم والدول والحكومات ، فالمسلم الغير قادر على الحرية والاستقلالية ونتيجة عجز في ذاته المفكرة ،أي في وعيه للحياة والعالم ، تراه يلقي بفشله على الآخرين والغرب والحكومات الاستبدادية التي هي نتاجه وبشكل حصري في القرن العشرين والحادي والعشرين !.
إن مقالي هو للمسلمين بشكل خاص وللإنسان بشكل عام في فهم ما نتعرض له في هذه الحقبة من الصحوة الإسلامية المريضة والتصدي لها بعدم التعاطف او تغليب الحس على العقل ، وهذا ما يحدث عندما تجالس مسلم مهزوم يتستر في عجزه وضعفه لحد جعلك تخطئ في الحكم عليه !.
فقد تُحدِث الإحساسات تحريفا في إدراك العالم الخارجي وتعرض أحكامنا للخطأ: مثلاً، يبدو لنا البرج المربع البعيد مستديرا ، وكذلك يبدو لنا المسلم كائن بشري مستضعف ومضطهد وهو في الحقيقة غول نائم بداعشيته وهناك داعشي صغير يغفو على صدره !.
وبذلك ،بما تفعله الإحساسات، تصير محاكمة العقل بذلك ضياعا لاعقليا؟ وإذا كانت المسلمات axiomess – وهي معطيات بديهية لا تحتاج إلى إثبات – ناقصة أو خاطئة بطبيعتها، فأية قيمة تبقى لأحكامنا؟ ألا يقضي التعقل هنا بأن نكون ارتيابيين أو مشككين، فنشك حتى في القدرات التي تصوغ أحكامنا؟ فنحن بحكم العقل والمنطق نحب كل البشر ونحترمهم ولكن لا نذهب في هذا إلى القبول بالمسلم الذي يبشر بفناء الوجود نتيجة عدم قدرته على المشاركة !.
أخيراً … وبفضل ما حدث لنا في الشرق فيى الربيع العربي .. نحن أمام مفترق طرق ، أن نعيد ما كان قبل 1400 سنة ، أو أن نتابع المضي للمستقبل ، لا أظن بأن ثمن التضحيات الكبير الذي قُدِم يقبل التبخيس لعدم الوعي بضرورة الحياة والمضي للمستقبل !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *