لا أوافق على الصاق تهمة “اكلة لحوم البشر” بالعديد من السوريين ,ان كانوا من المؤيدين أو المعارضين , ذلك لأن التوحش الذي يقود الى التهام لحم البشر هو ظاهرة قد تكون قسرية وعابرة , والأمثلة على ذلك عديدة , ولنأخذ مثلا موقعا مؤيدا هو الحقيقة الذي يملكه الصحفي نزار نيوف , فقد توحش المذكور عندما صفق لمقتل المئات من السوريين في ريف دمشق , وفي رهموجة التقتيل افتخر المدعو نيوف بعدد “الفطايص” المرنفع من الذين “فرمتهم” كتائب الأسد حيث بلغ العدد 600 فطيصة , استعمال مفردة “فطيصة” ومفردة “الفرم ” هو عبارة عن حيونة اللغة , ولا يقوم بهذه الحيونة أو الحيوانية الا المتوحش , والذي يستطيع التهام لحم البشر . وما ينطبق على نيوف ينطبق تماما على موقع فينكس وكاتبه نضال نعيسة , الذي تمادى جدا في احتقار الانسان واستعمل مفردات توحي بأنه أيضا من أكلة لحوم البشر .
الآن نراقب غزوة ساحلية , ومنطقة الساحل تعرف أحداثا مؤلمة جدا قام بها بالتناوب ..الشبيحة تارة وجماعة علي الكيالي (اسكندرون)طورا , حيث ابيدت قرية البيضاءعدة مرات من قبل الشبيحة وقوات السلطة , و مسك الختام كان من صنع علي الكيالي , وقد قام الكيالي بقتل وذبح أكثر من 300 مواطن من البيضاء في ليلة ليلاء , مؤيدوا السلطة وبعضهم من ضحايا غزوة الساحل وصفوا جولة الكيالي في البيضاء على أنها جولة “تأديبية” , وبعد ذاك اليوم التأديبي سيلتزم من بقي من أهالي البيضاء بيت الطاعة , وأصلا لم يبق في البيضاء مايستحق الذكر من البشر , موجات التأديب أحرقت الأخضر واليابس , ولم يبق في البيضاء حجرا على حجر .
أمر بانياس مشابه حيث “تأدب” أهل بانياس على يد الشبيحة , وهذا التأديب كلف المئات من القتلى ..وبنظر نعيسة ونيوف , سارت الأمور على أحسن مايرام .فطايص وفرم وتأديب …ولم يجد الكتبجية نيوف ونعيسة الا الفخر بمناسبة الفرم, تبرجوا وتبختوا بمقدرات البطل الكيالي ومباركات الشيخ غزال لاعمال الكيالي , وقد غابت عن نباهتم وصية مسيحية تقول , من أخذ بالسيف , بالسيف يؤخذ , ولم يقل هؤلاء للكيالي وللشبيحة ردوا سيوفكم الى غمدها ..فمن أخذ بالسيف بالسيف يؤخذ , ولا يمكن تحميل هؤلاء مسؤولية عدم تمسكهم بأقوال المسيح , لأن انتمائهم الديني هو العلوي وليس المسيحي .
تطورت الأحداث وجاء الموت الى الساحل بعد أن تجاوزنشاطه في الداخل كل تصور ..مئات الألوف من الفطايص الذين فرمتهم دبابات كتائب الأسد والشبيحة واللجان الشعبية , ولم يعكر كل ذلك من صفو الأفراح والليالي الملاح عند من ذكر من كتبجية السلطة , والآن يبدوا وكأن هناك تعكر في صفووأفراح الكتبجية , لقد قتل الارهاب أقربائهم وأصدقائهم , وبالأخص أفراد من المذهب العلوي , استيقظت انسانيتهم كالمارد الذي انفلت من القمقم , شجبوا قتل العلوي وانجزوا قوائم القتلى والسبايا واستنكروا كل هذا التوحش , وكوني مستنكرة مزمنة لكل توحش فاني أشاركهم الحزن على القتلى , ولا أستطيع زيادة حرف واحد على ماصدر منهم من استنكار وشجب , وابارك فيهم تلك النزعة الانسانية , التي لم أكن أتوقعها منهم بعد أن بلغ التقزز من كتاباتهم بخصوص الفرم والفطايس حد الاقياء , بارك الله بك يانيوف ويا نعيسة على هذه الالتفاتة الانسانية , هكذا يجب أن يكون موقف كل سوري .
عبارة “هكذا يجب أمن يكون كل سوري ” أوقعتني في مطب كبير , اذ سألت نفسي , أين كانت “سورية” هؤلاء عندما تشفوا بالفطايص وابتهجوا بالفرم ؟؟؟؟ وبعد التفكير تبين لي للأسف على ان انتماء هؤلاء هو أولا علوي ولربما في الدرجة العاشرة سوري , وان الانسانية التي استيقظت ليست الا انسانية ناقصة, وبالتالي فان المواطنية ناقصة , ونتيجة لذلك فالدولة ناقصة …أقول ذلك وفي قلبي حسرة لاتوصف ,يبدو وكأن الفئوية والطائفية على درجة التطور , الذي استطاع اغتيال الحد الأدنى من النزعة الانسانية والأخلاقية عند الكثير من المواطنين السوريين , وماذاينتظر الفئوي المتعصب من غيره , الا الفئوية والتعصب , وماذا ينتظر القاتل من غيره الا القتل , والقتل لايميز بين البريئ والجاني , وليس كل من لاقى حتفه في قرى الحفة هم من عيار نيوف ونعيسة الاجرامي , خاصة الأطفال , أبكي على كل طفل بمرارة .
لقد كانت بداية تأسيس وتكوين الدولة السورية في الخمسينات مشجعة جدا , لقد كانت هناك نواقص , ولا توجد دولة بدون نواقص , اليوم وبعد نصف قرن من التربية الأسدية تبخرت معالم الدولة في الكيان السوري , الذي انزلق الى حالة متدنية انحطاطية لاتستقيم مع أي من معالم الدولة ..لايوجد شعب في سوريا , وانما هناك العلوي والسني والمسيحي ..الخ, اضافة الى تدميرهم لكيان الدولة ,انهم يقتتلولن ويدمرون مابقي من حجر فوق حجر , يقال على أن حافظ الأسد يحكم من القبر , وياليته نهض ليلقي نظرة على ما اقترفت يداه, انها سوريا الأسد , ويا للعار