بقلم :عماد بربر
قيل اليوم على أن القوات المسلحة المصرية انحازت الى الشعب المصري , وفي هذه المقولة بعض الانتقاص من القوات المسلحة , انها “لاتنحاز ” وانما من واجبها الطبيعي أن تقف الى جانب الشعب , ومن واجبها الطبيعي اعطاء مهلة قصيرة للسياسة كي تجد مخرجا من الأزمة , وهذا المخرج لايعني الا استقالة مرسي واجراء انتخابات جديدة , ستكون حصة الاخوان بها أقل من 15% بدلا من أكثر من 40 % في أول انتخابات حرة في مصر .
بالرغم من التداول الخاطئ للسلطة في مصر , الا أن الجو السياسي العام مع مرسي يتصف بدرجةمقبولة من الرقي,الذي لاتعرفه سوريا للأسف , وحتى السلطة الاخونجية الرجعية في مصر تفوقت على السلطة الأسدية رقيا والتزاما بنوع بدائي من الديموقراطية , ومن يقرأ الجرائد المصرية يندهش من حريتها في التعبير وفي انتقاد الرئيس, هناك صحافة معارضة في مصر , وكيف الحال ىفي سوريا ؟
اين نحن في سوريا من درجة الممارسة الديموقراطية في مصر ؟,هل يوجد في سوريا جريدة واحدة معارضة “كجريدة المصري اليوم ” وهل يمكن لسوري أن يكتب مقالا كالذي يكتبه .ناصر الشرقاوي أو كريم أبو حسيبن أو غادة حمدي ..الخ …دون أن يدخل السجن ولعشرات السنين , أو يموت تحت التعذيب .
لقد اهتز مرسي لأن القوات المسلحة طلبت منه الانحناء لارادة الشعب , وهل يمكن لكتائب الأسد أن تطلب من الأسد الانحناء لمطالب الشعب خلال48 ساعة , ثم هناك استقالة خمسة وزراء , هل سمعتم يوما ما على أن وزير سوري استقال ؟ يجب على الوزير الذي يريد الاستقالة أن ينشق ويهرب بشكل ما وأن يصطحب معه حتى الأقرباء من الدرجة الثالثة خوفا من انتقام النظام منهم, هذه هي التقدمية الأسدية !!.
ثم القضاء ..فحدث ولا حرج , هل يمكن لمحكمة سورية الطعن في قرار الرئيس تعيين نائبا له , كما فعل القضاء المصري تحت سلطة اخونجية ؟ , لذا فانه من الضروري اعادة عملية التقييم , ويجب انصاف الاخوان أكثر , اذ أنه على الرغم من مئات الشوائب في ممارسة الاخوان للسلطة في مصر , تبقى هذه الممارسة أوعى وأنضج بمئات المرات من القوميين من أمثال البعث , الذي لم يمارس الا العداء للديموقراطية , فمن رحم البعث ولدت الديكتاتوريات , التي خربت لحد الآن اثنين من الدول العربية أي العراق وسوريا , واذا أضفنا اليهم ليبيا نكون بثلاثة دول على الأقل , الحركات القومية تقزمت الى الى عصابات حاكمة ناهبة وسارقة , مستبدة ومستعبدة , ومن يرى النتائج في سوريا والعراق لايمكنه تصور ماهو أسوء .
لم تكتف الحركات القومية المتطورة الى عصابات بتخريب البلاد اثناء تسلطها على البلاد , وانما كان من نتائج هذا التسلط ولادة حركات دينية رجعية , أو بالأصح تزايد قوة هذه الحركات , التي وجد المزيد من المواطنين بها انقاذه من البعث وغيره , والى هذا الدرك والانحطاط وصلت هذه الحركات , التي أفلت المواطن من قبضتها ولجأ الى الاخوان ..اليست هذه هي مسخرة الزمان ؟؟؟,
نتيجة لادارة التوحش البعثي – الأسدي صعد الاخوان وأصبحوا قوة مهمة وسينالون قدرا كبيرا من الأصوات في انتخابات في المستقبل القريب , وقد يحكمون كما هو الحال في مصر , الا أنهم سيفشلون في كل شيئ , وستكون هناك ضرورة لثورة ثانية ضد الاخوان ..تماما كما هو الحال في مصر , وحقيقة لم تكن هناك ضرورة للثورة الثانية , لو ان سلطة الاخية العلوية ورأسها الأسد اتعظت وفهمت وتداركت الأمر قبل بروز الاخوان على المسرح السياسي والعسكري , لقد كان على الأٍسد ان يسلم البلاد الى المعارضة المدنية عام 2005 , ولم يفعل , فكان عام 2006 , ولم يفعل ..واتى عام 2011 ولم يفعل ,انما باشر فورا باطلاقالرصاص بطريقة نورية بدوية …عليهم !! ولو سلم السلطة في آذار 2011 , لما كان هناك النصرة وكتائب محمد والشبيحة وحزب الله وفيلق القدس الايراني , ولما كانت هناك حرب أهلية احرقت الأخضر واليابس ودمرت البلاد وقتلت البشر وقسمت المجتمع وحل العداء والكره محل الحب والتسامح , وبالرغم من ذلك فان الأسد مستمر في حربه “الكونية” والغريب ان مانشاهده من دمار وتقتيل هو حصرا في سوريا , ولماذا لايقتل الأسد ولا يهدم في تلك الدول التي قال ان عددها 130 دولة والتي تشن الحرب عليه ..عليه بالعدو الأكبر امريكا , وليحتل نيويورك فورا , الا أن من يريد الانتصار على 130 دولة لايملك الجرأة للرد على استفزاز اسرائيلي واضح , وله مني أعظم التقدير والتبجيل والاحترام لعد رده على اسرائيل , لأن الرد يعني خسارة 15 كم في العمق السوري وعلى طول الحدود , ليصمت الأسد , ومن الأفضل ليرحل !
* المقال متب قبل تنحية مرسي