كأي دولة ديموقراطية في العالم , هناك العديد من الاتجاهات والتناقضات والتيارات , وقد اتسمت المنهجية الأمريكية حيال الحالة السورية بحيرة واضحة , هناك الرئيس الذي لايريد تقليد آل بوش , ولا يريد ارسال جنود امريكيين الى أي بقعة في العالم , وهناك تيار آخر يريد أن تكون مواقف أمريكا تجاه سوريا أوضح , وذلك بالرغم من تعرض السياسة الأمريكيةللتجاذب في مختلف الاتجاهات , فهذه السياسة تريد ضمان أمن اسرائيل , ومن احترم أمن اسرائيل كان الأسد , الا أنها لاتريد الأسد , لأن الأسد مغضوب عليه من قبل الشعب السوري , والشعب لايريده , ان ساهمت بدعم الأسد غضب الشعب , وان ساهمت بدعم الشعب غضبت اسرائيل .
لا أعرف تفصيليا ماجرى في الاجتماعات الأخيرة في البيت الأبيض , الا أن صيغة التصريح الذي تلقته الصحافة والتنشديد على عدم وجود أي دور لجندي أمريكي في سوريا , يوحي بأن الرئيس نال ما أراد , ثم القول على أن كل شيئ آخر ممكن يوحي بأن التيار الآخر المشجع للتدخل الأمريكي في سوريا نال أيضا ماأراد , والصيغة المشتركة للاتفاق الأمريكي -الأمريكي في البيت الأبيض “اسلحة بدون جنود” وهذا القرار مناسب جدا للمعارضة المسلحة , التي لاتفتقر الى العنصر البشري , انها بحاجة الى أسلحة فقط .
هذا من ناحية الجهة الأمريكية , أما من ناحية المعارضة المسلحة فهناك عوامل مواتية لتقبل الشروط الأمريكية في التسليح , وأول هذه العوامل هو تغير الوضع العسكري بعد دخول حزب الله حلبة القتال الى جانب كتائب الأسد , لقد خسرت المعارضة القصير وارتفعت معنويات الأسد الذي يشعر بأنها “خلصت” ,ويبدوا وكأنه هناك قناعة داخل الجيش الحر , على أنه سياسيا من الصعب البقاء في حلف مع جبهة النصرة , وبودار هذا التحول يمكن ملاحظتها من خلال الأخبار والتصريحات الصحفية ..المعارضة المسلحة تتكلم حصرا عن نشاط الجيش الحر , والأخبار عن النصرة وغيرها تقلصت بعض الشيئ , وفي النهاية ستتبلور المعارضة المسلحة بالجيش الحر , والمعارضة السياسية بالائتلاف ..كل ذلك بعد مخاض طويل نسبيا الا أنه قصير قطعيا , الثورة عمرها ثلاثين شهرا , هذه المدة طويلة بالنسبة للانسان السوري المقهور والذي ينتظر ساعة الفرج , هذه المدة قصيرة جدا اذا ماقارناها ببقية الثورات الأخرى , واذا ما أخذنا في الحساب انجازات الثورة عسكريا على الأرض , لم يتوقع أحد اندلاع ثورة في سوريا ضد الأسد , الذي يسيطر على البلاد كالأخطبوط , وبعد اندلاع الثورة لم يتوقع أحد مقدتها على السيطة على أكثر من نصف البلاد بعد سنة ونصف من اندلاعها .
لقد استفادت الثورة المسلحة من خطط الأسد في هذه الحرب , لقد وزع الأسد كتائبه على كامل البلاد , وخسر المعارك مع المعارضة في كامل البلاد , ذلك لعدم امنكانيته تكثيف وجودالعساكر في كل بقعة بالشكل الكاف , الآن جمع كل ماعنده من عسكر في القصير واستطاع بفضل حزب الله الاستيلاء عى القصير , اشكالية الأسد هنا هو عدم وجود عسكر كاف لبقية المناطق , وهذا يعني انقضاض الجيش الحر عليها , على كل حال فوضع الأسد سيئ وانتصاره في القصير هو بسبب التركيز على القصير وليس من خلال القوة العسكرية المطلقة , الأسد سيخسر على أي حال ومستقبل سوريا سوف لن يكون معه أو مع نظامه