تسريبات عن تشكيل فرقة حربية قوامها المتواجد من الشبيحة وغيرهم من المتطوعين , بقصد الدفاع عن النظام ,.
لايمكن القول على أن هذا الخبر كان مفاجأة , هذه الفرقة قائمة الآن بشكل ليس منظم تماما , ولهذه الفرقة سوابق , هناك سرايا الدفاع ورفعت الأسد , وهناك فرقة المداهمة بقيادة المرحوم آصف شوكت , التي كان لها نشاطا ملحوظا في أحداث 1982 ..وهناك الحرس الجمهوري , والعديد من الفرق المخصصة فقط للدفاع عن السلطة ورأس السلطة .. مقارنة عدد العساكر المفروزين لحماية السلطة مع عدد العساكر المفروزين لحماية حدود الوطن من العدو الخارجي يقود الى حقيقة مرة , فعدد العساكر المفروزين لحماية السلطة وخاصة رأس السلطة أكبر من عدد العساكر المسؤولين عن الدفاع الخارجي , وتسليح العساكر مختلف , كما أن التدريب مختلف ..كل ذلك لصالح الفرق التي تهتم بوضع الرئاسة , أي الوضع الداخلي ., ومن هنا يمكن الاستنتاج على أن أول مهام الجيش ليس المقاومة والممانعة نحو الخارج , وانما المقاومة باتجاه الداخل, أي باتجاه اعداء السلطة من الداخل .
هذه الحقيقة مرة , والحصول على الأرقام التي تبرهن عن ذلك سهل جدا , تكفي الأرقام عن عدد جنود الحرس الجمهوري , وعدد عساكر الفرقة الرابعة , ثم عدد الشبيحة وعدد مايطلق عليه اسم عليه لجان الدفاع , مضافا اليه عدد أفراد مختلف أفراد اجهزة الأمن ..أمن سياسي ..امن عسكري .. مخابرات جوية ..فرع فلسطين وغيرهم من أجهزة الأمن التي لا أعرف اسمائها جميعا ..أظن يوجد حوالي 18 جهاز أمني , ونشاط هذه الأجهزة موجه داخليا , ولهذا العدد دلالات عديدة .
أهم دلالة لعدد هذه الأجهزة هي ضخامةالتهديد التي تشعر به السلطة من المعارض أو العدو الداخلي , ولو كانت شعبية السلطة وشعبية رأسها على درجة مرتفعة كنتائج الاستفتاء (99%مع الرئيس) , لما كانت هناك حاجة لمئات الألوف من المحاربين , عدد هؤلاء يتناسب عكسا مع الشعبية , ويتناسب عكسا مع انتشار ثقافة العنف في البلاد , الرئيس يأتي بوسيلة العنف , ويذهب أيضا بأسلوب العنف ..انقلابات واغتيالات وتصفيات وسجن حتى الممات , سلطة ذات حاضن شعبي لاتحتاج الى الرقم القياسي في العالم لعدد المساجين السياسيين , ولا تحتاج الى التعسف والعنف بحق المواطن , واستخدام القوة ضد المواطن هو البرهان على الضعف الشعبي , وهو البرهان على أن الحاضن الشعبي للسلطة هزيل جدا, وليس كما يقول مؤيدوا السلطة , على أن 90% من الشعب يؤيد هذه السلطة , التأييد الساحق لايستقيم مع اقتناء الوسيلة الساحقة ..السلطة مفلسة في هذا الخصوص !.
العزم على تنظيم الشبيحة وتشكيل فرقة خاصة منهم تعدادها حوالي 60 ألف مقاتل , ومهمتها الدفاع عن السلطة , ليس دلالة عن قوة هذه السلطة , وانما دليل على حاجة السلطة الماسة الى التقوية , ولهذه التقوية في هذه الظروف عواقب وخيمة .
البلاد مرشحة للتقسيم على أساس مذهبي , والتطور في هذا الاتجاه واضح , وسيكون لشكل هذه الفرقة قاعدة مذهبية , أي انها ستكون علوية على شاكلة الحرس الثوري الايراني الشيعي , وقد قاد الوجود الغير رسمي للشبيحة الى استقطاب مذهبي في البلاد , وهذا الاستقطاب يعني على أن معظم المعارضة المسلحة أصبح “سني” لأن معظم العسكر المؤيد والشبيحة والمتطوعين أصبح علوي , وبنتيجة هذا التطور يمكن الآن التحدث عن حرب طائفية , أما بعد تشكيل الفرقة المؤلفة من ستين ألف علوي قوامهم الشبيحة , فسيصبح الوضع واضحا جدا , انها حرب طائفية بامتياز , وهذه الحرب الطائفية ستقود الى التقسيم الجغرافي للبلاد “طائفيا” , وذلك لأنه من غير المنتظر أن ينتصر الأسد بحوالي 10% من الشعب السوري على 90% من هذا الشعب , وسوف لن يكون بالامكان زج أقليات أخرى في أتون الحرب , لأنه ليس للأقليات الأخرى ناقة أو جمل في حرب من هذا النوع , الأكراد سيعلنوا انفصالهم , ومسيحيي البلاد سيهاجرون , ومن يظن على أن المسيحيين سيحملون السلاح لصالح جهة معينة فقد أخطأ , لامصلحة لهم بذلك , ونصف القرن الماضي لم يبرهن على أن المسيحيين كانوا من أصحاب الامتيازات , ففي الخمسين سنة الأخيرة نقص عددهم الى النصف تقريبا , وتناقص عددهم بهذا الشكل ليس دليلا على ارتياحهم وسرورهم بالوضع , لذا سيبقى تأييد بعضهم للسلطة شكلي , ويقتصر على اجبار رجال الدين المسيحي لاطلاق التصريحات المؤيدة للسلطة , كما هو حال البطرك لحام , الذي تشبح قسرا , في حين لاذ زميله الأوثودوكسي بالهروب الى بيروت , ويلوذ الشباب المسيحي المطلوب الى خدمة العلم الآن بالهروب الى لبنان والى أوروبا , وسوف يتملص مسيحيوا سوريا من ربط مصيرهم بمصير الاسد, والى جانب العرعور سوف لن يحاربون , لذا ليس امامهم الا الهجرة , التي سوف تستفحل .
انزواء الأسد المتوقع في القرداحة وجوارها , سوف لن يكون نهاية المطاف , ومن قال على أن اكثرية الشعب السوري تريد دولة علوية ؟ ثم من قال على أن أكثرية العلويون يريدون دولة علوية ؟ هناك أقلية تريد ذلك بدون أي شك , وهذه الأقلية ستحارب من أجل ذلك , وستخصر الحرب بالنهاية ,ليس لأسباب داخلية فقط , وانما لأسباب خارجية أيضا , فتركيا لاتريد ذلك والغرب لايريد ذلك (بسبب حزب الله) والدول العربية لاتريد ذلك أيضا , وسنرى بعد الانتخابات الأمريكية , على أن العالم لايزال وحيد القطب , لقد أصاب روسيا والصين بعض الانتفاخ والتورم , وقليل العقل من يظن الآن وحتى في الخمسين سنة القادمة , على أن روسيا اضافة الى الصين ومعهم حزب الله والرئيس أحمدي نجاد والرئيس الأبدي الأسد مع فنزويلا وكوبا , قادرون على مواجهة الغرب عسكريا أو اقتصاديا ..يظنون ذلك !ان بعض الظن اثم !
وحتى في القرداحة سوف لن ينعم الأسد بالهدوء , هناك في القرداحة وغير القرداحة الكثير من المواطنين , الذين لم يفقدو عقولهم , والذين لايريدون مصيرا كمصير الأسد المنبوذ , وهناك الكثير من الذين لايريدون الموت من أجل رامي مخلوف , ولماذا الموت من أجل رامي ؟ هل يموت رامي من أجل أحد ؟
اذا كانت ممارسة الطائفية هي الخلل الذي يمارسه الأسد , فيجب على معارضيه الابتعاد عن ممارسة مشابهة , وما نسمعه من البعض حول الصفوية وغير ذلك (يوم أمس في الاتجاه المعاكس) لهو اجرام لايقل ضراوة عن اجرام الأسد , فلينتبع البعض الى تعابيره وكلماته , التي لايمكن القول الا أنها شديدة الانحطاط