بين الاستعمار الداخلي والاستعمار الخارجي

بقلم:سيلفيا باكير

تطورت  الحالة السورية  بشكل  كارثي  ومتوقع  ,  ومن المنطقي   توقع تطورات شعبية رافضة للكارثة   ,  كما أنه من  الضروري  ممارسة الكثير من الحذر في ادراك  مايقال على أنه “شعبي”  ,فالكل يتحدث  عن “ارادة” الشعب ,  والشعب  لم يقتدر لحد الآن من  التعبير عن ارادته   , وذلك بسبب انعدام   امكانية   تمثيله  بطريقة حرة  وديموقراطية نزيهة وشفافة   , فان كان  انتخاب أو استفتاء , فما تعرفنا عليه لحدالآن    ليس الا  مهزلة وقحة  وتزوير مفضوح  واستخفاف بعقل الانسان   واستحمارا له ,  فمن يصدق  النتائج   المعلنة  يصل الى  القناعة   التي تقول    أن الهكم هو  الأسد  ..اعبدوه  , ربكم  هو   الأسد ..أطيعوه … ولو ترشح  محمد بن عبد الله أو عيس بن  مريم  لانتخاب  أو استفتاء في سوريا  فسوف  لن  يحصل  على نتائج تعادل نتائج الأسد أبا وابن  , لذا  فان  عبادة  الأسد  قبل عبادة الله هو  أمر منطقي في أسديته  ,  لذا كان على  وزير الداخلية  في كل اعلان عن نتائج  مهزلة جديدة  أن يقدم التهاني لسيد الوطن  الذي هو الأسد الى الأبد !

التفاهة   مستشرية  وشاملة  ولا تقتصر على سيد الوطن  أو وزير داخليته  , وانما  تشمل أيضا وزير خارجيته , وهذا الوزير  لم يتوقف  لحظة في  السنين الأخيرة عن  تأكيد افلاسه الاخلاقي  , حيث أكد  المعلم  افلاساته في عدة مناسبات  , منها   اعتباره  لمنصبه على أنه منصب تنفيذي  , ومنها  انتفاخاته بخصوص شطب أوروبا من الخارطة و وللمفاجأة  لم تنشطب أوروبا   وانما انشطبت   سوريته الأسدية وآلت الى المزبلة   ,منها  قوله على  رأس الأسد مليئ بالمشاريع الضخمة  ,  كتأسيس  ديموقراطية  غير مسبوقة في الشرق والغرب , وأين هي تلك الديموقراطية القدوة ؟  , أما افلاسه الأخير  فقد كان  تطاوله  الغير مهذب على  ارادة الشعب  , اذ قال على أن الحل الامني هو ارادة شعبية  ,  فكيف  تمكن وليد المعلم  من اكتشاف هذه الارادة  ,  ثم كيف على الشعب   أن يريد  الموت تحت البراميل المتفجرة ؟ ,  الشعب  يريد الحياة  ,  وكل شعب يريد الحياة  , وهل  عدد  القتلى  وكم التخريب  هو تعبير عن ارادة الحياة  ؟؟.

الوزير يطلق على الهمجية الأمنية  اسم الحل الأمني , وهل هناك صعوبة في  تقييم نتائج هذه الهمجية  , هل  مقتل مئات الألوف  وتدمير البلاد   هو الحل  ام انه الانحلال  , والوزير  لايفرق بين الحل والانحلال , الوزير  لايدرك على أن   مايسميه “حلا”  وهو بالواقع أساس المشكلة , كما أن الوزير   الانفصامي   لايدرك  وجود أي مشكلة  كبيرة  في البلاد ..فالامر كله  كله عبارة عن شغب  تكفلت  الأجهزة المختصة   بالسيطرة عليه ومؤامرة كونية  انتصر الأسد عليها بامتياز , ولمكافحة الشغب  كان على   همجية  أمن الأسد  تنظيم قوائم المطلوبين من قبل الأمن للتحقيق  , وعددهم  حسب التسريبات الأخيرة  كان أكثر من مليون سوري ,  فعلى مليون سوري  المثول أمام  الأمن الهمجي  للبرهنة عن الوطنية …كل ذلك شغب  والاشكالية انتهت …. خلصت  ..كما قالت  المستشارة بثينة شعبان .

ثم كيف  يقدم وليد المعلم  على  القول بأن  الشعب يريد الحل الأمني  , بينما  يرى معلمه  “نظريا”   على أن الحل “سياسي” , وهل الحل السياسي هو  ذات الحل الأمني ؟ واذا  اراد  الشعب الحل الأمني  ,  فلماذا ذهب المعلم الى جينيف ؟ هل ذهب من أجل فرض الحل الأمني “الشعبي” على المعارضة ,وتفاديا للاطالة يمكن القول  على أن  الأسدية   بغوغائيتها  ودجلها  وعنانتها السيياسية  دمرت البلاد معنويا وماديا  اجتماعيا  وعسكريا  , لذا استحقت  , حسب رأي العديد من أبناء سوريا, اسم  الاستعمار الداخلي  , الأسد ديكتاتور  مستبد ومستعمر  , ومعظم أطياف الشعب السوري   ترفض ذلك  , لأنه من المنطقي رفض الاستبداد والاستعباد  من قبل  أي انسان ,  وبالرغم  من سقوط الأسد  الأخلاقي  وانعدام  اي مستقبل له ولحاشيته  , فانه  لايزال  متواجدا بوظيفة   زعيم عصابة  وليس بصفة رئيس جمهورية , فرئيس جمهورية  لايقتل  الشعب  الذي  , كما يدعي,  اراده وانتخبه   بنسب   لاتستقيم الامع   الآلهة ,  الشعب المنتحب  بحث ويبحث عن مخرج   من الموت والدمار , ولحد الآن لم يجد هذا المخرج , فالأسدية  اغلقت كل منافذ الخروج  واغتبطت بولادة  داعش   , الذي أغلق بدوره منافذ ممكنة  , فالمهم بالنسبة للأسد هو البقاء  ,  ومن   مستلزمات البقاء   الابقاء على  وضع تفاضلي مع داعش ,  لكي يبقى السؤال    ماذا تريدون ؟  الأسد أو أبو بكر !, آملا  أن يكون  الجواب  نريد الأسد ,   , والى هنا  وصلت  الوضاعة الأسدية  , فطموحها لايتعدى  كونها  أفضل من داعش , لذا فانه من المنطقي  بالنسبة لمواطن  يفكر منطقيا  رفض  داعش والأسد  , لأنه لارجاء  من  السيئ  ولا من  ماهو أقل منه سوءا بقليل, منطقيا يريد الشعب “الجيد”, ولم يتم لحد الآن الا البرهنة  عن عدم جودة الأسد  , وعن داعش فحدث ولا حرج !.

وقع  الشعب السوري  في مطب  يمكن تسميته مطب الاستعمار الداخلي  , حيث تم تقسيم البلاد واقعيا  الى  دولة الاسلام السني  ودولة الاسلام العلوي الشيعي  , وكل دولة تسيطر تقريبا على نصف البلاد  جغرافيا  وبشريا  أما اقتصاديا  فترجح كفة  دولة الاسلام السني , لقد خلقوا وضعا  استعماريا  استبداديا  ولصوصيا ثم اجراميا  جعل من  المطالبة  بمنقذ  خارجي  أمرا ضروريا  وحيويا  ,  لقد جاء  الغرب والأمريكان  بعد  توسل  واستنجاد  لايعرفه التاريخ السوري  , فقدت  الخيانة معالمها  , وأصبح   الالحاح  على قدوم الأمريكان  أمرا لابديل له  ,   وبعد تردد  وتأخر أتى الاستعمار الخارجي  لينقذ الشعب السوري من الاستعمار الداخلي , أمر بمنتهى الغرابة  وتصوره  هو أمر بمنتهى الصعوبة  , الا أنه  واقع مؤلم , واقع تمحض عن  اغتيال  الأسدية والداعشية  لكل بديل  حضاري  , لابديل أمام شعب   أعطوه البرلمانات  وأخذوا  حريته , اعطوه الأحذية  وأخذوا طرقاته , اعطوه الجوامع والكنائس وأخذوا  ايمانه (محمد الماغوط), اعطوه الساعات  وأخذوأ الزمن ..!!! أعطوه  الحراس  وأخذوا الأمان , أعطوه  الثوار وأخذوا ثورته !!

لم نعد  نجرأ على استنكار   أمرا  مشابها  لما حدث في ليبيا , حيث صوت البرلمان الليبي  بنسبة عالية (١١١  من أصل ١٢٤)  لصالح استجداء التدخل الخارجي  ,  ولم يعد  الاستنجاد  بالاستعمار  الخارجي  في سوريا  أمرا  خارج كل تصور , وذلك بعد أن استجدى العراق  التدخل الخارجي   , الذي فرض شروطا لقدومه , وأحد الشروط  كان  رحيل المالكي, الذي رحل أيضا بشروط  , وشروطه كانت   اعطائه  منصبا أو وظيفة تجعل من ملاحقته قضائيا أمرا صعبا ,  لامثيل لبازار المالكي في العالم حيث انه بذلك أصبح قدوة للانحطاط  بعد أن مثل انحطاط القدوة  وللعلم فان المالكي  ظل رئيس وزراء لمدة  أطول من عشر سنوات  , وبالرغم من انحطاطه  يبقى قدوة لزميله السوري  الذي  حقيقة لايعرف التاريخ مثيلا له  وسوف لن يتعرف على  مثيل .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *