من هم هؤلاء الذين خرجوا من حمص ؟
بقلم :ربا منصور
حمص كانت محاصرة , نبل والزهراء لاتزال محاصرة , قوات الأسد حاصرت حمص سنتين , وقوات المعارضة المسلحة تحاصر القرى الشيعية نبل والزهراء , والتفاق الذي تكرر يقول , السماح للمساعدات أن تصل الى نبل والزهراء , مقابل انسحاب المقاتلون من حمص والتوجه الى منطقة شمال حمص (الدار الكبيرة) , ويسمح لهم بأخذ اسلحة خفيفة معهم أضافة الى الأشياء الشخصية ., ونتيجة لاتفاق في شهر شباط من هذا العام خرج من حمص أكثر من ألف مقاتل (١٤٠٠؟) , والتفاق الأخير أدى الى خروج أكثر من ألف مقاتل (١٢٠٠؟) , المعذرة اذا كانت الأعداد ليست دقيقة , فما اعرفه عن وقائع حمص أخذته من وسائل الاعلام المختلفة , والاعلام كما يعرف كل انسان لايلتزم دائما بالحقيقة , الاعلام له رسالة واستراتيجية وتكتيك , الا أن الغربلة ممكنة الى حد ما وذلك بالحرص على منطقية الخبر .
لدي بعض الملاحظات حول الواقعة , وأول هذه الملاحظات تتعلق بتقييم الحدث من باب الخسارة والربح , لقد ربح الأسد في حمص الا أنه خسر في حلب , الربح لايكفي لاعلان النصر , والخسارة لاتكفي لاعلان الهزيمة , وشأن المعارضة المسلحة شبيه بشأن الأسد ومجموعاته المسلحة , المعارضة لم تنتصر ولم تنكسر , كل الأمور تتواجد في مابين بين .
بالنسبة للمهجرين من حمص فالوضع آخر , ولا يجوز التكلم نيابة عنهم فالأولية بالنسبة لهم هي العودة الى بيوتهم , ولا يجوز للمتخم أن يتكلم باسم الجائع , الجائع يريد أولا العودة الى عمله , وذلك بغض النظر عن بقاء الأسد أو رحيله , وبغض النظر عن انتصار المعارضة أو هزيمتها , فكل ذلك لايهم ذلك التعيس الذي فقد بيته , وفقد رزقه وقتل من قتل من أولاده أو أقربائه أو جيرانه , كل ذلكلايهم الأرملة التي تبحث عن قبر زوجها ولا يهم الأطفال , ومنهم من أصبح خارج البلاد في الخيمة ..في الزعتري في الأردن أو لبنان أو تركيا أو غرق في المتوسط في محاولة للوصول الى أوروبا …أولويات هؤلاء جديرة بالاحترام ومنطقية أيضا , هم بحاجة الى العناية والدفئ والمحبة , فمشاكلهم الحياتية لم تنته , وانما بدأت الآن بشكل جدي , فمن أين لهؤلاء المال اللازم لترميم بيوتهم , ومن أين لمن فقد بيته أن يبني بيتا آخر , ومن أين لهم الحصول على مفروشات جديدة ؟؟ , وضعهم مأساوي , وحنقهم اسطوري , والبعض منهم شارف على تفضيل الموت على الحياة .
بعضهم تفقد بيته بعد خروج المسلحين , وقد انشرح قلب البعض لانهم وجدوا البيت كاملا , عاد هؤلاء الى أماكن تهجيرهم , ثم عادوا في اليوم الثاني الى البيت ليجدوه فارغا ومسروقا حتى آخر صحن أو كرسي …بعد الموتة عصة القبر , وهؤلاء يقولون على أن الشبيحة قامت بعمليات ” تعفيش “مستعجلة , أخذوا كل شيئ وذلك بالرغم من تحذيرات قوات الأسد أو السلطة من التعفيش , السلطة قالت محذرة على أن كل البرادات والأجهزة الأخرى قد تكون مفخخة , لذا حذار من لمسها !, التحذير لم ينفع والتعفيش استمر والبضاعة نقلت تحت أعين السلطة الى أسواق الحرمية لبيعها , ذلك لأن الشبيح مرغم على ذلك , حيث أن راتبه يأتي من غنائم الحرب , وما يأخذه الشبيح من البيوت هي غنائم حرب وليست سرقات , يقولون على انهم يعملون بموجب اتفاقية مع السلطة بما يخص غنائم الحرب , ماذا يقول العائد الى بيته حول هذه النقطة ؟ , وماذا يقول العائد الى بيته عندما لايجد بيتا وانما انقاضا .
هناك ملاحظة أخرى حول هوية هؤلاء المقاتلين , لقد قالت السلطة وكررت مقولتها مئات المرات , ان من يقاتل كتائب الأسد في سوريا هم الغرباء , هم الأفغان والشيشان واهل تونس والليبي والسعودي والفرنسي ..الخ , الا أن السلطة لم تستغل هذه المناسبة وذلك بالاعلان عن اسماء هؤلاء المقاتلين الغرباء وعن نسبتهم المؤية , وقد تبين على أنهم بمجملهم حماصنة , وليس فقط حماصنة , وانما من الأحياء التي خرجوا منها , والتعرف على ذلك سهل جدا لمن يعرف اللهجات الحمصية , والى هذه الحالة أشار كاتب في جريدة القدس العربي ( سليم البيك) كان قد عاش في حمص لسنوات عديدة , على أي حال فانه من المنطقي تصديقه , ذلك لأان السلطة لم تحاول برهنة العكس ولم تشير اطلاقا الى الى هوية أجنبية واحدة , هل كذبت السلطة علينا وهل كذب الرئيس ووزير اعلامه ؟؟؟, ياعيب الشوم عليكم !.
بقي لي أن ألفت انتباه القارئ الى شهادة الأب ميشيل نعمان , والذي شارك في المفاوضات الخاص برحيل المقتلين من حمص , الأب نعمان , الذي خيب أمل قناة الميادين , قالها بمنتهى الوضوح , لاغرباء يقاتلون في حمص , ولا وجود لعصابات في حمص , هؤلاء حملوا السلاح دفاعا عن كرامتهم وحريتهم , وكلي أمل أن لايكون مصير الأب نعمان كمصير الأب فرانسيس , السلطة لاترغب بتصريحات من هذا النوع , وطول اللسان قد يكون سببا لقصر العمر في سوريا الأسد