بعد استماعي لخطاب تنصيب بشار الأسد نفسه رئيسا لسوريا لمدة سبعة سنوات أخرى، أول مشهد تذكرته هو مشهد البغدادي ينصب نفسه خليفة على السوريين .
أعدت الإستماع الى خطاب البغدادي مرة أخرى فلم أجد الكثير من الفروق بين الخطابين، ولكن الإختلاف كان في اللباس واللغة سواء بالنسبة لصاحب خطبة التنصيب، أو من تم جلبه ليشكل جمهورا يسمع ويطيع أو يصفق.
مع كل أسف أصبح أكثر من ثلاثة وعشرون مليون سوري، مع أربعة ألاف عام من الحضارة في مهب ريح الظلم والظلام.
منذ بضعة إيام خرج علينا أبو بكر القرشي البغدادي بخطاب تنصيب نفسه خليفة وأميرا علينا، وشكر لنا ثقتنا به وشكا من هول المسؤولية التي القيناها على عاتقه ولم يعدنا بأكثر من المزيد من القتل والقتال، وتسهيل طريقنا الى الجنة وحورياتها. محذرا إيانا من عدم السمع والطاعة ما أطاع الله فينا، متوعدا العصاة والكفرة وواعدا بالنصر المبين. انها مطرقة التخلف والظلامية التي تفتك بالسوريين.
الى حد الآن لم يرى السوريون من البغدادي إلا الصلب وقطع الرؤوس وبتر الأيدي وجلد الظهور. وتركزت إنجازاته على إغلاق المدارس ومنع الفتيات من التعليم، وتجنيد الأطفال، كما عمل على تدمير الموروث الحضاري السوري في المناطق التي سيطر عليها، طبعا حدث كل ذلك والعالم المتحضر الداعم لحقوق الإنسان يقف متفرجا، عاجزا عن فعل شيء إلا الإدانة والإستنكار، بينما ينتظر أشقائنا العرب دورهم في الحصول على حصتهم من بركات الخليفة وفتوحاته.
واليوم خرج علينا أبو حافظ القرداحي بخطاب تنصيب نفسه قائدا للأمة لسبع سنوات جديدة،
شاكيا أيضا من عبئ المسؤولية التي القيناها على عاتقه، شاكرا لنا ولائنا لقيادته الحكيمة، خطاب ملخصه:
لقد دمرت نصف بلدكم وقتلت منكم ربع مليون سوري، وبالرغم من تشريدكم في العالم ،وإرسالكم الى مخيمات اللجوء، وإخفاء نصف مليون منكم في أقبية سجوني، وعمليات القتل تحت التعذيب التي تعرض لها عشرات الألاف منكم وعمليات الإغتصاب الوحشية التي تعرضت لها حرائركم من قبل جنودي ورجال أمني، وبالرغم من تسليم سوريا لإيران واستدعاء المليشيات الطائفية الموالية والمعادية لها ليخوضوا حربهم على أرضكم ، إلا انكم وبإعادة إنتخابي أثبتم انكم أوفياء صادقون ووطنيون حقيقيون، واعون لحجم المؤامرة التي أواجهها، وبالرغم من الشكوى الواضحة وخيبة الأمل التي أبداها من سوء التربية التي نعاني منها إلا أنه وعد بأنه سيستمر بإرسال شبابنا الى الموت من أجل أن يعود بعد سبع سنوات أخرى ليخطب فينا ولكن وقتها في البرلمان وليس في قصره بعد أن يكون قد هزم المؤامرة والمتآمرين وأصبح قادرا على مغادرة قصره دون أن يتعرض لرصاصة طائشة تجعل السوريين أيتاما من بعده.
لم ينسى أبو حافظ أن يعدنا بمكافحة الفساد الذي يعيق تقدم سوريا ويؤدي الى المزيد من تدهور أحوالنا، تماما كما فعل أبوه على مدى ثلاثون عاما من حكمه، ذلك الفساد الذي جعل ابن خاله وشريكه أغنى رجل في سوريا، وابناء عمه والمافيا الأمنية الإقتصادية التي يقوم عليها نظامه ينافسون أثرياء العالم في غناهم. واضعا السوريين على سندان استبداده وطغيانه.
حدث كل ذلك أيضا على مرأى ومسمع أصدقاء وأشقاء الشعب السوري وداعمي ثورته، وبالرغم من الأيام المعدودة والخطوط الحمر، ودعم العالم الحر لحقوق الإنسان وحق الشعوب في الحياة الحرة.انه سندان الإستبداد والطغيان الذي يمسك بالسوريين وأحلامهم.
وما بين سندان الطغيان والإستبداد ومطرقة التخلف والظلام، تسقط الضحايا يوميا وتدمر حضارة عمرها ألاف السنين .
إن السوريين اليوم أمام تحدٍّ تاريخي، فإما أن يتوحدوا جميعا وينبذوا طغيان الأسد وظلامية البغدادي وأمثاله، من خلال الإلتفاف حول المشروع الوطني السوري الحضاري القائم على الحريات واحترام حقوق المواطنة، وتتضافر جهودهم لخلق مؤسساتهم السياسية الوطنية، التي تمثل تاريخهم الحضاري، مؤسسات سورية صاحبة قرار وطني مستقل، مؤسسات شفافة يشعر كل سوري انها تمثله وتهتم بمصيره. أو انهم سيستحقون لعنات الأجيال القادمة لأنهم تقاعسوا عن حماية وطن بجمال سورية وحضارة بعراقة حضارتها.