ما بعد يبرود وكسب ومقعد سوريا في الجامعة العربية
بقلم :وليد البني
تدخل سوريا مرحلة جديدة مع بدء الهجوم على المناطق الساحلية من قبل بعض فصائل المعارضة،فبعد التدخل الواسع لعصابات حالش في منطقة يبرود، وتمكنها من اجتياحها، كأحد أهم معاقل المعارضة في منطقة القلمون والتي تكمن أهميتها في قربها من دمشق، ُتقرر المعارضة المسلحة فتح جبهة الساحل والهدف المعلن هو زيادة الضغط على جيش النظام ومليشيات حالش والمليشيات الأخرى المتحالفة معها، وإجبار بشار على سحب المزيد منها بإتجاه الساحل لتخفيف الضغط عن جبهات القلمون وريف دمشق وحلب. وهذا ما يحصل فعلا في هذه الأيام، ولكن وبغض النظر عن الجبهات ومن ينتصر فيها ومن يُهزم. فإن الخاسر الوحيد في كل ما يجري هو الشعب السوري وبنية وطنه التحتية ونسيجه الإجتماعي الذي يزداد تمزقا وإهتراءَ.
المهرجانات الإحتفالية التي جرت في الضاحية الجنوبية وفي الأوساط الداعمة للنظام في سوريا بعد سقوط يبرود والتي استتبعت بدورها إجواء إحتفالية لدى السوريين الرافضين للتدخل الحالشي الإيراني في سوريا بعد سقوط المدن والقرى الساحلية في ايدي بعض فصائل المعارضة، كلا الظاهرتين تؤشران الى المدى الذي وصل إليه هذا التمزق والإهتراء بعد ثلاث سنوات من العنف المنقطع النظير التي مارسته مافيا الأسد مخلوف وحلفائها على السوريين والذي أدى بدوره، إضافة إلى الصبغة الطائفية للمليشيات التي استعانت بها هذه المافيا الى تشجيع تطرف في الطرف الآخر سهل لداعش والقاعدة التغلغل في النسيج السوري وأنتج تصرفات طالما كان الشعب السوري ينبذها ويدين أصحابها.
لقد اصبح من الواضح أن المأساة السورية ليست قصيرة وأن زمنا سيمر قبل أن يستطيع السوريون التغلب على إجرام وإستبداد مافيا الأسد مخلوف، وعلى ما أنتجته من دمار وتمزق وتطرف في جميع مناحي حياة الشعب السوري. وأصبح من الواضح أيضا فشل المؤسسات المعارضة الي حاولت التصدي لهذا الوحش المخلوفي الأسدي، نتيجة إفتقادها للخبرة المطلوبة للتعامل مع الظروف المعقدة سياسيا وجغرافيا التي تحيط بسوريا وثورتها إضافة لإنقسام المسيطرين على هذه المؤسسات حسب الجهة الإقليمية الداعمة لهم وما سببه ذلك من فساد وتشرذم وتفضيل الولاء على الكفاءة. والتي ستزيدها طولا وتعقيدا أيضا معركتي الساحل والقلمون إضافة إلى انسداد الأفق بين الراعيين الدوليين بعد الأزمة الأوكرانية وتعقيداتها وبعد الفشل الذي كان متوقعا لمؤتمر جنيف٢ الذي جرى جر المعارضة السورية إليه لتقبل بتقاسم هيئة حكم انتقالية مع النظام دون أية ضمانات لقبول النظام السوري بذلك، رغم أنه أقل بكثير من طموحات الشعب السوري وثورته، والذي نتج عنه ما شاهدناه في الجامعة العربية التي رفضت تسليم مقعد سوريا للمعارضة المتمثلة بالإئتلاف بعد أن قبل الإئتلاف عبر وثيقته المقدمة للإبراهيمي في جنيف أن يكون شريكا للنظام وليس بديلاَ له وذلك قبل أن يحصل على أي تنازل يذكر من النظام على الصعيد السياسي أو حتى الإنساني، مما شجع بعض الدول العربية الى الإنضمام الى الجزائر والعراق في رفض نزع المقعد السوري من النظام وتسليمه للمعارضة.
بعد كل ذلك لابد من طرح مسألة الخطوات التي أعتقد أن على السوريين القيام بها من أجل محاولة الإحتفاظ بوطنهم ووحدة أرضه وشعبه، والتي أعتقد انها يجب أن تأخذ بعين الإعتبار النقاط التالية:
١- إن الإهتمام الدولي والإقليمي بقضية الشعب السوري سيتناقص كلما أمعنا في الركون الى المؤسسات الحالية بما تتصف به من عدم فعالية وإنعدام الكفاءة وفساد. فهي تعطيه الحجة الكافية في تحميلها نتائج تقاعس بعضه ورغبة البعض الآخر في استمرار استنزاف خصومه على أرضنا وعلى حساب دمائنا ووحدة وطننا فهناك العديد من القوى الإقليمية( إسرائيل مثالا) والدولية ( الإدارة الأمريكية الحالية وروسيا) ليس لديها مانع أن يستمر قتال حالش وداعش وملحقاتهما وإضعافهما طالما أن سوريا وطنا وشعبا تدفع كامل الفاتورة دما وخرابا وتمزقا.
٢- إن مخاطبة الدول الصديقة والشقيقة وبصراحة تامة بأن التنافس على النفوذ داخل المؤسسات المعارضة ومحاولة كسب الولاء عبر التمويل يؤدي الى إفساد هذه المؤسسات وإفشالها عبر سيطرة العناصر الأكثر فسادا عليها وإبعاد الكفاءة على حساب الولاء، سيكسبنا إحترامها وسيجعل دعمها موجها لمنطق سوريا الموحدة وليس العكس كما يحصل الآن .
٣- علينا جميعا سواء كشخصيات أو قوى المعارضة المخلصة الإنتباه الى مخاطبة السوريين كسوريين والإبتعاد عن الخطاب الطائفي أو العرقي اذا ما أردنا سوريا وطنا حرا مزدهرا لكل أبنائه، الثورة ستحاسب المجرم لأنه مجرم وليس لإنتمائه الطائفي أو المناطقي فمافيا الأسد مخلوف متعددة الإنتماء الطائفي والمناطقي والمستفيدين من وجودها موجودون في كل أنحاء سوريا
٤- التداعي لوضع خطة إنقاذ وطني من قبل كل المؤمنين بسوريا الحرة الواحدة الخالية من الإستبداد الظالم أو الفكر الظلامي المتطرف تشمل كل من يؤمن بهذه الفكرة بغض النظر عن الموقف السياسي أو الإنتماء الطائفي أو العرقي أو المناطقي، عبر مؤتمر وطني ينتج مؤسسات معارضة قادرة على تنفيذ هذه الخطة.
٥-لابد من إقناع السوريين المترددين بأن سوريا اسلتعددية الحرة دولة جميع مواطنيها، هي خيار أفضل للجميع من نظام قائم على الفساد والقمع والقتل، ولابد من كسب من استطاع الفكر المتطرف جذبه مستغلا الإجرام الوحشي للمافيا الأسدية أيضا عبر إقناعه بأن التطرف والظلامية والثأر لن ينتج عدلا وسلاما بل استبدادا من نوع آخر وظلما مشابها لما قامت الثورة السورية لإسقاطه.