طبائع المعارضة وطبائع الأسدية

عبدو قطريب:

للأسدية  معايير  أسدية فريدة من نوعها في العالم بخصوص   تصنيف  المعارضات  بين معارضة خارجية  ومعارضة داخلية , هناك معارضة وطنية ومعارضة شريفة  ومعارضة خائنة  ثم ذيلية  ومرتبطة  ثم المعارضة العميلة ..الخ ,يردد المؤيدون   هذه التصنيفات دون كلل   والعالم يتجاهل  تصنيفاتهم دون ملل أيضا  , لم  أقرأ لحد الآن  عن أي مسؤول  في العالم  تعليقا  أو تعقيبا  على نظرات الأسدية حول المعارضات  وتصنيفها لهم , لغة   هذا التصنيف  هي لغة لايفهمها العالم  ,فالعالم يعرف  حكومة نالت   أكثرية الأصوات في الانتخابات , وهناك معارضة  نالت أقل من الأصوات  وليس هناك معارضة  خائنة  وأخرى وطنية  , ثم  عميلة …

هذه التصنيفات  اجرامية بحق الشعب السوري لأنها   تجرم وتخون  الانسان السوري دون  أي برهان على جريمة قام بها ,لاتجرم فردا  أو فردين وانما الملايين ,  فحسب   التقديرات  الروسية  يحظى الأسد يتأييد ٣٠٪ من السوريين , ولأنه لاتوجد الآن حيادية  يجب القول على أن ٧٠٪ من السوريين يقفون في صفوف المعارضة , التي  لايجوز تقسيمها الى خارجية  و داخلية .. المعارض هو الانسان السوري  الذي  يرفض  الأسدية لسبب ما, ان كان السوري في الخارج أو  كان في الداخل  فهو  مواطن سوري  , والكلام عن عمالته وخيانته  واسترزاقه الخ  هو كلام  خشبي  وثرثرة هذيانية , انها اجرام بحق  ٧٠٪ من الشعب السوري على أقل تقدير  ,  التقديرات الروسية   بخصوص  تأييد الأسد من قبل  ٣٠٪ من السوريين  هي تقديرات  مفخخة  وكاذبة ,  فمن جراء سياسات الأسد تضرر ٩٥٪  من الشعب السوري الى حد  اللجوء  والهروب  والموت  , وكل هؤلاء معارضون  , الانسان  لايعشق في السياسة  وانما  يؤيد من  يدافع عن مصالحه ووجوده وكرامته ..لايؤيد قاتله  وسجتنه وجزاره

تتهم  الأسدية المعارضة  بعدم المقدرة على التوحد  وبأنها مشرذمة  وتنقصها المهنية السياسية وفي  هذه  الاتهامات  بعض الصحة  , فعلا هناك نقص في المهنية السياسية عند المعارضة ,ولهذا النقص  أسباب عدة  , منها  الغاء الحياة السياسية  في سوريا طوال نصف قرن  , ومنها  عدم وجود قدوة سياسية في البلاد  ,  فالأسدية ليست حركة سياسية  وانما  تجمع مافيوزي  واحتلال  كولونيالي داخلي للبلاد..الأسدية لم تسمح بالتعلم ولم تعلم  , منها أيضا  وجود نوع  من الخبرة السياسية  والمعارف السياسية  المتطورة جدا  عند  السوريين في الخارج  , لقد  تعلموا  السياسة من  المجتمعات التي يعيشون بها  ,  وحلولهم لمشاكل الداخل قد لاتكون   فعالة ومناسبة  للحالة البربرية البدوية البدائية  في سوريا  ,وهذا مايلاحظ على  حرصهم الشديد  في الائتلاف  والجبهة الوطنية  على  اجراء انتخابات   بفترات قصيرة نسبيا , ثم  التلقائية  التي يمارسونها بعد نهاية  فترة رئاسة  شخص للائتلاف  ,  يعود هذا  الشخص  الى  عضويته وعمله كما كان قبل تسلمه الرئاسة  ,  وقد  يجد طريقا آخر  للعمل    فيستقيل , ولم يحدث  لحد الآن تخوين أحد , هناك حرية في اختيار  الموقف  وهناك نظام داخلي  يتقيد  به الجميع بشكل مقبول  . لكن بالمقابل  هل  يتجرأ  وزير سوري  على تقديم استقالته  , ولم يحدث لحد الآن ان  استقال وزير سوري  .. الوزير لايستقيل في نظام الأسد  وانما يقال , ومن يريد الاستقالة عليه بالتوجه فورا الى السجن   حيث يموت تعذيبا أو تنكيلا .

أما عن” الشرذمة “, فهذا الوضع يعود الى  عدة  أساباب , منها  اتساع  وتنوع الطيف المعارض للأسد  , فمن يعرض الأسد هو اليساري واليميني   والأصولي والملحد  واليبيرالي  والشيوعي   والمسيحي  والدرزي والكردي ..الخ  ,  الثورة السورية ليست ثورة فئة معينة  كما كان حال الثورة البلشفية  وكما كان حال الثورة الفرنسية  وحال الثورة الصينية  , فمن قام بتلك الثورات هم فئة متجانسة هدفا  وايديلوجيا  ولهم قيادة  معينة , لايوجد تشرذم في صفوف الثوار السوريين  , وانما يوجد تنوع كبير ناتج  عن اتساع الطيف المعارض , ويقاء الألوان والانواع المتعددة في المعارضة هو برهان على  عدم  وجود ديكتاتورية تقودها  , الديكتاتورية  تلفي  الفروق  قسرا  وتمنع أي تنوع  والديكتاتور هو الذي  يحدد كل شيئ  ,  وهل يوجد في الأسدية من  لايمارس  الاعادة الببغائية لكل مايقوله الأسد , وماهو مصير   من  يعارض الأسد من أزلامه ؟.

للتنوع  اشكالياته  التي منها  البطئ في اتخاذ القرار وقلة عدد القرارات التي يمكن  اتخاذها  بشكل جمعي , قرارات المعارضة  الجمعية  تقتصر على    نقاط محددة  ,  منها  عدم قبول شخص الأسد بأي شكل من الأشكال  , وعدم قبول  نظامه  الذي يجب اجتثاثه من جذوره  ثم   الموقف الموحد بما يخص الديموقراطية والحرية  والمساواة  , هناك  تباينات ثانوية منها مثلا  موضوع التفاوض مع السلطة  , هناك من يريد الوصول الى هذه الأهداف  دون حوار مع السلطة  وهناك من يريد محاورة السلطة , هذا التباين ليس شرذمة  وانما  تعدد في  بدائل الطرق للوصول الى الهدف  , والغاء هذه التباينات  عن طريق شخص  أو زعيم أو قائد  يعني  استبدال الأسد بأسد آخر   , أي يعني  البقاء في الحالة الديكتاتورية  .

تطور الثورة باتجاه  التحارب  مع  الأسد  وتبؤ المحاربون  للصدارة في الوقت الحالي   ليس  دليلا على  تلاشي الثورة  وفشلها أو سرقتها  , وانما دليل  على مرونتها  , عندما  أعلن الأسد الحرب على المتظاهرين وقتل منهم ١١٠٠٠ متظاهر  كان على الثورة اما أن تتبخر  أو تتمكن من التأقلم مع  شروط  النزال  الحربي  التي فرضتها  الأسدية ,  الأسدية تريد الحرب  ولا يمكن لمتظاهر مسالم أن يربح أي جولة ضد الأسد  الذي لايتورع عن قتله , نتيجة لذلك  انكفأ المسالم  واستقال مرحليا من العمل  وجاء  المحاربون  وشذاذ الآفاق  ليقارعون محاربو  الأسد وشذاذ آفاقه ,  الأسد اعلنها طائفية  لذلك انبرىت له طائفية  أخرى…..

للثورات طواقم متعددة  ولكل طاقم دوره  , هناك دور للمسالم ودور للقاتل ودور لشذاذ الأفاق  ودور للصوص  ودور للطائفية  ثم دور للفباء ودور للكره ودور للنذالة والخساسة ,  واياكم والظن على  أن  من حارب في  الفترة الأولى من الثورة الفرنسية  كانو ملائكة , من حارب كان   بشكل رئيسي من شذاذ الآفاق  ..انه  الطاقم اللازم لمرحلة , وبعد انقضاء هذه المرحلة  يأتي طاقم آخر  , وأروع الأمثلة عن هذه الظاهرة  كان  التغيير الذي حصل في  المانيا الشرقية  , الطاقم الذي  قام بالثورة التي قادت الى  تهديم الجدار  وفرار هونيكر  اختفى عن الساحة  بعد  تحقيق الهدف الأول  , وجاء طاقم آخر  مهمته  ترتيب  الاشكالية اداريا مع  القسم الغربي من ألمانيا  , وبعد هذا الانجاز   أتى طاقم آخر  …وهكذا , وعن طريق هذا المثال اريد القول على  أن  الطاقم الحالي  المحارب  بملائكته  ولصوصه وشذاذ  آفاقه  انما هوطاقم  مؤقت  , وبعد انهيار الأسد  سوف  لن  تحكم داعش  , ستتبخر داعش  لأنه ليس لها وجود أصيل بين  السوريين فمعظم من حارب ويحارب معها   انما هو  ذلك اليائس من الأسد والرافض  للأسدية  أو ذلك الجائع  بسبب الأسد  , الشعب السوري   لايعرف  التطرف الداعشي  وخصائص داعش  ليست من خصائص الشعب السوري  اطلاقا .

بعكس  مايدعيه العديد من  أفراد الشعب السوري  حول المعارضة ونواقصها  ونكساتها  وتنوعها  , فان ماتم التوصل اليه  خلال   أربع أو خمس سنوات  هو مبهر  حقيقة  , لم يتصور  أحد  مقدرة أي جهة معارضة  في سوريا  أن تسيطر على  معظم الأراضي السورية ,  المعارضة بدأت عسكريا من الصفر  وهاهي  ترغم الأسد على  استدعاء  المساعدين له , أتى حزب الله  ولم يغير  الحالة جذريا , أتت ايران  ولم تتمكن  من  تحويل الأسد الى منتصر   , ثم  أتت  الفيالق   المأجورة من  أفغانستان وباكستان  حتى من الصين  , واتى شيعة العراق  والحوثيين من اليمن دون جدوى   , والآن أتى أبوعلي  بو طين  ..أيضا لاجدوى … كلهم يريدون  انتشال الأسد من القبر  واحيائه من جديد , عملية  سوف لن  يقتدر عليها  حتى   بطريرك  الروم الأثودوكس الروسي !!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *