الانسان ليس سوري وبس

بقلم :سيلفيا باكير

 أن يكتب ميشيل كيلو مقالة ضبابية  لاينقص من مكانته الغكرية , أتهم مقالته  ” سوريون وبس”  بالضبابية والعاطفية  وبالبعد عن الموضوعية , لماذا ؟

بشكل عام  يجب  الاعتراف  بأنسنة الانسان   بغض النظر عن تواجده في مصنفات النفوس  لدولة ما , وخاصة للدولة السورية  التي لاتستحق بجدارة    لقب “الدولة” ,  ثم  كيف  نعرف  الانسان  السوري  بعد اندثار الدولة السورية , وهي للأسف في طريقها الى الاندثار,هل يفقد  السوري سابقا  أنسنته وقيمته  بمجرد  اختفاء  الدولة السورية ؟  ,  لقد اختفت روما واختفى الاتحاد السوفييتي  واختفت يوغوسلافيا  وغيرهم  من الكيانات التي كانت تمثل “دولا” , اما الانسان  فقد بقي   , وأصبح في بعض الحالات أكبر قيمة عن طريق   ازدياد فاعليته  وأنسنته  ,  لقد   أصبح أكثر من “سوري” بكثير , لقد    أصبح حرا  وديموقراطيا  شريفا  , يمارس حياته   بالانتاج والتعاون والتضامن  وليس بالفساد الذي يمارسه كل سوري طوعا أو مكرها .

حقيقة… لاشرف  للانسان الحر  بكونه مصنفه الاداري سوري  , أي أنه  انتمى  الى دولة ولدت بعد عام ١٩٤٦  ومن ولد عام ١٩٤٦  لم يعاصر في حياته وخاصة بعد سنين المراهقة ولحد الآن  الا  المذلة  والاهانة  والتأخر المتزايد  ماديا وأخلاقيا وسياسيا واقتصاديا , فقد حريته في مواخير الأسد  وبتزايد منذ نصف قرن , فقد كرامته  تحت أسواط الجلاد وباسم الدولة السورية ,  والكثير من المواطنين المناحيس  فقدوا حياتهم  في سجون الدولة التي  امتلكها   جزار  تافه , والشعب صبر  عليه وعلى  أعماله صبر أيوب , ولم ينتفض وينفض الذل عن  جبينه , انتظر..وانتظر  وفي الكثير من الحالات شارك   الطاغوت في ممارسة  طغيانه واذلاله للبشر  مقابل حفنة امتيازات  وبعض الفرنكات .

فقد السوري  سلطة وشعبا  الكثير من قيمته  وتحولت حالته  الى وضع افلاسي  منحط  وبلا قيمة  في المجتمع الدولي  , سمح للطاغوط أن يحوله الى  مستجدي على أطباق الغير  , والى نازح  عند الآخرين ثم الى لاجئ عند دول الجوار , وبالرغم من كل ذلك  لم ينتفض مدافعا عن نفسه وكيانه وكرامته  وبقي خانعا  مستسلما وضيعا   , وهو الذي لم يولد كذلك , ولد حرا  وسمح للطاغوط باستعباده  , ولد كامل الأوصاف  وسمح للطاغوط بتشويهه ,  وكل ذلك  لأنه “سوري” , أي أن   لزقة الانتماء الى سوريا  لم  تكبر من شأنه  ولم  تحميه من انتهاك الطاغوط لكرامته ,  تحول , ويمكن القول  طوعا, الى  مخلوق منبوذ   ومعزول  ومشتبه به  اينما تواجد وفي أي مطار  وعلى أي حدود ,  الخاصة ” السورية”  دمرته  لأنه دمرها , والخاصة “السورية”  فقدت قيمتها عالميا   لأن الانسان السوري  لم يحرص على قيمته  , التي باعها للطاغوط   بالفرنكات , لا أحد يحترم  “السورية” لأن السورية لم تحترم نفسها شعبا وسلطة .

تعالوا ننظر الى الانسان الأوكراني  ,  فالعالم لم يترك وسيلة  لانقاذ الأوكراني  بعد مقتل  ٧٠  أوكرانيا  فقط  , الأوكراني  مخلوف قيم  , أما السوري  , ولأنه سوري ,  لايجد من يبكي عليه وعلى فقدانه لكل شيئ  , السوري رخيص  وقيمته ليست أكبر من قيمة الرصاصة الواحدة  ,  والرجاء لاتتحدثوا عن المؤامرة  وعن ظلم الغير للسوري , لأن السوري ظلم نفسه قبل أن يظلمه الغير , ومقولة  ميشيل كيلو “ من لا يكون سوريا لا يستطيع ولا يمكن أن يكون شيئا آخر: عربيا كان أم كرديا أم تركمانيا أم آشوريا أم كلدانيا أم شركسيا أم شيشانيا..” ليست صحيحة ,   الصحة في عكسها  ,  والسوري  يمكن بكل تأكيد أن يصبح شيئا آخر  وأفضل  عندما يتخلى عن سوريته  , قارنوا  سوري الداخل مع سوري الخارج , هناك  في الداخل حوالي ٢٠ مليونا  , ويقال يوجد في الخارج ١٨ مليونا موزعين  في كافة انحاء العالم , وضعم  نسبيا أفضل من وضع  الشعوب التي استضافتهم  مبدئيا  وحولتهم الى مواطنين  لاحقا  , انهم زبدة القوم في مهاجرهم أما في مواطنهم  وتحت ظل سوريتهم فهم نزلاء السجون  والمواخير , وما هي فائدة تلك الخاصة “السورية” ,وهل ولدت  لأفقد حياتي  وأكسب سوريتي ؟؟

قال محمد الماغوط   ان الدولة التي لاتحترم المواطن جديرة بالخيانة  , وبما ان الدولة السورية  بمن تسلط عليها وتملكها  لاتحترم المواطن فهي جديرة بالخيانة , أي على الشعب اسوري أن “يخون” سوريا الأسد” , الا أن اشعب السوري لايخون سوريا  ولا يزال   يدافع عن انتمائه لها   ويحارب من أجلها  ويموت في سبيلها , ويرسل الأموال والمعونات  الى  أقربائه وأصحابه,  وعندما يأنتي للزيارة  يلتقطه  الأمن وينتظره السجن والكرباج  والتيار الكهرباي  ليعمل العجب في جسده , فهل  مايقوم به هذا الانسان صحيح ؟  وأين هي الصحة في كسب العالم وخسارة النفس  ,  ,اين هي فائدة العالم  بعد خسران الذات, وهل حقيقة ربح العالم ؟ أوأنه وقع فريسة الدجل  ,  فمن الطائفة العلوية  قتل عشرات الألوف  والبعض يقول أكثر من ٥٠ ألفا من الشباب  , ويقال على أنهم ماتوا في سبيل الوطن..أحياء عند ربهم يرزقون  .. وهل هذا صحيح ؟ لقد ماتوا من أجل الأسد   وفي سياق تدجيلية  منكرة  حولتهم بنظر البعض شكليا الى شهداء  وبنظر الآخرين  الى أشقياء , ولايظن أحد على أن مقتل هؤلاء  كان غدرا في الحقل وأثناء ممارسة الزراعة , لقد ماتوا بعد أن أماتوا   أضعاف عددهم  , وهل كل ذلك من أجل الوطن ؟  وبأي حق أو منطق يطلب الوطن من مواطن أن يموت في سبيله , هل يموت الوطن في سبيل أحد ؟؟ , هل يموت الأسد  في سبيل أحد ؟  وبالتالي لايجوز أن يموت  أحد من أجل الأسد .

حبذا لو سألتم  فرنسيا  أو  ألمانيا  عن  شرف الموت من أجل البلاد ,  سيضحك  عليكم وعلى سؤالكم , وسيقول لكم , لا أموت   من   أجل   أحد    حتى ولو كان بشار الأسد  على فرض ان الأسد أصبح رئيسا للعالم كما اقترح أحد أعضاء مجلس الشعب ,  الأسد لايموت من أجل أحد  , انما يميت الجميع من أجله  , وقد قالها صراحة  ,  الا ترون كيف يحرق البلد  وكيف يقتل البشر ويدمر الحجر  , أمن أجل  هذا المخلوق   ومن أجل مزرعته  يريدنا كيلو أن نركب قطار المخاطر  .

قد يقول  متفائل , هذه سوريا  وهذا هو الأسد  , هذه هي أرضنا  , وهذا هو جلادنا , ويجب أن نسترد حقوقنا  وتملكنا لبلادنا , له أقول   الانسان يعيش  ٦٠ أو سبعين أو حتى مئة عام  , وقد استغرقنا  خمسين عاما  للننتفض  ,  وقد تستمر   الحرب عشرات السنين , ولو فرضنا ان الحرب انتهت بالقضاء على الأسد  , تحتاج  الى أكثر من خمسين عاما  لكي  تعود الى حالة الخمسينات , ألف شكر ياميشيل كيلو  على النصائح  , لقد  وجدت وطننا آخر,  وطننا يحترمني وأحترمه , ولم تتدمر انسانيتي   لأني فقدت “سوريتي”  التي لا أسف عليها 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *