استنعصاء المرض السوري على الدواء

ويأتي الابراهيمي مقترحا ما اقترحه  عنان , وقف اطلاق النار  بين جماعات  ليس لها من وسيلة الا النار , لقد فشل عنان في خطة  الالتفاف  على النار التي حرقته , وسيفشل الابراهيمي  وستحترق اصابعه  في النار  التي يضرمها مريديها  الذين ظنوا على انهم سيستفيدوا منها , ومن ارغم على اضرامها , والآن  , بعكس ماتوقع البعض,  أصبح يستفيد منها , انها   السلطة , التي ظنت على أن الحل الأمني العسكري سينقذها ,  وانها المعارضة المسلحة  , التي ارغمتها السلطة على النزال المسلح ,  وبعكس ماتوقع كثيرون , تحصد هذه المعارضة المسلحة , التي بدأت من الصفر قبل عام تقريبا , النجاح العسكري تلو الآخر ,وأصبحت تسيطر على أجزاء كبيرة من البلاد  ,  والحسم الحاسم  الذي  بشرت به السلطة مرارا  أصبح وهما .

الابراهيمي   يريد علاج الوضع بعلاج الهدنة , التي تبدأبالأعياد ثم يجري مطها  الى مابعد الأعياد  , ولربما  الى أجل بعيد ,  وعنان فعل نفس الشيئ  , وقد كانت الظروف من جهة المعارضة  مناسبة أكثر , حيث لم تكن المعارضة العسكرية بتلك القوة الحالية , وكان من المتوقع ان  تقبل بهدنة , اما الآن فسوف لن تقبل المعارضة العسكرية عمليا  بهدنة مع النظام الذي   تلحق به الضربة تلو الأخرى , والنظام سيقبل الهدنة  نظريا  , كما فعل في مناسبات عدة , وضعفه المتزايد  قد يشجعه على قبولها عمليا , الا أن غروره   وغربته عن الواقع قد تمنع ذلك  ,  وليس  ذلك فحسب , وانما قبول الهدنة مع المعارضة المسلحة يعني  الاعتراف بها , ولا أعرف اذا كان النظام يعي هذه النقطة , فقد اثبت النظام على مر السنين  ضعفا في فهم  العديد من  التعاريف والمفردات  المستخدمة في التداول الدولي  السياسي , والضعف الأكبر كان في  فهم  عواقب بعض المسلكيات  والتصريحات  , كالتصريح بخصوص خذف أوروبا , أو اصطحاب الشبيحة الى جينيف من قبل  نائب وزير الخارجية  لكي يشبحوا هناك , أو  تصريح الرئيس بخصوص  عاطف نجيب ..انه حر طليق  , لأنه لا يوجد ادعاء شخصي ضده , وبذلك تجاهل أو عدم معرفة وظيفة المدعي العام  في دولة ..الأمثلة على جهل السلطة   أكثر من أن تعد أو تحصى .

الهدنة التي يتوقع الابراهيمي نجاحها  تعني عمليا  سد كل طريق لحل المشكلة  , سياسيا من غير الممكن  حل أي شيئ , وعسكريا توجد هدنة , وكيف الحل  ؟

قد تعني الهدنة تأجيل الحل بعض الأسابيع   أي الى بعد الانتخابات الأمريكية  , وقد  يشكل موضوع الانتخابات   تشجيعا للسلطة لممارسة بعض   التأني  في عسكريتها  وقصفها للمدن  بالطائرات , حيث أن هذه الواقعة فريدة من نوعها  في التاريخ البشري , لايعرف التاريخ البشري  قصفا عشوائيا للمدن والقرى والأحياء السكانية  بهذه الشمولية لكامل البلاد من الشمال الى الجنوب  ومن الشرق الى الغرب ,فبعض دول أمريكا   الجنوبية تعرف قصفا  لمراكز المتمردين  في الغابة مثلا  , اما أن يشمل القصف  كل مدينة في البلاد  , فهذا أنجاز أسدي  بامتياز  , وليس غريبا أن لايعرف الأسد عواقب ذلك  داخليا وخارجيا , فالأسد لم  يعرف أشياء أهم  منها مثلا  فراغ فرضية المقاومة والممانعة من أي حياة  , ومنها مثلا  تصريحه بشأن مناعة سوريا الأسد   ضد الثورة  , وهو الذي  اعترف  بعدم وجود ديموقراطية في سوريا , ولم يخطر على بال الأسد , ولحدالآن, على أن الشعب , وأي شعب, يريد الحرية والديموقراطية , ثم انه لم يخطر على بال الأسد  تفاهة  الحزب الواحد في القرن العشرين والحادي والعشرين ,  ولم يكن بمقدور الأسد  التأكد من ان له شريكا واحدا في هذا العالم هي المنبوذة  كوريا الشمالية (الحزب الواحد والتوريث  في جمهورية), ونباهة الأسد  لم تكن كافية لادراك دلالات كون 90% من  أكبر  ضباط الجيش  ينتمون الى 10%  من  سكان البلاد , ولم يدرك الأٍسد على أن هذه المعادلة معرضة للتفسير الطائفي , كما أنه لم يدرك مغبة كون  كل المراكز المهمة بيد أفراد العائلة   ..من الأخ الى الصهر الى  اولاد الخالة والعمة والأخوال والأعمام , والقول بأن رستم غزالة سني  , وداوود راجحة مسيحي  لايكفي لنزع  النزعة الطائفية عن السلطة  ,لقد ظن الرئيس على أن نوعا من “الانصاف ” الطائفي  يمثل  اللاطائفية , ظن قاصر ! الانصاف الطائفي  هو  أحد أهم  أسس الطائفية , والأمثلة على  قصور فهم الرئيس  للعديد من الاشكاليات  أكثر من أن تعد , وخراب البلد ثم الحرب الأهلية  ليس الا  برهانا  على  قصور فهم الرئيس  لوظيفته ومهماته , ومن أهم قصورات الرئيس  هو سعيه  على  ان تكون السلطة بيده  من  الألف الى الياء , حيث لايوجد في العالم رئيسا  بصلاحيات مطلقة الا الأسد , ونتيجة الأمر  هو انه لايوجد في العالم   رئيسا   فاشلا كالأسد , وهل يجري في العالم تدمير دولة الآن الا تدمير سوريا ؟؟؟والأسد لايدرك ذلك للأسف !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *