ممدوح بيطار:

ليست فاجعة نيس هي المناسبة الأولى التي يبرهن بها الأرهاب عن مقدرته التصاعدية وعن قدرته الابتكارية .ففي المدينة الفرنسية نيس طاف الارهابي بشاحنة ساحقا وطاحنا العشرا ت , عدد من قتل دهسا وصل صباح هذااليوم الى أكثر من ٨٠ محتفلا بالعيد الوطني الفرنسي , اضافة الى عدد مشابه من الجرحى , بعد لحظات بشرت جماعة الخلافة بمسؤوليتها عن العملية التي كان القصد منها القضاء على الكفار , وكم يلزم مجاهدينا من الشاحنات والمجاهدين لكي يتم تنظيف العالم من رجس المشركين , هكذا يقولون صراحة , للمؤمن الحياة وللمشرك الموت لاعلى التعيين ان كان انسانا جيدا أو سيئا يكفي أن لايكون مسلم

لافائدة من التباكي على الضحايا , ولا فائدة من شتم الفاعل , الا أنه من الضروري الاعتراف بأن هؤلاء هم من افرازات ثقافتنا وتراثنا , فعلوا فعلتهم بالرغم من توجيه مئات الطائرات لضربهم ومئات الألوف من البنادق لقتلهم , وهذا ضروري كمحاولة للحد من اجرامهم بالرغم من أن البندقية والطائرة والدبابة ليسوا كافيين الا لتصفية ماهو موجود منهم …., وماذا عن ولادة ارهابيين جدد ؟؟؟؟, حيث تقول بعض الاحصائيات على أن تصفية واحدا منهم تترافق مع ولادة العديد من أمثالهم , باختصار لاتتمكن البندقية والطائرة والدبابة من محو ظاهرة الارهاب من الوجود , والبعض يقول على أن مجرد استخدام البندقية والطائرة والدبابة هو بحد ذاته ارهاب ,أو على الأقل يشجع على خلق ارهابيين جدد , اذن مالعمل ؟؟

قيل ملايين المرات من آلاف الجهات ودعمت هذه المقولات بالبرهان والمبررات , على أنه من الضروري لمكافحة الارهاب القيام باصلاح شامل , يشمل تفعيل العقل أولا , ثم خلق الظروف التي تمكن العقل من ممارسة الابتعاد عن البربرية والاقتراب من التحضر , العقل الحر الفاعل لايقع في مطب الارهاب , والعقل الفاعل قادر على تنوير الناس واقناعهم بأن الارهاب ليس دواء وانما هو بحد ذاته داء عضال …ماذا عن تعلم ثقافة النقد وثقافة النقاش وعن الحرية التي تؤمن للعقل العمل دون خوف وابتذال , وماذا عن قراءة تاريخنا ؟ هل تتم بموضوعية أو انها انحيازية فاضحة ..ماذا عن ثقافة القعقاع ومشايخ الاسلام من ابن تيمية الى محمد بن عبد الوهاب الى سيد قطب الى الخميني الى عبد العزيز آل شيخ الى القرضاوي وكيف نتعامل معهم ؟؟ هل هناك من يتجرأ على نقد الخميني في ايران أو نقد محمد بن عبد الوهاب في السعودية ؟؟؟, انهم من المقدسات وارهابهم أيضا مقدس ..لابد من وقفة تنويرية شجاعة , وقفة تساعد من وقع في مطب الانحطاط على الصعود والاقتراب من التحضر , الاستفاضة في الحديث عن مناهج المدارس والتعليم الديني ليست ضرورية والحديث عن التخوين كرديف للتكفير أيضا ليس ضروري , استمرار وجود الارهاب هو دليل قاطع على أن الجهود للوقاية منه كانت فاعليتها تقريا صفر ,…لذلك الى ارهاب آخر