تحت شعار لاصوت يعلو فوق صوت المعركة التي يديرها محور المقاوممة والممانعة , تم استباحة كل شيئ , الفساد أصبح ضروري ليصبح صوت العركة مدويا ولممارسة الممانعة والمقاومة , ولاتقل ضرورة التعذيب في السجون عن ضرورة الفساد , والأهم من كل ذلك بالنسبة للمعركة المدوية تحت اشراف المحور هو ممارسة الديكتاتورية وملحقاتها من منع وقمع , من قتل للعقل , من اغتيال للحريات والعدالة الاجتماعية , من اللجوء الى التخندق المذهبي , الذي أولد تخندقا مذهبيا مقابلا , من التعسف ومن العشائرية والتأخر , ولا مجال هنالتعداد كل مناقب رجال المعركة المدوية من المحوريين , فنظرة عابرة الى الوضع السوري تكفي للتعرف على معالم الدولة التي ستقود المعارك المدوية ضد اسرائيل , يكفي للتعرف على حال سلطة محورية في محور الممانعة والمقاومة , أهذه هي سوريا التي ستستطيع خوض الحروب التحريرية المدوية !!, أهذه هي سوريا التي ستستطيع ممارسة الممانعة والمقاومة !!.
نعم استطاع الأسد خوض المعارك واستطاع أن يقاوم ويمانع , ليس ضد اسرائيل , وانما ضد سوريا والشعب السوري , حيث لاصوت كان أعلى من صوت صواريخه وقنابله ومدافعه, وبما أن الدمار حل في كل زاوية من زوايا سوريا , فانه من المنطقي القول على أن الرئاسة مطلقة الصلاحيات مسؤولة عما حدث مسؤولية تامة ,مسؤول عن خراب الحجر والبشر , مسؤول عن التلف المادي والمعنوي ..مسؤول عن تحويل البشر الى مخلوقات بدون “قضية” , فما هي “قضية” ١٢ مليون جائع الا تأمين مايسد الرمق , وما هي قضية ٧ مليون بين نازح ولاجئ الا تأمين سقف للوقاية من الأمطار , الجائع والمشرد واللاجئ لايقوى على الاهتمام بالشأن العام , وقضايا الوطن هي شأن عام , الوطن ضعيف عندما يصبح المواطن ضعيفا , الوطن جائع عندما يجوع المواطن …وبهذه المناسبة قرأت رسالة كتبها كاتب السيناريو فؤاد حميرة الى الأسد وبها لخص بكلمات أجمل وأبلغ من كلماتي حكاية الوطن والأسد , وفي الرسالة قال حميرة :
ما الحكاية سيادة الرئيس؟ أما زلت مصرا على قيادة المقاومة والممانعة بشعب يتعرض للإذلال والإهانة والاعتقال والقتل على يد شبيحتك وأجهزة أمنك؟ أما زلت تريد الانتصار على إسرائيل ببلد أوصلته حكمتك إلى الدرك الأسفل الذي يعيشه الآن؟ حيث تنتشر الجثث والتفجيرات والكمائن وعمليات الخطف والسلب والنهب والحرق…حيث لا أمان لسوري حتى في بيته… هل تريد تحرير الجولان بشعب يعيش أقذر حالات الحرمان والإقصاء والإلغاء والبطالة والفوضى الأمنية والفلتان القانوني؟ أما زلت مصرا على قدرتك في القضاء على المؤامرة المزعومة باقتصاد منهار، وشعب على أبواب حرب أهلية بفضل عبقريتك؟ بثقافة الفساد واللصوصية؟ كلمة أخيرة سيادة الرئيس: شعب يريد الكرامة، هو فقط الشعب القادر على تحرير الجولان وقيادة المقاومة، أما الشعب الذي تريد له الذل كل ساعة، فلن يكون إلا عبئا ثقيلا على كاهلك..شعب تحرمه من الكهرباء…شعب يعيش في العتمة…شعب تحرمه من الغاز والوقود الشتوي…شعب تحرمه من العمل…تحرمه من الحرية…. لن ينتصر إلا عليك!.
حقيقة من الصعب تصور رؤساء دول من طراز الأسود ومن طراز تفكيرهم واستهانتهم بالشعب , والأمثلة على ذلك عديدة , لنأخذ الأب المتوفي حافظ الأسد , فالمرحوم ادعى أيام وجود القوات المتعددة الجنسية في بيروت على أنه أقوى من الرئيس الأمريكي رولاند ريغن , ذلك لأن مقتل جندي أمريكي في لبنان يحرك الرأي العام الأمريكي ضد رئيسه , فيما لايحصل الشيئ نفسه ضد الأسد في سوريا وذلك بغض النظر عن السوريين الذين يقتلون , مقتل السوريين لايغير شيئا من قرارات الحاكم , وهذا الحاكم لايخجل من الفخر بذلك , أما بعد حرب ١٩٦٧ فقد ادعى هذا الحاكم الذي كان وزيرا للدفاع على أن اسرائيل خسرت الحرب , والتبرير كان التالي , لم تتمكن اسرائيل من اسقاط حكومة البعث لذلك فقد خسرت اسرائيل الحرب , وفي ميزان الخسارة والربح لم يكن للجولان أي ثقل , وانما الثقل كان لشخصه , الذي ترقى بسبب حنكته وعبقريته الحربية بعد ذلك الى رئيس للجمهورية وأطلق على نفسه اسم القائد الخالد .
من الخطأ القول على أن اسرائيل خسرت حرب ١٩٦٧ لأنها لم تتمكن من اسقاط حكومة الأسد !!!, لم يقف في وجهها آنذاك شيئ ! وكانت مقتدرة على خلع رقبة الأسد وغير الأسد , الصحيح هو أن اسرائيل لم تريد اسقاط الأسد , وانما ارادت وتريد تحطيم سوريا , ومن يراقب تطور الحالة السورية تحت رئاسة الأسود يفهم بشكل واضح مغزى ابقاء الأسد بالنسبة لاسرائيل , انهم الضمانة لهدوء مطلق على الحدود بعد ١٩٧٣ , انهم من أوصل سوريا الى المستوى الصومالي , انهم من أفقد سوريا كل امكانيات الدفاع عن النفس تجاه اسرائيل , انهم من حول الجيش الى حرس شخصي للأسد , انهم من دفع الناس للكفر بفلسطين وبالقضية , انهم من مزق وشرذم سوريا وأفقدها معالم الدولة , انهم من قتل مئات الألوف من السوريين ومن دمر البنية التحتية ومن قصف البشر بالبراميل ..الخ , بخلاصة انهم من فعل ماتريده اسرائيل , واسرائيل تخجل من القيام به , لم يحدث أن تعاملت اسرائيل مع سوريا والسوريين بالوحشية التي تعامل الأسود بها مع سوريا والسوريين .
لقد كان القائد الخالد حسب رأيه أقوى من رونالد ريغن , والابن ورث عن الأب العديد من الصفات منها مثلا التوحش , ومنها الانتفاخ , واذا كان الأب أقوى من ريغن فان الابن , حسب انتفاخه , أقوى من أوباما , لابل أقوى من الكون , هاهو الابن يرى نفسه منتصرا في حرب ضد الكون وضد أكثر من مئة دولة , وفي سياق هذا الانتصار ولدت داعش ومحقت عسكر الأسد عن بكرة أبيهم في مساحة تعادل أكثر ثلث سوريا , وبالرغم من أن مابقي تحت سلطة الأسد لايتجاوز ٢٥٪ من الأرض السورية والحرب تتأجج في دمشق ومحيطها ونصف حلب أو أكثر تحت سيطرة المعارضة المسلحة , ناهيكم عن الجنوب وعن الشمال وعن الوسط والشرق والغرب , وناهيكم عن الجوع الذي ينوء تحته ١٢ مليون سوري وعن التشرد الذي ألم بستة ملاين سوري على الأقل وناهيكم عن انشطار البلاد جغرافيا وفئويا وعشائريا وطائفيا وعائليا , فلا يزال الأسد منتصرا , وهو الذي انصاع تحت التهديد وتخلى عن السلاح الاستراتيجي , هو أيضا الذي رحب بانتهاك التحالف لسيادة سوريا وهو الذي قبل دون قيد أو شرط اقامة منطقة عازلة في الجنوب (الجولان) , حيث أسقطت اسرائيل طائرة سورية فوق الجولان , واسقاط الطائرة كان عملا تحذيريا القصد منه اعلام الأسد على أن المنطقة أصبحت محظورة على طائراته ..كل ذلك لم يؤثر على شعور الأسد بالنصر المبين , كل ذلك لم يمنع الأسد من الحديث عن حبيبته الرقة , التي سيحررها خلال أيام , وكل ذلك لم يدفع الأسد الى أن يسأل نفسه عن مضمون انتصاراته , منتصر دائما والى الأبد يخسر الرقة والبوكمال ودير الزور وغيرهم , منتصر دائما والى الأبد ولم يحرك ساكن بخصوص عين العرب (كوباني) , حيث يدافع الأكراد عن مدينتهم بمساعدة التحالف , اين هم بواسل كتائب الأسد ؟ أليست عين العرب مدينة سورية ؟