الى قاع الانحطاط وصلنا!!!

بقلم:نبيهة حنا :

تعرف المجتمعات بشكل عام  جداولا للمماسات  الممنوعة  والمسموح بها , فقبل ألفي عام تقريبا  قال السيد المسيح  “لاتقتل” و لم يعني  لاتقل فلان  وانمايحق لك أن تقتل  فلان ,  لاتقتل تعني  بشكل قطعي عدم جواز ممارسة القتل  بأي شكل  وبأي مبرر , والأمر هنا واضح جدا ,الا أن الأمر ليس ليس كذلك  بعد حوالي ٦٠٠ سنة  أي اسلاميا , وما  نصح  به  شيخ الأزهر  الدكتور  أحمد الطيب من  “قتل  وصلب  وتقطيع  أيدي  وأرجل ارهابي التنظيم ”  لم يكن مصدره اجتهاداته  , وانما  قال ذلك في اشارة الى  “حد الحرابة” اذ جاء في القرآن الكريم  مايسمى  بيان الحرابة  والذي يقول” إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ , [المائدة: 33].”, .فالحرابة  تعريفا  هي مسلكية  تتميز  بالخروج عن الجماعة  والقيام بأعمال  اجرامية  من قتل ونهب وسرقات ..الخ . ,

لحد  الحرابة مشاكل تتعلق بالنسبية   ,فبالنسبة لأبو بكر البغدادي   يمثل الطيار الأردني  قاطع طريق يحارب المسلمين وهو بالتالي  يقوم  “بالحرابة” وعليه يطبق   حد الحرابة  ,  صحيح على أن بيان الحرابة   وبالتالي حد الحرابة لم يذكر  عقوبة الحرق  حيا  ,وانما جاء  على ذكر  عقوبات لاتقل ضراوة عن الحرق حيا   , فالصلب  حتى الموت  وتقطيع الأوصال ليس بتلك الممارسة  التي يمكن لانسان متحضر أن يتباها   مهما كان السبب.

لقد استشاط شيخ الأزهر الدكتور  أحمد الطيب  غضبا  واستنكارا  للجريمة  التي قامت بها داعش  بحق الطيار السكاسنة ,  و نصح  “بقتل  وصلب  وتقطيع أيدي  وأرجل  ارهابي التنظيم ” ,  فالتنويه الى “الارهابي” الدي يستحق  كل هده العقوبات  أوقعنا في  اشكالية تعريف الارهابي,فالارهابي   بنظر أبو بكر هو  المناضل  بنظر  بشار  أو الشيخ الطيب  والعكس صحيح ,  وعقوبة من  يمارس الحرابة   متفق عليها  ..انها الصلب وتقطيع الاطراف  , أي  اننا  بشكل عام  سنجد بعد كل  واقعة  طرفا  تنطبق عليه  الحرابة  وبالتالي  تتم معاقبته  حسب حد الحرابة , وفي أسوء الحالات يجب تطبيق حد الحرابة على الطرفين , لأن كل طرف بنظر الطرف الآخر  مجرم  يحارب الاسلام  وعقوبته  الصلب وقطع الأطراف .

لافائدة من  توصيف الواقعة من جانب واحد  بأنها لاتمت الى تعاليم الدين بصلة   وبأنها  لا أخلاقية ولا انسانية  ,  الجانب الآخر  يرى العكس , وبذلك لايمكن الخروج من  قوقعة “القتل  والتشنيع ” لطالما  بقي القتل والتشنيع  عقوبة  يمكن   أو يجب تطبيقها  في  اشكالية نسبية , وبالنتيجة يتساوى  شيخ الأزهر  مع  الخليفة البغدادي  في  الاعتراف  بشرعية القتل  , والفرق الوحيد هو ان طرف  مارس القتل عمليا  في حين ان الطرف الثاني  شرع القتل نظريا  , وفي كينونة الطرف الثاني  المقدرة  الشرعية على ممارسة  القتل  , اننا  بين قاتل “ظاهر” وقاتل “كامن” ,..اننا بين “قتلة” … اننا في مأزق ,  ولا خروج  من هذا المأزق الا  باعلان   القتل  جريمة  مرفوضة  مهما  كانت الحالة ومهما  كانت  الظروف  ,  القتل بحد ذاته لايمثل عقوبة  , لأنه بحد ذاته جريمة   , وهنا نعود الى  الوضوح  عند السيد المسيح  , الذي  قال   لاتقتل  ,  والسيد المسيح  لم يضع القتل  في ميزان النسبية  , القتل , بغض النظر عن فاعله  وبغض النظر عن الموجبات التي يوردها الفاعل جريمة منكرة,وانطلاقا من كون القتل  بشكل مطلق “جريمة ”  قررت  دساتير  العديد من الدول  , خاصة الغربية ,   حذف  عقوبة القتل  من  قوانين العقوبات  ,  غير مسموح للفرد أن يقتل  , وغير مسموح للسلطة أن تقتل  ولا للدولة  أيضا .

لايوجد فرق  أساسي  بين  أفعال  داعش وأفعال الديكتاتوريات العربية , وحتى  مشهدية الأفعال لاتشكل فرقا  نوعيا  وانما لربما كميا  , الديكتاتوريات  جعلت كداعش  في العديد من المناسبات  من القتل مشهدا لعرض انحطاطها التي تفخر به    , هاهو  عبد الكريم قاسم  يسحل  الناس في الشوارع  وصدام لايقل عن قاسم ولعا بممارسة مشهدية القتل  والتنكيل ,  وعن شبيحة الأسد  فحدث ولا حرج , أما  سجون الأسد فلها اختصاصتها واختراعاتها  , يوميا  تطلق سبيل العشرات من  الجثامين  , حيث لايجد الجثمان طريقه الى  أهله  وانما الى مكان مجهول …مقبرة جماعية ! ,  مع تسليم  حاجات القتيل لأهله    يتم  ابتزاز  اعتراف  ممهور بتوقيع الأهل   مضمونه اعتراف بأن داعش  هي التي  قتلت المجني عليه   , ومصير من  يرفض التوقيع على الوثيقة   سيكون كمصير  المجني عليه ..انه داعش  الدي يغتال الناس  حتى داخل السجن  الأسدي …لله درك ياداعش !!لم تسقط داعش من السماء , داعش هي  استمرارية لتراث ر متواجد  طورته باتجاه  أكثر انحطاطا , ومن يريد الانعتاق من الانحطاط  عليه بكل تأكيد بداعش  وقبل داعش عليه بالأسد , فلولا الأسد لما ولدت داعش .

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *