بقلم:حنان عبدو
في مقابلة مع الاخبارية السورية مباشرة قبل انعقاد مؤتمر جينيف ٢ , قال الأسد على أن ترشيحه للانتخابات متعلق بالارادة الشعبية والمزاج الشعبي العام , وهاهو الآن في سياق الترشيح , حيث تم تنظيم المسيرات المروجة لانتخاب الأسد وذلك في المناطق التي يسيطر الأسد عليها خاصة في الساحل السوري , ولا حاجة الآن لبحث آلية هذه المسيرات , التي هي بكاملها قسري حتى في المناطق العلوية , يقول فؤاد الحميرة على أن أكثر من ٨٠٪ من العلويين ضد الأسد , وفي هذه المقولة الكثير من الصحة .
الاجابة على السؤال “من يريد الأسد ؟ ” علميا صعبة , ذلك لأنه لايوجد استقصاء رأي علمي ومحايد كماهو الحال في أوروبا , وحيث نجد هناك تطابق مثير بين نتائج الاستقصاء ونتائج الانتخابات الفعلية, لذا فانه من الأفضل طرح السؤال بشكل آخر ,الشكل هو ” لماذا يريد المواطن السوري الأسد ؟” , والاجابة على هذا السؤال سهلة نوعا ما , اذ يكفي النظر الى وضع سوريا بعد نصف قرن من حكم حافظ وأبو حافظ , ولا يجوز في هذه المناسبة الانطلاق الا من واقع النظام الرئاسي الديكتاتوري , والذي يعني على أنه كان عند حافظ وأبو حافظ كل صلاحية يمكن تصورها , صلاحيات مطلقة الهية كالحاكم بأمر الله , بيدهم الحل والربط ولا يوجد في هذا العالم حاكما أو رئيسا أو ملكا أو ديكتاتورا يملك من الصلاحيات أكثر من صلاحيات الأب والابن , كذلك يجب الانطلاق من مسؤولية الحاكم المطلقة بما يخص تطور البلاد سلبا أو ايجابيا , فمطلق الصلاحيات يعني مطلق المسؤولية , وذلك بغض النظر عن التبريرات الغير جدية مثلا المؤامرات والحروب الكونية وكيد الأقرباء والاخوة وغيرذلك من اعذار أقبح من ذنب .
لايمكن لمن يتفحص الوضع السوري بدقة الا أن يقول على أن الوضع كارثي وذلك في كامل المجالات , ان كان الفساد أو التعليم أودخل الفرد أو العدالة الاجتماعية أو الحريات أو الديموقراطية أو الطائفية أو المخابرات أو الشبيحة أو وجود النصرة أو داعش أو الضرورة لاندلاع ثورة ..الخ , ومن يعطي ماذكر من مجالات الأهمية التي تستحقها يصل الى النتيجة التي تقول على انه لامفر من التجديد , ولما كان التجديد مستحيلا مع الأسد لذا كان هناك الثورة , ولا علاقة “لضرورة” الثورة بمن ينفذها , ولم تقم الثورة الفرنسية على أكتاف الأنبياء ولم يكن مارا أو روبيبيير من فصيلة الملائكة , فضرورة الثورة الفرنسية تعلقت بمسببها وهو الملك وزوجته والنبلاء والكنيسة ..الخ والثورة الشيوعية لاتختلف عن الثورة الفرنسية والصينية كذلك والكوبية أيضا والثورات الأفريقية ..الخ .
ليس من الضروري أن يتطابق الوضع السوري مع أوضاع الشعوب الأخرى التي ثارت , فلكل شعب خصوصياته , ومن خصوصيات الشعب السوري وحكامه في نصف القرن الماضي هو وحدانية منوال الحكم الذي يعتمد على العنف واللاقانونية والفساد ومشتقاتهم , وهذا المنوال الواحد قاد مع الزمن الى تضييق الحلقة المحيطة بالحاكم والى تكثيف هذه الحلقة , لم يعد مع الأسد الا من يريده الى الأبد , ولم يعد هناك من يقبل بغيره الا بعد حرق البلد , الحلقة تكثفت فسادا وتكثقف تطرفا وخوفا وانتقاما , والحلقة لاتخاف على الأسد فقط وانما تخاف على نفسها بالدرجة الأولى , فسقوطه يعني انهيار الحلقة انهيارا كاملا ولربما جسديا وفيزيائيا , لذا فان الحلقة المتطرفةالى أبعد الحدود لاتقيل ببديل كان من كان .
تكثيف الحلقة المستفيدة من الأسد وتضييق هذه الحلقة ترافق مع توسع الحلقة المعارضة والغير مستفيدة من الأسد , وكيف يمكن لأعظمية الشعب أن تستفيد من حالة كارثية , فالمال المخصص للدوران في جهاز الفساد الدوراني الريعي قل ,ولم يعد هناك بترول ولا سياحة ولا صناعة , لم يعد هناك من مصادر ريعية للزبائن لذا فان عددهم قل وازدادت ضرواة من بقي منهم , بالنسبة لهم استقطب الوضع ليصبح وضع حياة أو موت
لوأخذنا الشعب السوري كأحزاب فلا نجد من يساند الأسد الا بعض البعثيين الذين هم بالدرجة الأولى علويين , فالأسد قضى على البعث بشكل عام , وما هي مصلحة الشيوعي السوري بالأسد , وكذلك الديموقراطي أو التحرري أو او المقف أو الديموقراطي ..الخ واذا أخذنا الشعب السوري كطوائف فما هي مصلحة العلوي بالأسد وماهي مصلحة السني أو المسيحي ..الخ , .
رفض الأسد عام تقريبا والمعارضة عامة , وعمومية المعارضة هي التي خلقت عدم التجانس في بنيتها , وعدم التجانس هو الذي سمح للأسد بانتقاء معارضيه, والأسدانتقى كمعارضة المتعصب والتكفيري , ثم قال اما الأسدية أو التكفيرية آملا ان يرفض الشعب التكفيريين ويتقبل الأسدية , أما البقية الباقية من الشعب فلا وجود لها كمعارضة في قاموسه وناموسه , تكفيري من يكفر بالأسد حتى ولو كان شيوعي .
لا اعرف فئة مهمة تستطيع القول على ان هناك ازدهار وتقدم سوري , وفي أي مجال حدث هذا التقدم تحت رعاية القيادة الحكيمة ؟ لايوجد الا التأخر والتوحش والمجازر والخراب , ألهذا يريد الشعب الأسد رئيسا !