هنيئا لبشار بالثامن من آذار

بقلم :بسام حيدر :

فقط مؤيدوا الأسد  يريدون  من الثورة أن تكون  ذات أخلاق راقية , ويرددون  مقولات  مفادها  أنه لكي تنجح الثورة يجب أن تكون خلوقة , فقط  مؤيدوا الأسد   يتحسرون  لعدم  استمرار  الثورة  بالنهج السلمي  , ويقولون  على أنه لو استمرت سلميا لنجحت في اسقاط النظام, أي أنهم يقدمون النصح  للثورة لكي تنجح , والمفارقة هنا  هي  أن هؤلاء  لايريدون للثورة أن تنجح , ومن هنا  جاء الشك  بأهداف  نصائحهم ..كلمة حق يراد بها باطل  !!,ولا يمكن أن تكون نصائح هؤلاء صادقة  , لأنهم   لايريدون للثورة الا  الفشل  , ولو  اتعظت الثورة بنصائحم لفشلت  قبل  زمن طويل  ولنجح الأسد في القضاءعليها .

قال نيتشه : ” عندما تحارب  بنفس أسلحة  عدوك تصبح مثله” , ومن المنطقي أن  لايريد معارض من الثورة المعارضة  أن تكون  كالأسد , الا أن المعارض الفاهم  لأمور الحروب  يعرف على أنه من العسير  الانتصار على عدو دون  مقارعته بنفس أسلحته  ,  واستخدام العنف  من قبل الجهات المتحاربة  ليس  دليلا عن أن ممارسة العنف هي الهدف  من  الحرب ,  اذ  أن من يريد الحرب  وسيلة  يريد العنف ممارسة  , لأن الحرب هي عنف بامتياز , وهل  يمكن  لمؤيد أن يبرهن على أن الأسدية  انقادت الى الحرب  قسرا ؟ ,   وهل هناك من شك  بأن الأسدية  قادت الى الحرب طوعا ؟.

من المنطقي  أن  يريد المعارض من المعارضة أن تكون متفوقة على الأسدية  ايجابيا , أي أخلاقيا  بما يخص الأهداف  , فالوسيلة هي شيئ  , والهدف شيئ آخر , والوسيلة  معرضة للفرض  وللتأقلم مع  شروط العدو  , وحتى الهدف  يمكن أن يتعرض لبعض التأقلم مع  شروط العدو ,والهدف من الثورة  هو الوصول الى النقيض مما هو موجود  ,ولا يمكن اعتبار الوصول الى نقيض ماهو موجود كارثة أخلاقية  , اذ أن الموجود يمثل اللاأخلاقية  سياسيا واجتماعيا  واقتصاديا بامتياز  , ماهو موجود  يمثل الانحطاط بأوسع معانيه, انها بالحقيقة صحوة أخلاقية  لأنها  تتنكر للباطل  وللخطأ والقسر والظلم والاستبداد   والاستعباد  والفساد والديكتاتورية  والطائفية  والهامشية  والاذلال والخوف  , وتريد العدالة  والديموقراطية  والحرية  ومن سيد القوم خادمهم , ان القيام باجتثاث اللا أخلاقية هو بحد ذاته   قمة الأخلاق , والثورة  لم  تدافع عن الظلم  ولا عن الديكتاتورية ولا عن الفساد  , الا أنه وفي سياق الثورة  لايمكن تجنب  فساد البعض  ولا يمكن تجنب لا أخلاقيةمن البعض , ولا يمكن تجنب  أخطاء  وممارسات  سيئة  ,   لأنه  من ميزات الثورة الشعبية   ارتكازها على  العديد من أطياف الشعب  , التي  لايمكنها   الغاء  تناقضات بينها  , ثم انه ليس بالامكان  خلق  تجانس  أخلاقي  ومسلكي  بين جميع أطياف هذه الثورة , التي  ليست ثورة جماعة متجانسة وليست ثورة حزب  وليست  انقلاب من قبل ثلاثة ضباط , وها نحن الآن  على مشارف ذكرى  الثامن من آذار , والثامن من آذار  يمثل بنظر  الأسدية ثورة مجيدة  , ومن قام بتلك المجيدة  كانوا ضباط  جيش عددهم لايتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة, وبالرغم من ذلك تفتت مجموعة الضباط   ورحل كل في صوب  , منهم الى القبر  ومنه الى ال سجن ومنهم هرب , حيث   انقلب بعض الضباط  مرة اخرى عام ١٩٦٦  , ومرة أخرى عام  ١٩٧٠  , ولم  يبق منهم الا الواحد الاحد حافظ الأسد  الذي  أصبح بنظر البعث  المتعلون  خالدا , حيث  أسس هذا الخالد  لدستور على مقاسه عام ١٩٧٣  , كانت المادة الثامنة  احد أكبر عوراته  وشعارات دولة الأسد في الوحدة والحرية والاشتراكية  أكبر أكاذيبه , والغاء التعددية السياسية والاقتصادية  أكبر جرائمه  واحتكار الاعلام  أفظع مصائبه  ..الخ ,.

عندما نقول على أن الثامن من آذار  هو عمل لا أخلاقي  منحط , نقول ذلك استنادا على واقعية  استبدال  الثامن من آذار  حكومة  منتخبة  (القدسي  وخالد العظم),  بحكومة  غير منتخبة  , وبذلك دشن الثامن من آذار  بداية الديكتاتورية  الفاحشة , وهل في الديكتاتورية أخلاقا حميدة ,  ثم  أشرك  الأسد بشركائه  واحدا تلو الآخر  , الى أن  أصبح  بالنهاية وحيدا  ,  هاهو ميشيل عفلق  هاربا من حكم الاعدام الذي صدر بحقه , وهل من الأخلاق  اعدام  ميشيل عفلق ولماذا  , هاهو   محمد عمران يسقط قتيلا برصاص   الأسود في طرابلس,  أي أخلاقية تكمن وراء أغتياله  , أما صلاح جديد  فقد كان عليه المكوث في  السجن حتى الممات  بدون محاكمة  وهل في ذلك  خلق قويم , أما صلاح البيطار فكان نصيبه  رصاصة من مسدس كاتم للصوت عام ١٩٨٠ , وحتى  ان جثمان  صلاح البيطار ابن حي  الميدان  لم يرى  أرض الوطن , اذ نقل الى بغداد ودفن هناك ,  مع العلم على أنه تباحث مع الأسد لساعات قبل ذلك  في دمشق  بقصد  خلق نوع من  التوازن مع عفلق الهارب الى بغداد  , لم يتوصل الفرقاء   الى اتفاق , والحل كان تصفية البيطار في باريس   برصاصة .. هذه بعض مناقب  الثورة المجيدة , ولا أظن على أن التفصيل   أكثر من ذلك  ضروري , فالكل على علم بما حدث وكيف حدث ولماذا .

نظرة تأملية  الى سوريا الآن تكشف  مدى لا أخلاقية  الثامن من آذار , فالثامن من آذار  وتعديلاته  قاد البلاد    بسلطة مطلقة  حتى هذا اليوم  , والمقارنة بين سوريا اليوم  وسوريا الخمسينات  تكشف مدى  الاجرام بحق سوريا ومدى لا أخلاقية من  سيطر على زمام الأمور في سوريا , بعد أيام  سيتقبل الأسد  أحر التهاني من جماعات التملق   بانجازاته العملاقة  ..حطام  وأنقاض على طول البلاد وعرضها  ومئات الألوف من القتلى  ومن السجناء, من  اللاجئين والنازحين والجائعين بالملايين ,  ومن  القتلى تعذيبا  ومن التدهور الاقتصادي  وحتى  الأخلاقي   , حيث تنكصت القيم  وأصبحت السرقة حلال  والاجرام وطنية  والتعسف  مذهبية , اننا امام  حطام  كيان فقد معالم الدولة  وأصبح  محتلا  من العديد من الجهات ..أبو بكر  والسليماني   ونصر الله  والنصرة والجولاني والشيشاني  ومرتزقة  الأفغان  والأمريكان  والأتراك  والحوثيون   ومن كل زبالة   أفرزتها الحثالات  … هنيئا لك  يابشار  بالثامن من آذار

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *