بقلم:زمان الوصل
هل يمكن لنظام بشار الأسد أن يهدد “التعايش” السني-المسيحي في ريف حمص، وتحديدا في ريفها الذي يحتضن “حصنها” و “وادي نصارتها”؟.. ربما يكون الجواب بكل أسى: نعم، لكن الأمر الذي يدعو للأسف والأسى أكثر، أن هذا النظام يهدد هذا التعايش بأيد ثلة ممن يدعون الانتساب لـ”وادي النصارى”، ويزعمون خوفهم على الوطن، ثم يشيعون قتلاهم تحت راية “سوريا الأسد”، ويزورون بيانات “إدانة” لا أصل لها، بل ويردون على ما زوروه!
مصر صارت “وادي النصارى”
ففي سياق اهمتامها المتواصل بكشف الحقائق ومتابعة الأوضاع الميدانية بكل دقة وتجرد، لاسيما في المناطق التي تمتاز بالتنوع الديني والمذهبي، فوجئت “زمان الوصل” ببيان تداولته موقع محسوبة على “وادي النصارى”، بثه على ما يبدو عملاء لمخابرات بشار، وإن كانت أسماؤهم توحي بمسيحيتهم، وقد نسب هؤلاء هذا البيان الذي يدين ما قيل إنه “إبادة للمسيحين في وادي النصارى”، إلى رئيس حزب المشرق في لبنان المحامي رودريك الخوري، في حين إن البيان الأصلي الصادر عن “الخوري”، لم يذكر بحرف واحد مسيحيي سوريا، ولا حتى سوريا، ولا اسم وادي النصارى، إطلاقا.
وزيادة منها في التحري، عمدت “زمان الوصل” إلى زيارة الصفحة الرسمية للحزب وهي: https://www.facebook.com/orthodoxparty ، وتفحصت نص البيان الصادر عن “الخوري”، فوجدته موجها بكليته للحديث عن مسيحيي مصر، خلافا لما زوره المزورون من شبيحة النظام، الزاعمين خوفهم على مسيحيي سوريا، فيما هم يسعون لتوريط هؤلاء المسيحيين في حرب النظام على الشعب، وجعلهم “كبش فداء” لهذا النظام ورأسه على وجه التحديد.
وإليكم نص البيان الأصلي، دون أن يعني ذلك إقرارنا بما جاء فيه، فهذا موضوع آخر غير موضوع تقريرنا هذا:
بيان صادر عن رئيس حزب المشرق: 15 آب 2013:
تلقينا بما يشبه الصدمة الأخبار الواردة إلينا من إخوتنا المسيحيين في مصر، حيث يتعرضون لما يشبه الإبادة من كائنات بربرية لا تعرف ديناً باسم الدين، ولا تعرف شريعة باسم الشريعة.
إن حزب المشرق، إذ يبدي اشمئزازه الشديد مما يحصل في مصر، يدعو الجيش المصري إلى إحكام قبضته بيد من حديد على كل الإرهابيين، ويدعو المجتمع الدولي بأسره لمساعدته.
كما يدعو الحزب الرأي العام المسيحي في العالم والدول المسيحية إلى نصرة إخوتهم في مصر الذين يتعرضون اليوم لإبادة فعلية، لـ”محرقة” مريعة، وذلك سواء بالصلاة أو “بتحرك من مجلس الأمن”، أو بأي طريقة أخرى يراها مسيحيو مصر مناسبة لهم.
وحبذا لو تدرج الدول الأوروبية “التنظيمات” المسؤولة عما يحصل في عداد “المنظمات الإرهابية”.
وباسم الحزب نوجه تحية إلى أرض مصر الطاهرة.. تحية إلى الأرض التي منها “دعوت ابني” قال إلهنا… تحية إلى أرض أثناسيوس الاسكندري وكيرلس الاسكندي وانطونيوس الكبير أعمدة الكنيسة المسيحية في العالم.
تحية إلى قوافل الشهداء الممتدة من عمق التاريخ المسيحي المتجذر في تلك الأرض.. تحية إلى الكنيسة المصرية المجاهدة ، الكنيسة الجبارة بنشاطها التبشيري، كنيسة القرون الأولى.. كنيسة الأطفال والأبطال والقديسين.
رئيس حزب المشرق- المحامي رودريك الخوري .
وقد تحول هذا البيان على يد شبيحة الأسد وأزلام مخابراتهم، الذين يتسمون بأسماء مسيحية، لإيهام المسيحيين وتوريطهم، تحول إلى التالي:
بيان صادر عن رئيس حزب المشرق: 17 آب 2013:
تلقينا بما يشبه الصدمة الأخبار الواردة إلينا من إخوتنا المسيحيين في سوريا في (وادي النصارى)، حيث يتعرضون لما يشبه الإبادة من كائنات بربرية لا تعرف ديناً باسم الدين ، ولا تعرف شريعة باسم الشريعة.
إن حزب المشرق، إذ يبدي اشمئزازه الشديد مما يحصل في سوريا. كما يدعو الحزب الرأي العام المسيحي في العالم والدول المسيحية إلى نصرة إخوتهم في سوريا ومصر الذين يتعرضون اليوم لإبادة فعلية، وحبذا لو تدرج الدول الأوروبية “التنظيمات المسلحة ” المسؤولة عما يحصل في عداد “المنظمات الإرهابية”.
وباسم الحزب نوجه تحية إلى أرض وادي النصارى الطاهرة.. تحية إلى كنائسنا البيزنطية التاريخية … تحية إلى أهالي وادي النصارى وتحية إلى قوافل الشهداء الممتدة من عمق التاريخ المسيحي المتجذر في تلك الأرض.. تحية إلى كنيستنا هناك كنيسة الأطفال والأبطال والقديسين.
رئيس حزب المشرق- المحامي رودريك الخوري.
ولكن المثير للدهشة أكثر، والذي ظهر لدى مزيد من التحري الذي قامت به “زمان الوصل”، هو أن نفس “الشبيح” الذي عمم هذا البيان المزور، وضع منشورا في صفحة حزب المشرق، يرد فيه على البيان المزور المنسوب للمحامي “الخوري”، ويشكره عليه!، ولم ينس الشبيح أن ينتهز الفرصة ليسرد كماً من الأخبار المختلقة، حول وضع المسيحيين في وادي النصارى.
وهذا نص رد الشبيح على البيان، الذي زوره ونسبة إلى رئيس حزب المشرق:
تلقينا بيان رئيس حزب المشرق بما يتعلق بمنطقة وادي النصارى المحروس بالرب ببالغ البهجة والشكر، ونحن من جهتنا نتوجه لرئيس الحزب ولاعضائه الاكارم بالشكر العظيم واقتبس من بيانكم أن (مايجري في منطقة وادي النصارى وبلادنا المشرقية الأرثوذكسية إبادة بحق المسيحيين المشرقين) أمام مرآى ومسمع العالم بأسره. نشكركم لإيصالكم الصورة ونطلب منكم ومعكم أن توصلوا الصوت لكل من له أذن للسمع أن يسمع، ومن له أعين ليبصر.. ونطلب منكم أيضا أن تكثفوا الجهود لكشف مصير المطرانين الجليلين ومرافيقيهما وكل المخطوفين، وللعلم حدث اليوم اعتداء جديد من قبل مسلحي المعارضة الإرهابيين على منطقة وادي النصارى على الآمنين في المنطقة الممتدة بين قرية الناصرة وصولا إلى دير القديس جاورجيوس الحميرا البطريركي راح ضحيتها 11 شهيدا، وعدد لا يستاهن به من الجرحى بالإضافة إلى إطلاق النار على المصلين في كنيسة القديس يوحنا الذهبي الفم في قرية الحواش أثناء صلاة البراكليسي لوالدة الإله ويوم عيد رقاد سيدتنا العذراء قامو بتفجير حافلة متجهة إلى دمشق راح ضحتها طفلة بريئة في السابعة من عمرها واصيب الركاب باصابات تتراوح بين المتوسطة والحرجة والقائمة تطول للاعتداءات، نطلب منكم الوقوف جنبا إلى جنب إخوتكم المسيحين المشرقين فما يؤلمنا يؤلمكم ومايؤلمكم يؤلمنا ونترحم على الشهداء ونتمنى الشفاء للجرحى وشكرا لسعة الصدر سيدي رئيس الحزب.
ما هي الرواية الرسمية؟
والحقيقة أن كل ما حدث في وادي النصارى يلخصه الخبر الذي ينقله المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو من أكثر الجهات موثوقية واعتمادا لدى مختلف وسائل الإعلام العالمية.
ويقول خبر المرصد “قتل 5 عناصر من قوات الدفاع الوطني الموالية للنظام، واستشهد 6 مدنيين بينهم سيدتان إثر هجوم نفذه مقاتلون من الكتائب المقاتلة على حواجز للدفاع الوطني على طريق الدير وطريق عين العجوز الناصرة، كما وردت معلومات عن سقوط خسائر بشرية في صفوف الكتائب المهاجمة”.
وللدلالة على أن القتلى هم من شبيحة الأسد، والمدافعين عن كرسيه، وليس لهم علاقة بالدفاع عن مسيحيي سوريا، فإن “زمان الوصل” عادت إلى صورة النعوة التي تم نشرها للقتلى، فتبين أنهم 5 ممن ينتمون لـ”قوات الدفاع الوطني” الاسم الملطف والمخفف للشبيحة!، وقد ورد في ثاني سطر للنعوة أن هؤلاء سقطوا دفاعا عن “عزة سوريا الأسد”!، ولم تدع النعوة أنهم سقطوا دفاعا عن عزة سوريا الوطن أو عزة مسيحييها!
الحزب القومي السوري
وللحزب القومي السوري وهو عضو مراقب في “الجبهة التقدمية” امتداد في “وادي النصارى” الذي سماه إعلام النظام منذ الثمانينات بــ”وادي النضارة” للابتعاد عن “الطائفية”، ثم عاد إلى تسميته الأساسية منذ بداية عام 2012 تقريباً، بحسب معلومات “زمان الوصل”.
نشط “القومي السوري” بشكل واضح في التشبيح على بلدة الحصن ذات الأغلبية السنية والقرى المجاورة لها، وصولاً إلى تلكلخ وإن بنسبة أقل، وفعل حواجز مشتركة مع حزب البعث وقوات النظام، ومن هنا كانت البداية، حيث اشتبك الثوار مع هذه الحواجز ليقتل عدد من “أبناء الحزب” وهم من سكان الوادي.
وتطور الأمر عندما نصب النظام مدفعيته في قرى الوادي كمربض لقصف قلعة الحصن، ما تسبب باستشهاد أكثر من 200 شخص أغلبهم من النساء والأطفال، إضافة إلى تهديم عدد كبير من البيوت، والتسبب بتهجير الأهالي.
هذا ولم تفلح دعوات عدة “مسيحية سنية” لوقف القتل من الطرفين، ومنع أهالي الوادي انطلاق القصف والتشبيح من قراهم.
ويعتبر نشطاء أن ما يقوم به “الحزب القومي السوري” يطعن “السلم الأهلي” في الصميم.
