بقلم:اياد عيسى
عادي أن تتسارع وتيرة التحضيرات لانتخابات الأسد قي الثالث من حزيران القادم، عادي أن تترافق باحتفالات ( عفوية ) استفزازية لطرف آخر، لا يرى فيه بشار أصلاً، أكثر من عبيد ثاروا على أسيادهم، هذا الطرف ليس واحداً أو مجموعة صغيرة، انه يمثل غالبية الشعب السوري، مئات الآلاف من ذوي الشهداء والمعتلقين، ملايين المُهجرين، والنازحين، حطام مدن اندثرت، وركام مجتمع فُتت، والحكاية معروفة، صار بشار أشهر من نيرون، وأصغر قرية نائية في منطقة ثائرة تعاني أهولاً أشد من حرائق روما.
تتعمد جماعة الأسد إبداء الجدية في سعيها لعرض مسرحية الانتخابات في موعدها، لكن ذلك لا ينفي وجود خيار أو هدف آخر غير معلن، وهو تمديد رئاسة الأسد لمدة سنتين ؟.
أعتقد أن خيار التمديد، هو هدف الأسد الحقيقي، ليس لأنه يخاف من ردود فعل الدول التي تدعي حماية الديمقراطية، بل لأنه الخيار الأكثر براغماتية، ويوفر للأسد الوقت، الذي طالما دفع أثماناً سياسية وإقتصادية لشرائه، أو تلقاه كهدية فوق البيعة كما في صفقة تسليم الكيماوي.
يعتقد بشار أن التمديد كافٍ لاعادة تمركز قواته مع الاحتفاظ بدمشق، وفرض خطوط تقسيم على أرض الواقع مستحيلة الديمومة، لكنها تضمن استمرار القتال والفوضى لسنوات طويلة، وربما تُمهد بعد السنتين لانتخابات جديدة يفوز فيها بلا منازع في ظل ظروف ميدانية واقليمية ودولية مختلفة، ورث الإبن عن أبيه ولع المراهنة على تغيرها أو انقلابها جذرياً..
لم يرشح بشار نفسه حتى اللحظة، سبقه إلى ذلك، وبإيعاز من أجهزته، مرشحان هما ماهر الحجار، والوزير السابق حسان النوري ، نالا من سخرية السوريين، ما يكفي ويزيد لفوزهما في أعتى الديمقراطيات، لو تحول الساخرون منهما إلى ناخبين.
الإيعاز لمغمورين محسوبين على السلطة، يكشف بأن النظام لم يحاول اقناع المعارضة الداخلية بطرح اسم مرشح، ولا حتى تلك المعروفة بأنها صنيعته، إلى درجة أن حزب الإرادة الشعبية لصاحبه قدري جميل، تبرأ من ترشح ماهر الحجار باسم الحزب.
هذا التفصيل، لا يؤكد الإستهتار بالمجتمع الدولي، بقدر ما يشي بأن النظام غير مهتم بأبسط ديكور ممكن لتنفيذ مسرحيته، ولا بمحاولة إضفاء لمسة تجميلية عليها، ربما لأن المهم هو اثبات الفاعلية بالأحداث، وجرعة تفاؤل جديدة لمريديه، التمهيد لاعلان متوقع من مجلس الشعب بتأجيل الانتخابات، والتمديد لبشار الأسد حتى لو كان أحد المرشحين،، بسبب الظروف الداخلية غير المناسبة، ولا شك أن مثل هذا الإعلان المحتمل سوف يحصد رضى وقبول دوليين، كونه يحقق بعضاَ من مطالب المجتمع الدولي، ويستجيب لمواقف تيارات معارضة، والأدق نصف معارضة، لم تخفِ ميلها إلى التمديد والضغط على موسكو لتأجيل الإنتخابات مثل تيار بناء الدولة.
مسألة الإنتخابات، أتاحت للنظام استمزاج ردود الفعل الدولية حيال إجرائها، والتي لم تسجل أي مفاجآت، وتراوحت بين اعتبارها غير شرعية، وبين احباطها الجهود المبذولة لحل الأزمة سياسياً، وكأن الرجل لم يُكفنها منذ المبادرة العربية، ثم دفنها في جنيف2.
المواقف الغربية المتوقعة لا تُخيف الأسد، لكنها تُحرج حلفاءه خاصة الروس، وتفتح الباب أمام تصعيد محتمل للمواقف، إذ ثمة من يعتقد بأن اجراء الانتخابات، يعتبر خرقاً واضحاً لقرارمجلس الأمن الدولي 2218 الداعي إلى إقامة هيئة انتقالية بصلاحيات كاملة، وبالتالي تترك الباب مفتوحاً أمام الدول الأعضاء في مجلس الأمن لاتخاذ القرارات بشكل منفرد، وهذا مستبعد مالم تتحرك واشنطن، والمعروف أن الأموات تفعلها، ولا يفعلها أوباما.
إذا، لا مصلحة لبشار باجراء انتخابات، يخسر فيها نقاطاُ سياسية، ويُسخن الأجواء ميدانياً، ويثير حفيظة دول اقليمية بزيادة تسليح المعارضة، في حين يعرف أن بقاءه يرتبط بفرض الأمر الواقع بالقوة، لا بالانتخابات أو المفاوضات ونقل السلطة.
أظن أن الأسد ميال لتمديد رئاسته بعكس المُتداول، وإظهار مرونة سياسية، تعزز هدفه بكسب الوقت أولاً، وثانياً، وعاشراَ. يبقى أن خيارات الأسد يستحيل التكهن بها،لأنه يمارسها على طريقة ( يا رب تجي بعينه ).