تطورت الحالة السورية بشكل كارثي ومتوقع , ومن المنطقي توقع تطورات شعبية رافضة للكارثة , كما أنه من الضروري ممارسة الكثير من الحذر في ادراك مايقال على أنه “شعبي” ,فالكل يتحدث عن “ارادة” الشعب , والشعب لم يقتدر لحد الآن من التعبير عن ارادته , وذلك بسبب انعدام امكانية تمثيله بطريقة حرة وديموقراطية نزيهة وشفافة , فان كان انتخاب أو استفتاء , فما تعرفنا عليه لحدالآن ليس الا مهزلة وقحة وتزوير مفضوح واستخفاف بعقل الانسان واستحمارا له , فمن يصدق النتائج المعلنة يصل الى القناعة التي تقول أن الهكم هو الأسد ..اعبدوه , ربكم هو الأسد ..أطيعوه … ولو ترشح محمد بن عبد الله أو عيس بن مريم لانتخاب أو استفتاء في سوريا فسوف لن يحصل على نتائج تعادل نتائج الأسد أبا وابن , لذا فان عبادة الأسد قبل عبادة الله هو أمر منطقي في أسديته , لذا كان على وزير الداخلية في كل اعلان عن نتائج مهزلة جديدة أن يقدم التهاني لسيد الوطن الذي هو الأسد الى الأبد !
التفاهة مستشرية وشاملة ولا تقتصر على سيد الوطن أو وزير داخليته , وانما تشمل أيضا وزير خارجيته , وهذا الوزير لم يتوقف لحظة في السنين الأخيرة عن تأكيد افلاسه الاخلاقي , حيث أكد المعلم افلاساته في عدة مناسبات , منها اعتباره لمنصبه على أنه منصب تنفيذي , ومنها انتفاخاته بخصوص شطب أوروبا من الخارطة و وللمفاجأة لم تنشطب أوروبا وانما انشطبت سوريته الأسدية وآلت الى المزبلة ,منها قوله على رأس الأسد مليئ بالمشاريع الضخمة , كتأسيس ديموقراطية غير مسبوقة في الشرق والغرب , وأين هي تلك الديموقراطية القدوة ؟ , أما افلاسه الأخير فقد كان تطاوله الغير مهذب على ارادة الشعب , اذ قال على أن الحل الامني هو ارادة شعبية , فكيف تمكن وليد المعلم من اكتشاف هذه الارادة , ثم كيف على الشعب أن يريد الموت تحت البراميل المتفجرة ؟ , الشعب يريد الحياة , وكل شعب يريد الحياة , وهل عدد القتلى وكم التخريب هو تعبير عن ارادة الحياة ؟؟.
الوزير يطلق على الهمجية الأمنية اسم الحل الأمني , وهل هناك صعوبة في تقييم نتائج هذه الهمجية , هل مقتل مئات الألوف وتدمير البلاد هو الحل ام انه الانحلال , والوزير لايفرق بين الحل والانحلال , الوزير لايدرك على أن مايسميه “حلا” وهو بالواقع أساس المشكلة , كما أن الوزير الانفصامي لايدرك وجود أي مشكلة كبيرة في البلاد ..فالامر كله كله عبارة عن شغب تكفلت الأجهزة المختصة بالسيطرة عليه ومؤامرة كونية انتصر الأسد عليها بامتياز , ولمكافحة الشغب كان على همجية أمن الأسد تنظيم قوائم المطلوبين من قبل الأمن للتحقيق , وعددهم حسب التسريبات الأخيرة كان أكثر من مليون سوري , فعلى مليون سوري المثول أمام الأمن الهمجي للبرهنة عن الوطنية …كل ذلك شغب والاشكالية انتهت …. خلصت ..كما قالت المستشارة بثينة شعبان .
ثم كيف يقدم وليد المعلم على القول بأن الشعب يريد الحل الأمني , بينما يرى معلمه “نظريا” على أن الحل “سياسي” , وهل الحل السياسي هو ذات الحل الأمني ؟ واذا اراد الشعب الحل الأمني , فلماذا ذهب المعلم الى جينيف ؟ هل ذهب من أجل فرض الحل الأمني “الشعبي” على المعارضة ,وتفاديا للاطالة يمكن القول على أن الأسدية بغوغائيتها ودجلها وعنانتها السيياسية دمرت البلاد معنويا وماديا اجتماعيا وعسكريا , لذا استحقت , حسب رأي العديد من أبناء سوريا, اسم الاستعمار الداخلي , الأسد ديكتاتور مستبد ومستعمر , ومعظم أطياف الشعب السوري ترفض ذلك , لأنه من المنطقي رفض الاستبداد والاستعباد من قبل أي انسان , وبالرغم من سقوط الأسد الأخلاقي وانعدام اي مستقبل له ولحاشيته , فانه لايزال متواجدا بوظيفة زعيم عصابة وليس بصفة رئيس جمهورية , فرئيس جمهورية لايقتل الشعب الذي , كما يدعي, اراده وانتخبه بنسب لاتستقيم الامع الآلهة , الشعب المنتحب بحث ويبحث عن مخرج من الموت والدمار , ولحد الآن لم يجد هذا المخرج , فالأسدية اغلقت كل منافذ الخروج واغتبطت بولادة داعش , الذي أغلق بدوره منافذ ممكنة , فالمهم بالنسبة للأسد هو البقاء , ومن مستلزمات البقاء الابقاء على وضع تفاضلي مع داعش , لكي يبقى السؤال ماذا تريدون ؟ الأسد أو أبو بكر !, آملا أن يكون الجواب نريد الأسد , , والى هنا وصلت الوضاعة الأسدية , فطموحها لايتعدى كونها أفضل من داعش , لذا فانه من المنطقي بالنسبة لمواطن يفكر منطقيا رفض داعش والأسد , لأنه لارجاء من السيئ ولا من ماهو أقل منه سوءا بقليل, منطقيا يريد الشعب “الجيد”, ولم يتم لحد الآن الا البرهنة عن عدم جودة الأسد , وعن داعش فحدث ولا حرج !.
وقع الشعب السوري في مطب يمكن تسميته مطب الاستعمار الداخلي , حيث تم تقسيم البلاد واقعيا الى دولة الاسلام السني ودولة الاسلام العلوي الشيعي , وكل دولة تسيطر تقريبا على نصف البلاد جغرافيا وبشريا أما اقتصاديا فترجح كفة دولة الاسلام السني , لقد خلقوا وضعا استعماريا استبداديا ولصوصيا ثم اجراميا جعل من المطالبة بمنقذ خارجي أمرا ضروريا وحيويا , لقد جاء الغرب والأمريكان بعد توسل واستنجاد لايعرفه التاريخ السوري , فقدت الخيانة معالمها , وأصبح الالحاح على قدوم الأمريكان أمرا لابديل له , وبعد تردد وتأخر أتى الاستعمار الخارجي لينقذ الشعب السوري من الاستعمار الداخلي , أمر بمنتهى الغرابة وتصوره هو أمر بمنتهى الصعوبة , الا أنه واقع مؤلم , واقع تمحض عن اغتيال الأسدية والداعشية لكل بديل حضاري , لابديل أمام شعب أعطوه البرلمانات وأخذوا حريته , اعطوه الأحذية وأخذوا طرقاته , اعطوه الجوامع والكنائس وأخذوا ايمانه (محمد الماغوط), اعطوه الساعات وأخذوأ الزمن ..!!! أعطوه الحراس وأخذوا الأمان , أعطوه الثوار وأخذوا ثورته !!
لم نعد نجرأ على استنكار أمرا مشابها لما حدث في ليبيا , حيث صوت البرلمان الليبي بنسبة عالية (١١١ من أصل ١٢٤) لصالح استجداء التدخل الخارجي , ولم يعد الاستنجاد بالاستعمار الخارجي في سوريا أمرا خارج كل تصور , وذلك بعد أن استجدى العراق التدخل الخارجي , الذي فرض شروطا لقدومه , وأحد الشروط كان رحيل المالكي, الذي رحل أيضا بشروط , وشروطه كانت اعطائه منصبا أو وظيفة تجعل من ملاحقته قضائيا أمرا صعبا , لامثيل لبازار المالكي في العالم حيث انه بذلك أصبح قدوة للانحطاط بعد أن مثل انحطاط القدوة وللعلم فان المالكي ظل رئيس وزراء لمدة أطول من عشر سنوات , وبالرغم من انحطاطه يبقى قدوة لزميله السوري الذي حقيقة لايعرف التاريخ مثيلا له وسوف لن يتعرف على مثيل .