انتعاش الطائفية , هو المسمار الأخير في نعش الوطن
مواقف النظام من احداث تدهور البلاد مثيرة للعجب , النظام يصر على أنه كفؤ لقيادة البلاد , ويعتبر أي محاولة لتغييره مؤامرة دنيئة وخيانة عظيمة , الا أنه لايكف عن ترويج الفرضيات التي تقول , ان لاعلاقة له بما يحدث , فعلى الحدث السوري يسطر رجال المؤامرة والامبريالية العالمية والصهيونية , وكأن كل هؤلاء يحكمون البلاد بما يقارب نصف مليون عسكري وعدد من اجهزة القمع والمخابرات والشبيحة يتجاوز العشرين , ثم يخرج المارد الطائفي متربعا على كرسي قيادة الحدث وصياغته , والنظام بريئ من المارد الطائفي ومن الطائفية وترويجها ..!!هكذا وبكل بساطة , النظام يقول اضافة الى ذلك على أنه يحارب الطائفية والفئوية , الا أننا في المحصلة لانجد الا أحط أشكال الطائفية والفئوية , والنظام لايجد في امتلاك العائلة لحوالي 70 الى 80% من مقدرات البلاد المادية أي شيئ فئوي أو طائفي , كما أنه لايجد في كون 52750 ضابط فوق رتبة الملازم من الطائفة العلوية , والباقي أي 7500 من الطوائف الأخرى المسيحية والسنية (من أصل 60000 ضابط) كما أنه لايجد في انتماء 83 ضابط من أصل 90 ضابط من الضباط الكبار جدا جدا الى الطائفة العلوية , ونصف هؤلاء ينتمون الى العائلة الأسدية , كل ذلك برسم مكافحة الطائفية , التي يقوم بها نظام يصف نفسه بأنه علماني حيث أن مرشده الداخلي هو البوطي الذي يتحدث يوميا مع الله , الذي قال له بصريح العبارة على أن الحرب ضد سورية هي كونية واركانها هم الجن , وقد وافقه على هذه النظرية المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية والجمهورية السورية , الذي أخبره المهدي عن طريق الموبايل عن موضوع الجن والشياطين , الذين يتربصون بأسد سوريا وبسوريا الأسد .
الممارسات الطائفية , التي يدعي النظام محاربتها بلا هوادة !, بلغت شكل التصفيات والقتل على الهوية , وبالرغم من كونها محدودة لحد الآن , الا أنها تسيطر نفسيا على الوجدان السوري , الذي يفسر بها كل شيئ , أي أنها محدودة على الأرض وطاغية تماما على الوجدان , انها الحاضن لادراك المواطن , سيان ان كان هذا الادراك موضوعي أو افتراضي ,اننا أمام مشكلة طائفية الوعي , بدون أن نملك وعيا طائفيا تنظيميا كما هو حال لبنان , الطائفية في سوريا منفلتة من كل اطار ينظمها عن طريق المحاصصة الطائفية المنحطة مثلا ,التي أصبحت للأسف فضيلة ضرورية , بعد أن كانت رزيلة ممقوتة , ضحكنا من اللبنانيين دهرا , وهم الآن يضحكون منا وعلينا …كل ذلك لايمكن ان يكون ثمرة للعلمانية , ولا يمكن أن يكون نتيجة لمحاربة السلطة للطائفية ,انتعاش الطائفية يمثل ارادة السلطة , وانتعاش الطائفية هو آخر المسامير التي تدق في نعش الوطن , والسلطة بريئة من دم الوطن براءة بيلاطس من دم المسيح !
ثم ان الطائفية المنتعشة تتطور وتتوسع وأصبحت تسيطر على “ادراك” المشهدد العام , وكل ذلك يحدث , دون أن يكون باستطاعة السلطة استخلاص العبر من الواقع , بغية عدم تكرار الأخطاء , حيث أصبح القول على أن السلطة تريد تلك الممارسات الطائفية عامدة متعمدة , قولا لايتصف بالبعد عن الواقعية , انها تريد ذلك فعلا , قولا وعملا , وذلك على الرغم من أن النتيجة الوحيدة للاقتتال الطائفي هي الخسارة للجميع , وأكبر الخسائر ستكون من نصيب الأقليات , التي يدعي النظام حمايتها .
عمليا لايوجد شك بعلاقة النظام أو رجاله بتدبير التصفيات الطائفية , بغية خلق رعب من عواقب سقوطه , وخلق الرعب والخوف من المستقبل تدنى الى مستويات منحطة , مثل ترويج اخبار عن حرق الجيش الحر للمواد الكحولية …وكأن حرق عشرة صناديق ويسكي هو المهم في أزمة الوطن الوجودية .. ثم اخبار تنشرها ابواق النظام عن رفع رايات القاعدة على المعابر الحدودية مع العراق أو تركيا , وكأن هذه الظواهر الهامشية هي التي تحدد مصير الوطن , النظام لايعطي أي جواب مقنع عن اسباب هذه الحالة ,يقول السبب هو تدخل الخارج بالداخل السوري , وهل الخارج كان المسبب للفساد والاستبداد والقمع ؟
ايقاف العنف لايتم في الأتون الطائفي , ايقاف العنف لايتم عن طريق عنف الحل الأمني , ايقاف العنف لايتم عن طريق وأد السياسة , وايقاف العنف لايتم عن طريق ممارسته , الانتقام سيقود الى انتقام , والخاسر الأكبر هم الأقليات , ولا يمكن حماية الأقليات والأكثريات الا عن طريق الديموقراطية , التي لاوجود لها في فلسفة النظام.