مؤامرة ضد الشعب=مؤامرة ضد الظالم ؟

ان انعتاق العرب من ديكتاتورية حكامهم هو ربيع  مزهر , ولا أعرف  الآلية التي ستقود هذه الشعوب الى عبودية أخرى , قد يكون التحرر  ناقصا  , وقد يكون  التطور التحرري مضنيا  , وقد تكون هناك نكسات  وعثرات  , ثم قد تكون هناك محاولات  للعودة الى الماضي بشكل آخر ..كل ذلك مفهموم ومتوقع , الا أن يقف الآن  بعض الغربان من المنظرين وأشباه الأنبياء  مبشرون بحتمية الشر الذي  سيخلف شرا آخر , فهذا أمر لايمكن فهمه .

لايمكن فهمه  , ليس لأن  المبشرين   بلهاء  وينقصهم الذكاء , وانما  لأن المنهج العلمي   لايسمح  بتلك التقديرات   والتقييمات  بعد أشهر من اندلاع الثورات  , اذ ليس من المتوقع  أن  تتوافق ازالة الشخص مع ازالة النظم  ,  الشخص يذهب  ويبقى جزء كبير من الزبانية  , تبقى طرق العمل الاداري  وتبقى  اساليب التعامل مع الآخر  يبقى “التراث”   بكامله بعد ازاحة الشخص ,والتراث القديم  ينحسر  بنفس الكمية  التي يقدمها التراث الجديد ,  والتراث القديم   سيتراجع  , الا أنه  سوف لن ينتهي فجأة ,  أعجب من فلهوية  البعض  ومن مقدرتهم على  التقييم  التشاؤمي ..بالقول  لقد حل الشتاء أو الخريف ,  ومن يقييم بهذا الشكل  هو على الأقل متسرع جدا, ويخدم بتقييمه هذا  الديكتاتوريات , التي  تريد افشال الربيع العربي.

اخبث الديكتاتوريات  هي الديكتاتورية السورية  , التي طبلت وزمرت وصرعت الدنيا بتكرارها الببغائي  لمنظومة “المؤامرة  ” أي أن العالم يتآمر  على الديكتاتورية  السورية  , وترجمة ذلك سلطويا  العالم يتآمر على الشعب السوري  ,  ومن يريد التآمر على الشعوب  لايتآمر على الديكتاتوريات ,  ذلك لأن   الشعوب تعاني أولا من الديكتاتوريات , وقد نجحت الديكتاتوريات نجاحا باهرا  في تحقيق  أغراض  وأهداف  “المؤامرة ” ضد الشعوب ومصالح  هذه الشعوب , المؤامرة تريد مثلا  افقار الشعب السوري  ,  وماذا فعل الأسد ؟, المؤامرة تريد  الطائفية , وماذا فعل الأسد , المؤامرة تريد  تفتيت الوطن  , وماذا يفعل الأسد ؟ المؤامرة  تريد  التأخر للوطن  , وماذا يفعل الأسد بفساده , المؤامرة لاتريد  الديموقراطية  ولا الحرية للشعوب  , وماذا فعل الأسد بالديموقراطية والحرية ؟  ثم  لماذا يشكل غياب الديموقراطية والحرية  في سوريا  ذلك الخطر الجسيم على العالم والغرب خاصة , مما يدفع الغرب ” للتآمر” على الأسد ,حبذا لو تآمر العالم على الأسد وأسقطه , أليس من المنطقي أن يشعر  من رزح تحت كابوس الأسد  وذاق  مرارة سجونه وطغيانه واستبداده وفساده   وطائفيته وعائليته  وتزويراته  واغتصاباته ومادته الثامنة  وطوارئه  وعسكره وشبيحته  وسرقاته  وتوريثه  وتملكه  للبلاد ..أن يشعر  بشيئ من الرضى  عن أي محاولة لازالة الكابوس ؟ أو انه من الممنوع  حتى الشعور بعدم السعادة مع  سعادة الرئيس ؟.

يقول البعض  , ان الهدف   من الثورات العربية لم يكن التخلص من  الطغاة  , وانما الهدف كان  اعادة تشكيل التراث العربي ,  أي  التجديد !, ثم يقول  هؤلاء , ان اعادة تشكيل التراث العربي يعني العودة  الى حظيرة  الجهل والخرافات , وهؤلاءلايدركون على اننا اليوم   وحتى  في المستقبل القريب  نتخبط في عصر  الجهل والخرافات , والمسؤول عن فعلة الجهل , التي تجلت بقطع رأس أبو العلاء المعري  في يوم 10-2-2013 في معرة النعمان  , ثم قطع رأس طه حسين يوم 15-2-2013 في مدينة المنيا المصرية  ليس الا الجهل الذي نعيش به , ومدرسة التجهيل  حاضرة بكل اساتذتها وطلابها  , فكيف يمكن للفرد العربي  فهم أبو العلاء المعري  أو طه حسين  والتعامل معهم بدون قطع رؤوسهم   , عندما  يكون هذا الفرد من خريجي  مدارس الديكتاتوريات  التجهيلية , وعندما تتمثل خبرات هذا الفرد  خلال نصف القرن السابق بالعديد من المعالم  , منها أولا  عدم وجود رأي آخر الا رأي الرب  , وثانيا   يودع من له رأي آخر بالسجن  (سجناء الرأي)  والداخل الى السجن  مفقود عادة , والخارج مولود , وثالثا  كيف تعاملت الديكتاتوريات  مع الرؤوس  الأخرى  , وكم قطعت من الرؤوس  , ومن أين  للفرد خبرات أخرى أو خبرات مفايرة ؟ , اننا نعيش الجاهلية  ولا لزوم للعودة اليها .

لا شك بأن قاطع رأس أبو العلاء  وقاطع رأس طه حسين يجب أن يلام بشدة  , الا أن اللوم الأعظم يجب أن  يتوجه الى المدرسة  , الى مدرسة الديكتاتوريات  , وسوف يستمر  قطع الرؤوس  لطالما استمرت الديكتاتوريات في الوجود , المستقبل سيكون أفضل , لأنه لايمكن له أن يكون أسوء

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *