طبائع الاستبداد في خطاب الأسد
قد لايكون العنوان مناسبا للموضوع تماما ,لأن هذا العنوان يخص خطاب الأسد بشكل عام ,والعنوان الذي يخص الجانب الذ ي سيتم بحثه الآن يجب أن يكون “علم الثورات وعلم الثرثرات عند الرئاسات “,مباشرة أريد القول على أن الخطبة أساسا فاقدة لأي قيمة ايجابية , وما تسلل اليها من شعارات وهتافات وبتكرارا منظم مثل شعار ..الله ..سوريا ..بشار ..وبس , هو الأساس في منظمومة الرئيس االعقلية والعقائدية التي أراد في خطبته التعبير عنها بكل وضوح واصرار .
حاول السيد بشار الأسد التحدث عن علم الثورات , واذا به يتحدث عن فقاعات الصابون , لقد انكر بحسم وجزم ضرورة الثورات في بلاد العرب , خاصة في سوريا , وذات الرئيس أعترف سابقا ولاحقا بأن النشاذ والشواذ السوري بلغ قمما عالمية ,والمعايير الدولية تقول أنه لا أفسد ولا أسوء من جمهوريته الأسدية , ولا أظلم من جمهوريته ولا افظع استبدادا , ولا يوجد معيار دولي واحد يؤكد جودة القيادة الحكيمة..كل ذلك يؤكد ضرورةالتغيير بسرعة الى النقيض مما هو موجود ,وهذا مايسمى ثورة , وموضوعنا اليوم , هو علم الثورات وعلم الثرثرات عند الرئاسات .
لقد تعرض السيد بشار الأسد الى علم الثورات , وقد أصبح الآن من الواضح جدا المامه بشطر الثرثرات وعدم المامه بشطر الثورات , والرئيس قال ان مايحدث في سوريا ليس بالثورة , لأنه لازعيم لها ولا فكر ولا مفكرين , والتأكيد على أن كلامه ثرثرة خاضع لمعيار البرهنة , أي يجب برهنته ,عدم المقدرة على البرهنة يمثل اهانة لاموجب لها لسيادته .
لقد غاب عن نباهة الرئيس شيئ رئيسي يتعلق بالزعامة والعصر المتعولم , ثقافة العصر السياسية الآن هي غير ثقافته قبل قرن أو نصف قرن , العصر اليوم لايعرف الزعامات الشخصية ولا الأشخاص , العصر يعرف الجماعيات ..قيادة جماعية ! على سبيل المثال , يوكل الشعب مجموعة لتحمل أعباء القيادة لمرحلة قصيرة نسبيا بشكل دوري , النموزج الأسدي هو في غاية الندرة والغرابة , الأسد هو رئيس الجمهورية الوحيد في العالم الذي ورث كالملوك , وهذا ليس دليل جودة , وانما دليل شواذ فاقع . العصر لايحتاج الى أسد الى الأبد , ولا يحتاج الى معلم الا في ممارسة كار المافيوزات ..اننا في عصر المجموعات والقيادات الجماعية , ولسنافي عصر كوريا الشمالية أو سوريا الأسد .
ثم هناك سؤال بسيط جدا عن الزعامة الأسدية ومقوماتها وقوتها , وكيف يمكن للرئيس الراحل ولوريثه أن يكونوا زعماء شعوب , هل الثامن من آذار ثورة أو انقلاب , وهل حافظ الأسدهو بمثابة ماتسيتونج أو غيفارا أو كاسترو أو مانديلا أو غاندي أو انه الأقرب الى هتلر وستالين وموسوليني ؟؟؟ زعامة العصابة المافيوزية تختلف جدا عن زعامة الشعب , لقد انقرضت زعامة اشخاص لشعوب , وما بقي هو زعامة أشخاص لمافيوزات , وهذا هو حالنا السوري الآن للأسف , وتحول سوريا الى ىسوريا الأسد , ومن يظن على أنه يزعمها الى زعيم كلاسيكي للمافيا , هو بمثابة خروج من تاريخ الدول ودخول في تاريخ العصابات .
الثورة تعريفا هي عبارة عن احداث تغيير حاد , يريد بأشكاله حتى المتطرفة الوصول الى نقيض وضع آني , لا تختلف الثورة عن التطور العادي سوى من حيث الكيفية والكم …من حيث الكيفية كما , ومن حيث الكم كيفيا , فأوروبا تمثل في تطورها ثورة مستمرة تسير بسرعة متغيرة بسرعتها أو كميتها أوكيفيتها ,لتحقق أقصى مايمكن تحقيقه من تقدم ونجاح وايجابيات , وذلك بعكس “ثورة “الثامن من آذار أو ثورةالعقيد المرحوم معمر بو منيار … انها مهزلة أسد آذار ومهزلة معمر بو منيار …
بالنظر الى الميول العالمية العامة للقيادات الجماعية, التي تقزم الشخص الفرد القائد الزعيم … الى حد الالغاء , اضمحل مفهوم الزعامات والقيادات الفردية عموما , ويبدو على أن الشعوب العربية وصلت الى حد القرف من الزعامات والقيادات والقادة الأفراد بحق , وهل يوجد في العالم العربي من قائد الا وأزمن قسرا , وهل يوجد في العالم العربي من زعيم الا وبلغ القمة في فساده ولصوصيته وعدائه للتقدم واحترام الحريات ,ثم مناعته ضد التحول الديموقراطي , وحرصه على اثارة النعرات الطائفية والقبلية ,
ثم يأتي الرفيق بشار و ينتقد عدم وجود زعامة لما يصفه بأنه ليس بالثورة , انها ثورة لأنه لازعامة تقليدية شخصية لها في القرن الحادي والعشرين ,انها ثورة لأنها جماعية شعبية , والغريب في هذا المخلوق الأسدي ذلك الغباء وعدم المقدرة على التعلم , ما هو معروف بخصوص الأشخاص والثورات وتطور ذلك في مئات السنين الأخيرة الى الشكل الجماعي ,هو من مستوى الحلقة الاعدادية – الثانوية في المدرسة ,
يفتقد الرئيس الرفيق بشار القيادة في الثورة , وبالتأكيد لايشك بوجودها في السلطة , وزعامة السلطة ليست زعامة حقيقية فقط , وانما لها علاقةبالسلالة وغير ذلك من المزايا التي لايملكها الا من انحدر من سلالة الأسد , القريبة من الآلهة , وبالرغم من القرب من الله , حيث هناك الثلاثي الله سوريا والأسد فقط , والثلاثي أبدي لايعرف الزوال أو الانحلال ., ولا يحتاج الى تحسين حاله بالفكر مثلا , لأن الثلاثي كامل الأوصاف لاشائبة ولا شوائب , الثلاثي هو دين له دوغماتياته وديكتاتوريته المباركة ..كل العباد في سوريا هم عبيد الله والأسد , وهذا شرف رفيع لهم, كلامهم مقدس , وكيانهم أقدس ورفضهم كفر , والكافر يؤول الى نار جهنم أو الى المحرقة السورية ..الأسد أو نحرق البلد , ومن الطبيعي أن لاتتوفر هذه الخواص في الثوار , فبدلا من الدوغماتيكيةالأسدية , هناك الفكرية الثورية , التي لايستطيع الله بشار التعرف عليها , وما لفت نظري في خطابه الأخير كثرة التأتأة وقلة القهقهة عنده , ثم صعوبات التشكيل , لقد فتح المكسور , وضم المفتوح وفتح المضموم , وقد كان من الصعب فهم مضمون بعض المفردات , ولماحاول سيادته تفسير بعض العبارلت استحال فهمعا ..ضبابية فسرها بضبابية أقل وضوحا , والأمر لاعلاقة له هنا بالضبابية , وانما بخاصة الفكر الثوري , الذي يظن الرئيس على أن الثورة لاتمتلكه , وهنا يجب القول للرئيس باختصار على أن وضع الفكر , وخاصة الثوري منه في سوريا بألف xيلر , وذلك بالرغم من أصولية الرئيس في عدائه المتوارث للفكر , لقد هرب الفكر للطبع في بيروت والقاهرة والكثير من الدول الأوروبية , وفكر أدونيس الثوري لم يطبع في عرين الأسد , حاله حال صادق جلال العظم أو جورج طرابيشي أو ياسين الحاج صالح أو ميشيل كيلو أو ممدوح عدوان أو فكر الطيب تيزني , ثم ان فكر أنطون سعادة بقي محظورا لعشرات السنين , وفكر ميشيل عفلق بقي ممنوعا من الأسدية لحد الآن , ناهيكم عن الحكم على عفلق بالموت شنقا , ثم تنفيذ حكم الاعدام اصلاح الدين البيطار , ودفع أدونيس الى الهروب الى فرنسا حيث كرمته ألمانيا مؤخرا , وبهذا المناسبة أحب التنويه الى رسائله للرئيس , التي لم يحاول سيادته التعرف عليها ناهيكم عن فهمها من قيل السيد الرئيس , الذي لايستطيع فهم رسائل أدونيس , وذلك بالرغم من خبرته وحذاقته بفهم تعقيدات الألعاب الاليكترونية في الكومبيوتر , وياسين الحاج صالح الذي كرمته اوروبا عام ٢٠١٢ هو هارب في البيداء السورية وفكره محجوب من قبل الأسد , وفي سجون الأسد قضى ١٦ عاما دون أن يعرف من الأسباب الا المادة ٢٩٨.
هناك بحور من الفكر الثوري ومن المفكرين الثوريين , وأعد من يرغب بالتعرف اعلى بعضهم باني سأقوم بالتعريف بهم في مقالات مخصصة لذلك , وما قاله الأسد بهذا الخصوص في خطابه هو قمة الهراء والمراوغة , الثورة لاتفتقد الى الفكر ولا تفتقد الى المفكرين , والأسدية هي التي حاربت الفكر والمفكرين بالسيف والساطور , والبعث الأسدي لم ينتج ولا مفكرا واحدا حسب أدونيس .
من كل ذلك يجب القول على أن اتهام الرئيس للثورة بفقرها الفكري باهت وباطل , والقول انه لايوجد مفكرين في الثورة هو مراوغة قذرة ,وقول الرئيس لى ان الثورة ينقصها القائدأو الزعيم ينم عن جهل فاضح , والموضوع الذي حدثنا سيادته عنه هو موضوعع في علم الثرثرات ولا علاقة له بعلم الثورات .