العائلة والهروب منها !

نبيهة حنا:

*الهجرة  أو بالأصح الهروب  هي نوع من المعارضة  الغير مخاتلة  لواقع عربي  يتسم  باستحالة  ممارسة المواطنة  واستحالة بناء الأوطان , والمهاجر أو الهارب  يؤكد بهجرته أو هروبه  العديد من الحقائق  التي  لاجدل  بصحتها على الأقل   شخصيا ,  انه  ذلك الانسان  الذي يريد قطع جذوره  مع بيئة ولد بها  طوعا  وعمدا , ولا أظن على أن  هذه الفعلة  وليدة قرار  متسرع وطائش , وانما   تمثل هذه الفعلة  حصيلة قرار  به يتمثل اليأس  بأقصى  أشكاله  , الانسان السوري على سبيل الذكر  وليس الحصر  يائس من  الماضي  ومن الحاضر  ومن  المستقبل , لا أفق  ولا حياة  ولا  تلبية لأدنى مستلزمات هذه الحياة  , لاحرية  ولا عدالة اجتماعية ولا كرامة  غير قابلة للهدر , الانسان السوري  ميت منذ نصف قرن  ولم يبق له  في سوريا الأسد  حتى العلف,وحتى العلف تتم سرقته من قبل مصاص الدماء  وزمرته , الهارب المهاجر لم يخسر  شيئا  في سوريا  , فهو في سوريا الأسد لاشيئ  , انه نكرة  وفائض بشري وكل أهميته تكمن في مقدرته على  تخديم الأسد , فعندما لايخدم  او لايستطيع أن يخدم يصبح ارهابيا  يجوز  قتله  بأي شكل  من الاعدام الميداني الى  القتل تحت التعذيب  الى  الحرق  وقطع اللسان  وكل  ما تظهره المشهديات الداعشية  , التي هي أصلا مشهديات  أسدية ..

نصف قرن من التخريب  والتقتيل  والتجويع  والاستبداد والاستعباد  كافية لتفكيك المجتمع  وتخريب  نسج اجتماعية   كان لها أن تتطور   الى مزيد من  التماسك والتعاضض  والتضامن  , واذ هي في تتفكك وتتشرذم  وتتعصب متزايد, بالنتيجة  تم قتل  الأوطان من قبل  الأوغاد  على كراسي السلطات  ,..اذا رأيت  الوغد يحكم في أرض , فهل  تلبث فيها مقيما(فرانسيس المراش)…وأين الخطأ أو الخسارة في  الهروب والهجرة ؟, البقاء موت مؤكد  والهجرة  مغامرة , البقاء مستحيل على بقعة من الأرض , عندما لاتؤمن هذه البقعة  أدنى متطلبات الحياة .

الشتائم تانهال على  الغرب , ولم ينتبه شاتم الغرب الى  مفارقة ممارسته للشتيمة , كل  هارب أو مهاجر الى الغرب  هو بمثابة  برهان على  افلاس  الأسدية ومن معها  من  الروس والايرانيين , هو برهان  على انحطاطهم  واجرامهم  , هل  اختار  انسان واحد  ايران كملجأ له ؟, وهل اختار انسان واحد  روسيا ملجأ له ؟ الخيار  جاء بالرغم من المخاطرة بركو ب قوارب الموت الى  الغرب , لأن الغرب  يؤمن  عدالة اجتماعية  وانسانية  وحرية  وديموقراطية ولأن للانسان هناك قيمة  تفوق قيمة رصاصة الأسد …انه  صندوق الاقتراع  الغير مزور  والذي يقول بنتائجه  لا أحد يريدك يابشار الأسد  ولا أحد يريدك يابوتين ولا أحد يريدك  ياخامني .., وكيف  لك يابشار الأسد  أن تفسر لنا  مسلكية  ملايين السوريين  الذين  اداروا لك ظهورهم , وما بقي  منهم ينتظر  كي يستطيع  الهروب منك , وأنت  الذي  قال لنا قبل سنة  على أن  أكثر من ٨٦٪ من الشعب السوري يريدك  رئيسا لهذه البلاد , يريدونك رئيسا  ويلوذون بالفرار  من  جهنمكك , أين المطق  في  أكذوبة  نتائج انتخابك ؟.

اشكالية الهجرة والهروب تطرح أسئلة عديدة , منها  سؤال حول  نوعية البيئة  الاجتماعية  التي  أسستها الأسدية , ولا أريد هنا التطرق الى البيئة التي  أفرزتها الداعشية  وغيرها , لأن الداعشية ليست الا استمرارا   للأسدية , البيئة  التي  أسستها الأسدية  وزادتها الداعشية مشهدية  هي بيئة طاردة للانسان الذي  يفكر بمستقبله , وبيئة حاضنة للاستعباد  والاستبداد , انها البيئة المتلكلسة  فكريا  , بيئة اللاشرعية , بيئة  لاتشجع من أجل التضحية  في سبيلها , ولا تسمح لذو عقثل  بأن  يفخر بالانتماء اليها , بيئة  استنذفت نبل الانسان  وميوله الى حب الوطن الذي ولد به , فكيف لي  أن أحب  وطنا لم   يكف يوما ما عن كرهي  واحتقاري واستهلاكي  في الحروب  وقتلي  وهدر كرامتي  وسجني وتعذيبي واحتقاري  …على كل سوري أن يموت من أجل الوطن  أي من أجل الأسد المقنع بقناع الوطن , الأسد يتحدث عن الوطن والدولة قاصدا  بشار وماهر وغيرهم من العائلة ولا يوجد سوري واحد الا  ويعرف ذلك تمام المعرفة.

تدهشني  تلك الوقاحة  والاصرار على استخدام مفردة الدولة والوطن  ,من المنطقي  أن يدافع السوري عن وطنه وأن يخارب  من دمر  ويدمر ذلك الوطن , وهل من العسير  اكتشاف الجهة التي دمرت وتدمر الوطن , فمن دمر الوطن هو الذي دفع ١٣ مليون سوري الى الهجرة والنزوح  وهو الذي تسبب باجاعة    أكثر من ١٣ مليون سوري  وقتل مئات الألوف من السوريين  وسجن الملايين , ومهما حاول البعض  التفذلك  والتلفيق واللف والدوران , المسؤول عن كل ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر هي السلطة  التي حكمت البلاد  لنصف قرن  , والسلطة هي  العائلة بصلاحياتها المطلقة

 

* أكرم رسلان فنان تشكيلي  سجن عام ٢٠١٢  ومات في السجن  ٢٠١٣ في  عمر  ال ٤١ عاما …, خيارات السوري , اما الموت في السجن ,أو الموت  تحت البيرميل  أو الهروب …هذا  هو  الوطن السوري الأسدي  الذي يريد محاربة الارهاب  وهو الذي  اخترع  هذا الارهاب

العائلة والهروب منها !” comment for

  1. “ضعنا من بعدك يا فيصل”.. هكذا أطلقها مواطن عراقي في إحدى مظاهرات القرن في العراق قبل أيام وهو يسير حافي القدمين، رث الثياب، أشعث الشعر، منقوشة على محياه خارطة العراق الحزين، بتضاريس من ندوب ودموع.
    لم تكن صرخة عفوية، إنها صرخة منبعثة من عمق التاريخ لتنذر حاضرا وتأمل بمستقبل، إنها صرخة عراقي نيابة عن سوري , ضعنا بعدك يافارس , واتلمقصود هنا فارس الحخوري , ضعنا بعدك ياحوراني ويا سعادة ويا قدسي وياقوتلي , أتانا السراج والأسد وعاطف نجيب وشريف شحادة وبوتين والفقيه وماهر الأسد وشاليش وعفيش ومعلوف ومخلوف , أتتنا الزبالة من كل حد وصوب البلد انتحر تحت اشراف القيادة الحكيمة والبشر طفروا باشراف القيادة الحكيمة وجوع الملايين هو من أفخم انجازات القيادة الحكيمة , طفر الناس بالملايين من همجية ةوبربرية القيادة الحكيمة …هل هناك من يخجل في هذه البلاد ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *