لعبة البديل “التكتيكي “

بقلم: نضال المارد

يقول مؤيد سلطوي  في تعليق على مقالة  فيصل القاسم  بخصوص التلاعب    بالأقليات  لترسيخ  وتنفيذ  والوصول الى هدف  لاعلاقة له بسعادة وأمان  هذه الأقليات  , بل  على العكس  قاد مقصد به حماية للأقليات الى  تدمير وتعتير  ونبذ هذه الأقليات , وقد قدم فيصل القاسم أمثلة من مسلكيات الاستعمار  بهذا الخصوص , اذ أن الاستعمار  نجح في العديد من المناسبات  في تحقيق مشروعه الاستعماري  على  ظهر  من نصبهم في مركز الأقلية ,  وللبرهنة عن ذلك  فانه ليس من الضروري  الغوص في أعماق التاريخ  , وانما  النظر بحيادية تأملية الى الوضع الحالي في العالم   ,فاليوم اراد بوتين  الروسي    سلخ شبه جزيرة القرم عن أوكرانيا  , لذا  ادعى على أن الأقلية الروسية  مهددة  في  أوكرانيا ,  لذا وجب  على روسيا حمايتها  , خاصة وان  هذه الأقلية الروسية تمثل أكثرية في شبه جزيرة القرم , لذا فان  سرقة هذه المنطقة وضمها الى روسيا شرعي ,  وذلك دون التطرق الى السؤال حول تهديد الأقلية  الأوكرانية في شبه جزيرة القرم من قبل الأكثرية الروسية  , فما يهم بوتين هم الروس فقط ,  وبوتين لاير حاجة الى تطبيق ذات القاعدة على الشياشان ,   فلكل حادث عند بوتين حديث آخر .

لقد انطلق فيصل القاسم في تعريفة  “للأقلية” من قواعد حالية وعملية , فالمجتمع السوري تحول الى مجتمع مذهبيات  ,  أي أن المجتمع السوري تطور  ليس الى الأمام , وانما الى الوراء , ولنسأل أنفسنا  عن الجهة التي  حولت المجتمع السياسي الى  مجتمع مذهبي , فالجواب على هذا السؤال واضح ,الجهة التي  قامت بذلك هي الجهة التي ألغت السياسة  وألغت الأحزاب    ولا يمكن القول على أن الأسدية  ساهمت في نصف القرن الماضي في انعاش وتشجيع   التعددية السياسية , بل في ترسيخ  دعائم  الوحدانية   التي تطورت من الحزب الواحد (المادة الثامنة ) الى الشخص  الواحد  الذي هو الاسد  , وذلك الى الأبد , لقد فقد حزب البعث  كل معالمه المدنية وتحول الى قطيع مذهبي   لامهمة له الا  ممارسة الفساد تحت  ظل  سيد الوطن الأسد المتأله ..مطرح مابتدوس بنصلي ونبوس !!!.

من هنا يمكن القول على أن تحول المجتمع السوري  من مجتمع سياسي  الى  مجتمع مذهبي  قد تم  بارادة الأسد , والأسود لم يتركوا  لغيرهم أي ارادة , لذا  فان مسؤولية ذلك تقع على عاتقهم ,  ومن البديهي القول على أن  نتائج هذا التحول يجب أن تخدم مصالحهم , وبالواقع تمكنوا من البقاء في السلطة  نصف قرن من الزمن , وفي الخمسين سنة الأخيرة  يمكن رصد  نوعا من  التوازي  بين  افقار المجتمع سياسيا وبين  انعاشه مذهبيا , وهكذا حلت المذاهب  محل الأحزاب  , وتوج الأسد نفسه حاميا للأقليات , وكلمة “أقليات ” لاتعني  الا  الطائفة العلوية  ,  فالأسد لم يحم الطائفة المسيحية   مثلا  لأانه لاتوجد طائفة مسيحية بالمعنى المنغلق لهذه الكلمة , كما أنه لاتوجد ضرورة لحماية الطائفة المسيحية  , ونتيجة حمايته” للطائفة” المسيحية  هاجر نصف  مسيحيو سوريا  الى الخارج ,  ذلك لأن هذه “الحماية”  اقتصرت على  القيام ببعض  النشاطات  الرمزية تجاه رجال الدين المسيحي , أما المواطن المسيحي  فقد أصبح مواطنا من الدرجة الثانية  , ووجود المسيحي  في  بنية السلطة كان وجودا رمزيا ..كان ديكور .. وعليهم   الاكتفاء  بالفتات  الذي  يقدمه الأسد لهم  , يستطيعون  ممارسة  التعبد في الكنائس , ألا ان ربع  من يتعبد هم من المخابرات  , ولا يحق لهم  تعيين  خوري أو مطران أو غير ذلك الا  بعد موافقة المخابرات  وبعد أن يوقع  الكاهن تعهدا بممارسة التجسس لصالح المخابرات , مطلوب منه تقارير    حول الرعية  , وعندما لاينفذ  ماتعهد به  فيقتل أو يخطف  أو يرغم على الاستقالة ,  ومن هذه النمازج يوجد العديد في سوريا  وأولهم المطران لوقا الخوري .

النظام   هو نظام علوي  ,  وعند السؤال  عن   علاقة الحماية ايجابيا  بما يسمى العلوية السياسية , لانجد الا الأجوبة المؤلمة , الأسد بقي  , أما شباب الطائفة  فقد قتلوا بعشرات الألوف  , والأسد نجح في قلب معادلة الحماية مع الطائفة الكريمة , الأسد  لايحم  الطائفة وانما الطائفة تحمي الأسد وبضاعته , وبطريقة معروفة تمكن الأسد من  وضع الطائفة خلفه  , ونتيجة ذلك حصل  العداء التاريخي مع الطوائف الأخرى  , ليس فقط مع السنة وانما مع المسيحيين  أيضا, فالمسيحي صامت في سوريا  ومشغول بتدبير   أوراق  الهجرة  في السفارات , ولم يعد المسيحي متأكدا على أن وطنه لايزال سوريا , والمسيحي بشكل عام  لايحمل  النصرة وغيرها مسؤولية ذلك  ,وانما يحمل الأسد المسؤولية الكاملة , ألاسد  الذي جاء بالنصرة  عن طريق خلق جو مذهبي  وانتهاج مايسمى العلوية السياسية , التي  قادت منطقيا  الى  السنية السياسية  , ولكل من  السياسات  وسائل  صراعه مع الآخر , هناك الشبيحة  والجيش الذي أصبح علوي , وهناك النصرة  والجيش الحر  الذي أصبح سني .

يقولون على أن المعارضة لم تقدم  برنامجا بديلا لبرنامج النظام الأسدي  ,  أي أن برنامج الأسد أفضل من برنامج المعارضىة ,  ومن المعلوم على أن المواطن السوري يعرف تماما  ماهية برنامج الأسد ,  اذ أن  الأسد يطبق برنامجه منذ نصف قرن   , وفي سياق تطبيق البرنامج الأسدي   آلت البلاد الى ما آلت اليه , اي الى  الدمار والاندثار  , وهل يمكن لسلطوي أو غير سلطوي   القول على أن البرنامج الأسدي ليس ديكتاتوري  أو انه نظيف لايعرف الفساد , أو انه يحترم الحريات   ويطبق العدالة الاجتماعية ..الخ ؟ ,  والجواب على هذه الأسئلة يقود الي  الاستنتاج  بأنه لايوجد برنامج نظام أسوء من  البرنامج الأسدي, أما المعارضة فقد قدمت برامج  حل لكل مشاكل البلاد  , المعارضة  اعلنت التزامها بالديموقراطية والتعددية واحترام الحريات  ونبذ الطائفية وتطبيق العدالة الاجتماعية  ,  ولا يمكن القول على أنها فشلت في برنامجها  , لأنه ليس بوسعها  تطبيقه  الآن  , وعندما  تتسلم المعارضة أمور السلطة  ثم تفشل   فيمكن القول على أن برنامجها لم يكن جيدا ,  وكل  الممارسات الديموقراطية في العالم  تتبع ذات القاعدة , عندما تفشل سلطة ما  تستقيل   وترحل  وتأتي المعارضة ببرنامجها  “النظري”  وتحاول تطبيقه , و اما أن تنجح أو تفشل !.

الممارسة السياسية الديموقراطية ترتكز  على  قاعدة  البديل  , ولا يمكن ممارسة الديموقراطية  عندما  يكون شعار السلطة  هو  الأسد أو لا أحد  أو الأسد الى الأبد , وهذه الشعارات  لاتستقيم مع  ولادة أي بديل  ولا تستقيم مع التفكير بأي بديل , البديل مرفوض سلفا  مهما كان برنامجه .

بعد أن نجح الأسد في  “تطييف”  الجو السوري  وبذلك جذب داعش والنصرة وحالش  وغيرهم , شرع في ممارسة  الترهيب  والتخويف من داعش  والأصوليات الأخرى ,  مروجا  لحالة مايسمى الخيار التكتيكي ,  وقاعد الترويج هذه ترتكز على  مبدأ   الأسد أو داعش  , أي أنه على الشعب السوري أن يختار   مابين الاسد أو داعش , أي عليه أن يختار تكتيكيا مابين أمرين أحلاهما مر .

لقد بلغت وضاعة الأسدية حدا مخجلا , فالأسدية تقارن نفسها بداعش؟ , وتعتبر نفسها أفضل من داعش , وهل  يريد الشعب السوري  فقط ماهو أفضل من داعش , ثم  أليس هناك بين أطياف الشعب السوري ماهو أفضل من الأسد وأفضل من داعش ؟  ثم  هل لداعش والنصرة  مكان في المجتمع السوري دون وجود الأسد ؟ ,  فنحن  لانعرف داعش  ولا النصرة  الا في السنتين الأخيرتين   , وخاصة بعد  أن سقط قناع  الأسدية  سقوطا مروعا ولم يعد هناك من فرق جوهري بين داعش والأسدية , لذا فقد  احتضنت  أطياف عدة من الشعب السوري داعش  والنصرة   بهدف  التخلص من الاسدية  وليس افتتانا بداعش والنصرة  , انه احتضان  سببي  , ومن المؤكد على أن رحيل الأسد  سيترافق مع رحيل داعش  والنصرة  , مبدئيا لايريدهم أحد و والشعب السوري  لايريد  استبدال جزار بآخر  , الشعب السوري يريد  تكتيكيا  ترحيل جزار   بقوة جزار آخر  , لأنه لايوجد   في أطياف الشعب السوري  من هو قادر على  اسقاط الأسد ,  لقد قالها مؤيدوه  بصراحة  لاتفوقها أي وقاحة ..الأسد أو نحرق البلد ,  وقبل أيام قالها  ابن عم الأسد  مضر الأسد ..أين هي المشكلة في قتل ١٠ مليون سني ؟  والسني هو مواطن أيضا .. لذا   أين هي المشكلة في قتل ١٠ مليون سوري؟  الأسد لايجد أي مشكلة  في ذلك , لذا  ليس له الا بداعش  والنصرة  والعرعور  الذي لايجد أيضا أي مشكلة في مقتل  ٧ مليون سوري , انهم سواسية بالنظرة والفعل   وكل منهم أشد مرارة  وشرا من الآخر .

الشعب السوري سوف لن  يقبل  بالبديل “التكتيكي” , والبديل المقبول  هو بقية الشعب السوري  الغير داعشي  والغير أسدي  وهؤلاء يشكلون  أكثر من ٢٠ مليون انسان  ومعهم في الخارج ١٨ مليون سوري  ,مستقبل داعش  في سوريا عدمي  ومستقبل الأسدية  لايقل عنه عدمية .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *