من الجمهورية الى الجملوكية الى المملكة أو المهلكة !

بقلم:نبيهة حنا

لايمكن للاستبداد مهما  اشتد أن يقضي كليا على ارادة الانسان  , الاستبداد   يكبت هذه الارادة  ويعيقها  ويسيطر عليها  , الا أنه لايستطيع قتلها  دون  قتل  صاحبها  , والأسدية مارست   الاطباق الكامل والشامل على الانسان السوري ,حيث  جردته من  ارادته  وسلبت حريته  وأفقرته ثم  تعاملت معه كبهيمة ,  ولطالما كان  بامكان الأسدية  الاستمرارعلى  هذا المنوال عقودا, ظنت على أنه يمكن  لها الاستمرار أبد عن طريق ممارسة  تفنن  وبراعة  وتوحش لاسابق له   في القمع والتسلط والفساد  ,الذي  ضمن لها  ولاء زبانية فاسدة  صوملت وأفغنت البلاد  ,اسألوا مواليد  الأبعينات عن سوريا الخمسينات  وقارنوا  بينها وبين سوريا القرن الحادي والعشرين  , للأسف ستكون خيبة الأمل كبيرة .

لم تهمتم الأسدية برعاية مصالح الفرد والشعب بشكل عام, وانما برعاية مصالحها المادية  والسلطوية   , فالأسدية لم تقدم الرخاء المادي الا للمرتزقة  عن طريق السرقة , ولم تقدم للانسان مزيدا من الحريات , ولم تقدم للانسان السوري مزيدا من العدالة الاجتماعية  ولا مزيدا من الديموقراطية  ولا مزيدا من الشفافية , والاستقرار الذي  تدعيه لم يكن الا ركود  وتعفن تحت نظام  أتوقراطي، يمارس بشكل مستمر الإكراه والإجبار والقسر ضد كل من يحاول رفضه ،انه “استقرار ” على المستوى  المنحط من حيوانية  لايعرف التاريخ  شبيها لها , فمن لايعرف النازية عليه  بالأسدية  , حيث   تمثل الأخيرة صورة طبق الأصل عن الأولى ..انظروا الى   صور من حلب  وقارنوها مع صور من دريسدن , انظروا الى  القتلى تحت التعذيب في سجون الأسد وأعدادهم  وقارنوا صورهم بصور  ضحايا النازية  , انظروا الى  القائد الأسد  المتأله وقارنوه   مع  هتلر ..أمراضه النفسية شبيهة بأمراض هتلر و عنصريته أيضا  , الا أن هتلر لم يكن طائفيا كما  هو حال  الزعيم السوري  , وهتلر كان علميا ( وليس علمانيا) في حين  نظيره السوري ليس علمي ولا علماني , النازية ابتلعت الدولة  ,ثم ابتلع هتلر النازية , وفي سوريا ابتلع البعث الدولة , ثم ابتلعت الطائفة العلوية البعث   , والأسد ابتلع الطائفة  ,  لقد قضى هتلر على العديد من  محاولات ازاحته   بوحشية أسدية  , والأسد قضى على العديد من هذه المحاولات بوحشية  هتلرية  , رحيل هتلر أتى بعد  كوارث  , والأسد   انتج الكوارث , وعن الحاجة الى التغيير  , لقد كان جذريا  في ألمانيا  ,  وسوف لن يكن غير ذلك في سوريا ، والمذاهب الاصلاحية لم تكن مجدية عند هتلر  وسوف لن    تكن   مجدية   عند الأسد .

من أجل البقاء  على كرسي السلطة لم تتورع الأسدية  في توظيف أي وسيلة ممكنة  ..من استخدام الغازات الى البراميل المتفجرة الى  الذبح والخطف  , وبذلك كانت قدوة    لمعارضيها من الذبيحة ,  اضافة الى عنف متوحش  غير مسبوق  , سارت الأسدية سياسيا في طريق مواز لطريق العنف المتوحش , ومهدت لهذا الطريق  بعملية التوريث الفريدة من نوعها في الجمهوريات  , ثم باطلاق الشعارات  التي تؤكد  امتلاك العائلة للبلاد بشرا وحجرا ..  سوريا الأسد  ..كتائب الأسد  ..اصنام الأسد على كل جبل ومرتفع وساحة وهضبة  ..الأسد الى الأبد ..الأسد أو لا احد  ..الخ , وذلك لتعويد البشر  وترويضهم  على وضع  “اسدي” أبدي  , وهكذا تحولت البلاد من جمهورية الى مزيج من جمهورية ومملكة  , أطلق عليها  االرئيس التونسي المنصف المرزوقي اسم  “جملوكية” , وعلى هذه الجملوكية أن تتحول الى مملكة  , وهذا ماتبشر به الآن  بعض  أبواقها  التي تطالب بتحويل الجملوكية الى مملكة   , والملك ليس أنت  أيها القارئ  وانما  أحد الأسود ,   والزبانية  لم تعد  مهتمة  بالتمويه على هذا المطلب  حيث  يقول هؤلاء صراحة  ..أين هو الفرق بين آل سعود  وبين آل الأسد  , ولماذا لايجوزفي سوريا ماهو جائز في السعودية , والهدف من   تحويل البلاد الى المملكة السورية الأسدية  , هو  تجنب  اتعاب الانتخابات   والتزويرات  !, ثم تجنب أي مفاجأة  تأتي  بها  الرياح  الديموقراطية   التي  ستعصف بالأسود لامحالة  , والملكية  على طراز ملكية آل سعود  هي ملكية  غير دستورية ,أي أنها تؤمن  السلطة المطلقة  للملك  , وحتى في  النظام  الحالي  والجمهوري شكلا  يتمتع الأسد بصلاحيات لم يتمتع بها القيصر بوكاسا  ولا يتمتع بها حتى الملك السعودي عبد الله , وبذلك  لايتعدى  أمر التحول الى مملكة عمليا  موضوع  تغيير اسم الأسد من  رئيس الى ملك  , وبهذا التحول  تتحقق مضامين كل الشعارات  التي ذكرت طيا  . …الأسد الى الأبد , والأسد أو لا أحد ..سوريا الأسد ..كتائب الأسد ….

ليس من السهل  تحقيق ماتريده العائلة  في سوريا , وذلك  بالرغم  من وجود  حالات  كالبحرين مثلا  , حيث لاينتمي الملك  الى الأكثرية الشيعية, الا أن أقليته ليست ١٠٪  كما هو حال أقلية الأسد ,  ولم تكن البحرين جمهورية   تريد أن تصبح  الآن مملكة  , والتحول من جمهورية الى مملكة  هو بشكل عام  تحول  في الاتجاه المعاكس , وبكلمة أخرى  يمكن القول  على أن المشروع  الأسدي هو مشروع خطر , وعلى من يريد  تنفيذه أن يكون مغامر  ويملك عقلية المقامر , ولمن لايعرف عقلية المقامر أقول له   , المقامر   يضرب ضربته الأخيرة  يخسر كل شيئ  أو يربح كل شيئ ,  وما يجري الآن في سوريا يمثل ضربة الأسد الأخيرة ..اما المملكة  أو المهلكة !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *