ألف مبروك بالعيد السعيد !!!!!!

كثرت التهاني والتمنيات الطيبة بالمناسبة الدينية التي نعيشها هذه الأيام , ولم يبقى متواصل اجتماعي الا ووجد على أنه من الواجب والسلوك الحميد تقديم أطيب التمنيات بالعيد لمن يعرفه أو لايعرفه … الجميع بدون استثناء !!!, وقد تعجبت من اعطاء تلك الأهمية الاحتفالية الايجابية للصيام الشكلي شهرا, في حين يصوم الناس بفعل الجوع دهرا , فالصيام لم يعد حالة استثنائية, وانما حالة استمرارية جعلنا منها عيدا ,وكأننا نقول على أن ايام الجوع كلها اعياد , فهل يمكن تهنئة الناس بجوعهم وجياعهم ؟؟, أما عن الأفطار , فهنا المفارقة التعيسة … نهنئ من انهى صيامه بالافطار أما الجائع والصائم دهرا فلا نهنئه على صيامه القسري …مامعنى تلك التهاني بصيام ليس بالصيام , وافطار ليس بالافطار ؟ بصيام فرضه الفقر المستمر , وما معنى التهاني بافطار وهمي بعد صيام وهمي , ففي بلادنا هناك ١٣ مليون صائم قسرا حيث لاافطار مقبول لأحد منهم,وهل من المعقول تهنئة الجائع والصائم قسرا بجوعه وصيامه القسري ؟؟.
اننا في سياق مناسبة فرضها العرف والتقليد ثم التدين , فالانسان السوري على مايبدو متدين مهما كان دينه ؟, وهل يعني التدين اضافة صفة حميدة على باقي الصفات العتيدة ؟ أو أن التدين خاصة عتيدة أتلفت الصفات الأخرى الحميدة ؟؟, التدين والايمان يقضيان على حيوية العقل وانتاجه , فالمتدين الحقيقي, ناهيكم عن دجال التدين, الزائر المتواصل لبيوت التعبد هو ذاك الذي يخلع حذائه وعقله ويضعهم جنبا الى جنب ثم يدخل بيت الله لكي يتم تلقينه بالجامد الغير متحول والغير متغير , تلقين يخضع في فاعليته لقاعدة التيقن عن طريق الاعادة والتكرار , وبكل اعادة يتآكل جزء من مقاومة الشك العقلاني , وعندما يموت الشك متآكلا يتحول المخلوق البشري الى مايشبه الببغاء يردد ماسمعه بدون أن يفكر, وحتى ادراك هذا المخلوق لوضعه يصبح مشوها….. هل نعيش حياة جيدة ؟موضوعيا لاسبيل الا للنفي , وفي ذات اللحظة يوحي التعيس بأن حياته بالفعل جيدة … انها القناعة ( والحمد لله ..هذا من فضل ربي) القاتلة لمقاومة الانسان, انها القناعة المميتة لحوافز التقدم والمنعشة للاستكانة والخنوع الذي يترافق مع استلاب العقل من قبل التفكير الديني , فالشرط الأساسي لارتفاع مستوى المقاومة الحياتية هو العقل وطريقة التفكير التي يحددها , التي تعبر عن تمثلاتنا , تمثلنا للكره هو المحدد لطريقة الكره , تمثلنا للحب هو المحدد لطرق الحب , تمثلنا للدين هو المحدد لطرق تديننا , , الدين مسيطر لذا فان طرق تديننا في أحسن الأحوال تكريس لحالة الاستعمار والاستكانة والخنوع التي تتناوب مع حالات من التمرد وممارسة العنف الطائش والانفعالية .
لاتقتصر نتائج التدين واستلاب العقل على ماذكر من خمول وضعف في المقاومة الحياتية , فالاستعمار الديني المتجلي في تليين الانسان ترهيبا وترغيبا بقصد اخضاعه , أصبح فكرا مزروعا ومتعضيا في وعي الناس , هنا قد يسأل البعض عن علاقة ذلك بمصائبنا , التي من الصعب تعدادها , مثلا ظاهرة داعش على سبيل الذكر وليس الحصر , والجواب هو أن داعش لم تأتينا من الا من فراغ العقول , اننا فاشلون في اطار حقوق الانسان لأن مخزوننا العقلي التديني لايستقيم مع مبادئ حقوق الانسان , فاشلون في التقدم لأن مخزوننا العقلي هو قطعة من وضع تاخري , نمارس العنف بالتناوب مع الاستكانة والخنوع , ذلك لأن مخزوننا العقلي موبوء باطاعة ولي الأمر من جهة ومن جهة أخرى باستسهال القتل والترحيب به ووضعه في مصنف الواجبات , وما داعش حقيقة الا تطوير لما نحن به من انفعالية وعنف وتوحش , انها انفجار لبركان البربرية , الذي نحتضنه ونمارس بربريته ولو بشكل ملطف … انفجر وانفلت , وما أكثر من الانفجارات والانفلاتات المسببة من استبدال العقل بالوهم والواقعية بالغيبية .
الدين والتدين خاصة في شكله السلفي الاسلامي يزعم بأن العودة الى الماضي وتطبيقاته هو السبيل الوحيد للتزود بالأخلاق , ولطالما لانعيش الآن في وضع ماضوي كالذي يريده التدين , وذلك بالرغم من تأخرنا الفظيع , لذا يمكن القول بأننا نعيش لا أخلاقية بامتياز , أي أننا متخلفون أخلاقيا, وبالتالي فان فهمنا الآني للدين والتدين لا أخلاقي , وهنا تكمن الاشكالية بين الفهم والطرح , فالطرح لا أخلاقي , ولا يمكن للفهم أن يجد أخلاقيات غير موجودة …وكيف للفهم اكتشاف أي أخلاقية في موضوع الردة وموضوع الحياة والموت والاتكالية ..الخ , فمن يرتد يطبق عليه الحد ويحق قتله ولا عقاب لمن يقتله في شرع الله, هكذا يشرع المشايخ ومنهم خليفة الله أبو بكر ,لا تقتصر أخلاقيات المشايخ على تشريع القتل والعنف والاستكانة لولي الأمر , انهم يعتبرون كره الدنيا وتحقير الحياة ثم نبذها والتنكر للفطرة والغريزة واهمال الجسدمن مكارم الأخلاق ,ومن الأخلاق الحميدة شرعنة الاتكالية والانفعالية والتسلط على الناس ثم تمجيد تسلط الله على البشر وتشريع العبودية … من السهل جدا تحويل عبيد الله الى عبيد لمن يمثله …بشكل عام يمكن القول انصافا على أن القيم التي يفرزها التدين قابلة للتفهم ايجابيا في سياقها التاريخي , أما الآن فالأمر آخر ومختلف جدا, فما يمكن تفهمه في سياقه التاريخي تحول الى همجية.
للتدين اللاشعوري والشعوري , والذي دفع الناس للقيام بواجبات التهنئة خواص أخرى أهم بكثير من تفاهة تقديم التهاني , وتقديم التهاني ليس الا ممارسة بريئة للتدين , الذي يمثل سلوكا اجتماعيا خبيثا وهداما , قوامه تعطيل العقل وانتاج الاستكانة الى جانب الانفعالية العنفية واستسهال القتل وتحويل الاستغناء عن العقلانية الى واجب أخلاقي , ولو اقتصر التدين على ممارسة التهاني , لما كانت هناك ضرورة لكتابة ماكتبت.
أعتذر من المهنئين ذوي النوايا الايجابية , لم يكن قصدي الا محاولة لتحليل المهم والكارثي في موضوع التدين , مؤكدا على أنه لاعلاقة أساسية للتهنئة البريئة بحد ذاتىها مع الكوارث التي ألمت بنا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *