لا أظن على أن هناك خلاف حول عدد الذين اغتالتهم الأسدية على مدى نصف القرن الأخير مقارنة بعدد المغتالين على يد الداعشية في السنوات الاخيرة , ومع أن المقارنة صعبة بسبب تباين الحقبة الزمنية لكل منهما , مطلقا ما اغتالته الأسدية يعادل مئات أضعاف ماتم اغتياله على يد الداعشية , هذا أولا , اما ثانيا فالداعشية متهمة بكونها في اغتيالاتها قمة في البربرية , بينما يدعي البعض على أن اغتيالات الأسدية ألطف من اغتيالات الداعشية , الداعشية تحرق الاحياء والداعشية تذبح من الوريد الى الوريد والداعشية تبيع النساء وتصلب معارضيها حتى الموت , بينما تقول الأسدية عن نفسها بأنها لاتفعل ذلك وبذلك تصنف نفسها في المصنف الأرقى .
هذا ليس بالصحيح , فالأسدية تذبح وتحرق وتصلب وتنتهك الاعراض وتبيع البشر وتسمم الناس وتبرمل وتقتل بالكيماوي , والفرق الوحيد هو في ميول الداعشية الى ممارسة نوع من “المشهدية” في بربريتها , الحرق يتم أمام الكاميرا والذبح أيضا , بينما لاتملك الأسدية ذلك الميول لممارسة “المشهدية” في بربريتها , فمن رأى الصور التي سربها “القيصر” وعددها عشرات الألوف يتيقن من أن بربرية الأسدية قد تتفوق على بربرية داعش , وفي أحسن الأحوال لافرق بين البربريات الأسدية والبربريات الداعشية .
أظهرت السنين الأخيرة تطورات بما يخص البربرية ومشهديتها , هناك تزايد ملحوظ في مشهدية البربرية لدى الأسدية , تزايد ليس حقيقي وانما ظاهري ,البربرية متواجدة بأبشع صورها منذ نصف قرن , الا أنها كانت مموهة بعض الشيئ , ووسائل الاعلام تستطيع الآن التسلل الى أصغر زاوية في أصغر زنزانة وذلك بشكل مغاير أيام مجزرة حماه عام ١٩٨٢ , وقد تكون الضائقة الاقتصادية سببا في تسرب الصور والأفلام وذلك عن طريق بيع هذه الأفلام والصور من قبل منتجيها , الفشل في اكتشاف فروق جوهرية بين حيونة الأسدية وحيونة الداعشية سيكون الى جانب كل مراقب محايد , لافرق جوهري بين هذه البربريات الا من حيث الكم , هنا تتفوق الأسدية بشكل واضح , فعدد المجازر التي ارتكبتها الأسدية في الشهر الفائت يعادل عشرة أضعاف ما ارتكبته الداعشية , والمجزرة تعريفا هي مقتل أكثر من خمسة أشخاص مدنيين على يد مجموعة مسلحة , وكتائب الأسد هي تعريفا “مجموعة” مسلحة, فحسب اتفاقيات جينيف التي أعطت الصليب الأحمر الدولي مهمة تصنيف حالة حرب ان كانت حرب أهلية أو حرب بين دول ,اكتملت شروط حالة الحرب الأهلية في سوريا , وبناء عليه فقدت السلطة امتياز احتكار العنف لادارة البلاد , وتحول جيش البلاد الى مجموعة مسلحة لاتختلف من حيث واجباتها وعدم التزامها بمقررات جينيف عن أي مجموعة مسلحة أخرى , بشار الأسد هو قائد مجموعة مسلحة تتحارب مع مجموعة مسلحة أخرى قائدها أبو بكر البغدادي .
تزامننا مع تزايد مشهدية البربرية لدى الأسدية نلاحظ تراجعا , ولو قليل , في مشهديات بربرية الداعشية ,عمليات الذبح لم تتناقص حقيقة , وما تناقص هو الذبح أمام الكاميرا , وداعش التي اجتاحت تدمر ذبحت ٤٠٠ ضحية , بينما ذبحت الأسدية في حادثة سجن تدمر قبل سنين ٢٤٠٠ ضحية , داعش هدمت السجن الذي أسسته الأسدية , وهذا العمل بحد ذاته ليس بالسيئ , وبالرغم من ذلك لا أملك من سبب وجيه لاعتبار الداعشية أفضل من الأسدية , فكل منهم أسوء من الآخر , الساطور واحد والموت واحد .
لا أفش سرا ان قلت على أن السبب المباشر المباشر لتطرقي لهذه المقاربة بين الداعشية والاسدية كان تافها, لقد رأيت الصورة المرفقة حيث يحمل مراسل سانا الساطور بيد وباليد الأخرى الميكروفون بين جمهرة من جنود الأسد في جهة الحسكة, انها بدون شك صورة رمزية