ممدوح بيطار:
كتب السيد العزيز آياس حسن على صفحته مقالا معبرا وقصيرا قال به الكثير تحت عنوان:
“المآل الطبيعي لشعارات سادت وما بادت:
إنها شعارات تولّد بعضَها بعضا “كالدمى الروسية”، رددناها كثيرا في شبابنا، حتى أصبحت في أذهان البعض بدهية لا تحتاج إلى تفكير، لكنها في الحقيقة تحتاج إلى تفكيك. الأول:
1. “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”. ومؤدّى هذا الشعار هو إهمال كل أشكال التنمية، وإلغاء كل أشكال الفعل السياسي، رغم أهميتهما في أي معركة… وهو يمهد لشعار آخر:
2. “عدو الداخل أخطر من عدو الخارج”، أما ترجمته كما تبناها كثيرون فهي: إذا امتلكت 10رصاصات، أطلق 9منها على عدو الداخل، واترك رصاصة واحدة للعدو الخارجي! يا لها من حسبة تنسى أن “عدو الداخل” لديه أيضا 10رصاصات… ألا يعني هذا الشعار دعوة إلى الحرب الأهلية؟ لكن هذا الشعار يتغذى من شعار آخر يكسوه ثوبٌ بلاغي برّاق، هو:
3. “أصبحت الخيانة وجهة نظر”…، شعار يستند إلى رفض أي مشاريع سياسية وتنموية أخرى، ويصدر عن امتلاك حقيقة واحدة ووحيدة في فهم المشكلة وفي تقرير التعامل معها، وبالتالي فإن الوجه الآخر لهذا الشعار هو: “وجهة النظر الأخرى خيانة”. وفي سبيل معاقبة “الخيانة”، اقترن هذا الشعار بشعار عملي هو الأخطر:
4. “الطريق إلى القدس يمر من عمان” [أو –بحسب الظرف- من جونية، أو القلمون، أو مكة…]. وهكذا يمكن أن يمر هذا الطريق من كل مكان سوى القدس…”
لقد وجدت على أنه من الضروري التعليق على المقال الذي أعتبره شديد الأهمية وغزير المضمون بالأسطر التالية :
المفارقة في شعار لاصوت يعلو فوق صوت المعركة هي مادة الغباء والتضليل , الغباء الذي يتجلى بالجهل المطلق لاحتياجات المعركة وذلك بافتراض ضرورة المعركة , من يعتبر المعركة ضرورية عليه بالتجهيز لها , فبالفقر والجهل والجوع والمرض لايمكن كسب معركة , ولما كان التردي والتأخر والضعف من نصيب من يريد خوض المعركة , لذلك يمكن القول بأن ماقاله المفكر السعودي عبد الله القصيمي من أن العرب ظاهرة صوتية مصيب , معركة بالصوت والضجيج , وماذا قال صوت المعركة التي لايعلو صوت على صوتها بعد العديد من المعارك بدء من الأربعينات ..؟ صوت المعارك لم يكن الا أنين القتلى ودوي الانهزامات وفقدان المزيد من الأرضيات , لم تسترد تلك المعارك المدوية شبرا من الحقوق المسلوبة ماديا , أما سياسيا فقد تم بشعار لاصوت فوق صوت المركة افتتاح بازار سياسي للتكسب على حساب الشعوب العربية ومن أول هذه الشعوب الشعب الفلسطيني , أما عن فرضية عدو الداخل وخطورته فتعجز الأدبيات السياسية في تقديم شرح لهذه المقولة , الا أذا كان المقصود بعدو الداخل هو المعارض , هذه المقولة هي بمثابة حكم بالاعدام على الديموقراطية , اذ لاوجود لديموقراطية دون معارضة.
الخيانة وجهة نظر!!,هناك التباس كبير بما يخص الخيانة , لايمكنني تصور ذلك العدد العملاق من الخونة , ولا أستطيع تصور اللامبلاة والاستسهال في تصنيف الناس على أنهم خونة , وصف مواطن بأنه خائن سهل جدا ويتم بأريحية مبهرة , صفة خائن هي مقاربة لصفة مخالف بالرأي , الخيانة ليست وجهة نظر كما أنها ليست موقفا , ولا يجوز استخدام هذه المفردة بتلك المجازية التي مارسها محمد الماغوط بقوله ” الوطن الذي لايحترم المواطن جدير بالخيانة “الخيانة التي قصدها الماغوط ليست كخيانة سوري يعمل كجاسوس لاسرائيل , الخيانة الماغوطية مجازية, والقصد من مقولة الماغوط هو سلبية المواطن وعدم تفاعلة الايجابي مع مشاكل الوطن , الخيانة ليست وجهة نظر لأن وجهة النظر ليست خيانة , ومن يخون وجهة نظر ليس خائن وانما جاهل بطبيعة الانسان والحياة التي لاتعرف الا تعدد وجهات النظر , واذا أخذنا شعار الخيانة وجهة نظر بمأخذ الجد فسوف لن يكون هناك الا الخونة .
أخيرا حالة الطريق الى القدس , فالطريق ليس سالك , والوصول الى القدس أصعب من الوصول الى القمر , في العقود الأخيرة تباينت وتعددت الطرق التلفيقية للوصول بالجيوش الجرارة الى القدس , القصد كان دائما تحويل عاصمة الجهة المغضوب عليها الى طريق للوصول الى القدس , بما معناه تحرير عواصم مختلفة حسب الحاجة أهم من تحرير القدس , أو أنه لاتحرير للقدس قبل تحرير هذه العواصم …كلام فارغ المضمون والرصيد , الا أنه يدل بشكل غير مباشر على أن القدس ليست الهدف المقدس , عواصم أعداء بعض العرب من العرب أهم من القدس , بالتنويه الى دجلية شعار الطريق الى القدس اختتم السيد اياس حسن مقالته الموجزة , والتي قالت الكثير بالفليل من الكلمات , له جزيل الشكر على ذلك
Post Views: 316